«كابوسًا مُروِّعًا»: بالأرقام.. من يفوز لو قامت الحرب بين إيران وإسرائيل؟

متابعات | 15 مايو | مأرب برس :

كان هذا هو الخبر الذي أعلنت عنه وكالة الأنباء الفرنسية كخبرٍ عاجلٍ صباح أمس، وذلك في تغريدة على حساب الوكالة على موقع التغريدات الأشهر «تويتر». الضربات العسكرية الإسرائيلية جاءت ردًا على إطلاق 20 صاروخًا إيرانيًا من سوريا على مرتفعات الجولان، وذلك وفقًا للجيش الإسرائيلي.

وفي الوقت الذي حمَّلَت إسرائيل فيه «فيلق القدس» مسؤولية الصواريخ التي سقطت على الجولان، فإن قوات الدفاع الإسرائيلية أعلنت أنها اعترضت أربعة صواريخ، وأنه لا توجد أي إصابات من الجانب الإسرائيلي؛ وذلك نظرًا لأن بقية المقذوفات سقطت في سوريا، وليست على إسرائيل، كما أنه لم يتم الإبلاغ عن أيّ إصابات في الداخل الإسرائيلي.

الرد الإسرائيلي على الهجوم الأول المباشر من قِبل قوات إيرانية على قوات إسرائيلية جاء شديدًا؛ حيث ضربت إسرائيل عشرات المواقع التابعة لقوات «فيلق القدس» التي يقودها الجنرال قاسم سليماني، وهو الهجوم الذي اعتبر الهجوم الأكبر منذ عشرات السنوات؛ إذ قالت إسرائيل إنها ضربت مرافق تخزين الأسلحة الإيرانية، ومناطق الخدمات اللوجيستية، ومواقع جمع المعلومات الاستخباراتية الإيرانية في سوريا.

الهجومان اللذان اتخذا الأربعاء والخميس الماضيين موعدًا لهما لم يسبق لهما مثيل؛ حيث إن هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها إيران باستهداف قوات إسرائيلية بشكلٍ مباشرٍ، وهي العلامة التي تعني أن حرب الظل بين العدوين الدائمين: إيران، وإسرائيل، في طريقها للظهور إلى النور. هل تبدأ الحرب بين إسرائيل وإيران؟ ومن يفوز في حال حدوث ذلك؟

الهجوم الإسرائيلي الأكبر منذ حرب 73.. هل هي الحرب هذه المرة أيضًا؟

قصفت القوات الإسرائيلية أكثر من 50 موقعًا في سوريا؛ سواء كانت مواقع سورية، أو مواقع إيرانية، في وقتٍ مبكر من صباح الخميس، وذلك ردًا على الهجوم الصاروخي الذي شنته قوات «فيلق القدس» الإيرانية في سوريا باتجاه مرتفعات الجولان المحتلة من قِبل إسرائيل.

وفي الوقت الذي يُعتبر فيه قصف مواقع إسرائيلية في منطقة الجولان من قِبل قوات إيرانية المرة الأولى، وتبدأ فيها إيران مواجهة مباشرة تجاه إسرائيل، فهي أيضًا المرة الأولى منذ حوالي 45 عامًا، وتحديدًا منذ حرب 1973، التي تقوم فيها إسرائيل بأكبر تدخل عسكري لها في سوريا.

من جانبه، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مقطعًا مُصوَّرًا باللغة العبرية، تم نشره على الحسابات الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة؛ حيث قال فيه: إن «إيران تجاوزت الخط الأحمر». كما أكد «نتنياهو» أن جيش الدفاع الإسرائيلي تعامل بالتصعيد على الهجوم الإيراني على الجولان، مشيرًا إلى أن «إسرائيل ستنتصر في صراعها المستمر ضد إيران، والوجود العسكري المستمر للقوات الإيرانية في سوريا لن يُتسامح فيه». وتعهَّد «نتنياهو» بالرد بقوة على أي هجوم من جانب إيران قائلًا: «لقد وضعت مبدأً أساسيًا.. من يضربنا سنضربه بسبعة أضعاف ضربته».

من جانبه قال أفيجدور ليببرمان، وزير دفاع جيش الإحتلال الإسرائيلي: إنه على الرئيس السوري بشَّار الأسد «إلقاء القوات الإيرانية خارج بلاده»، محذرًا من أن استمرارهم في الداخل السوري لن يأتي سوى بالمشكلات. كما وجَّه «ليبرمان» رسالته إلى الأسد قائلًا: «اطرد الإيرانيين، واطرد قاسم سليماني، واطرد فيلق القدس؛ إنهم لا يساعدونك، بل يؤذونك وحدك».

وفي الوقت نفسه، أكد «ليبرمان» أن إسرائيل لا تسعى إلى التصعيد ضد طهران، محذرًا أن إسرائيل أكدت منذ فترة طويلة أنها لن تقبل بأن ترسخ إسرائيل نفسها عسكريًا في سوريا المجاورة لها، قائلًا: «لم نذهب إلى الحدود الإيرانية، ولكنهم هم من أتوا إلى هنا».

بوادر الحرب بدأت من قبل.. ولكنها تتصاعد الآن

التطورات الأخيرة المتعلِّقة بضرب مواقع إسرائيلية، وإيرانية، وسورية، خلال الأيام الثلاثة الماضية، يمكن أن تمثل الصراع الأكثر تصاعدًا بين إيران وإسرائيل، ولكن المؤكد الآن هو أن هذه التطورات لم تكن هي الأولى؛ حيث قامت إيران بإرسال طائرات مسلحة بدون طيار عبر الحدود مع إسرائيل، وذلك خلال الأشهر الثلاثة الماضية؛ ما دفع إسرائيل بالرد بعدة غارات جوية على القوات السورية والإيرانية، ولكن الأمر لم يصل من قبل إلى استهداف 50 موقعًا مرة واحدة مثلما هو الحال الآن.

الجدير بالذكر أن زيادة التصعيد في الوقت الحالي قد يعود بشكلٍ رئيس إلى قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني؛ وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران من جديد، فربما هذه الخطوة ستكون دافعًا لإيران من أجل مناهضة المصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.

وفور إعلان ترامب يوم الثلاثاء قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، أعلنت إسرائيل أنها في حالة تأهب قصوى بشأن أي نشاط غير منتظم للقوات الإيرانية في سوريا، وأصدرت تعليمات للسلطات باستعداد مخازن القنابل في مرتفعات الجولان استعدادًا لأي أعمال عدوانية إيرانية، وهو ما حدث فعلًا وقامت إسرائيل بالرد عليه؛ مما أدى إلى مقتل 11 شخصًا من قوات فيلق القدس الإيرانية في سوريا.

الجدير بالذكر، أنه لا أحد يعلم ماذا تنوي إيران فعله؛ خاصةً في ظل الصمت الملحوظ منذ أيام، وعلى الأرجح فإن هذا الصمت جاء نتيجة إحراج الضربات الإسرائيلية للقوات الإيرانية، أو عدم رغبتها في إشعال صراع أكبر مبكرًا، أو حتى نظرًا لحاجتها إلى إعادة ترتيب أوراقها، خاصةً في ظل تدمير عدة مواقع لها، ولمخازن أسلحتها في سوريا بسبب الضربات الإسرائيلية، لكنَّ المحللين يرون إن إيران أقل قدرة على التراجع في الوقت الحالي.

كيف ستبدو «حرب الجبهات الثلاث» في حال اندلاعها؟

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، أن الحرب القادمة التي ستشنها إسرائيل ستحدث على الأرجح في ثلاث جبهات في نفس الوقت، حيث أوضح أن الجبهة الشمالية لن تقتصر على الحرب ضد «حزب الله» اللبناني فقط، بل ستمتد لتشمل سوريا أيضًا.

وقال «ليبرمان»: إنَّ الجيش اللبناني فقد استقلاليته وأصبح جزءًا لا يتجزَّأ من حزب الله اللبناني، وبالتالي فإن الجبهات الثلاث، هي: حزب الله في لبنان، والقوات الإيرانية المتواجدة في سوريا، وعلى رأسها «فيلق القدس»، بالإضافة إلى حركة «حماس» في قطاع غزة، فهل تستطيع إسرائيل أن تحارب في ثلاث جبهات في الوقت نفسه؟

بدايةً من حماس، فإن القيادة العسكرية العليا في إسرائيل قلقة بشكلٍ عامٍ بسبب احتمال اندلاع أعمال عدائية بين إسرائيل وحماس، والتي من المحتمل أن ينضمَّ لها حزب الله وإيران، أو العكس؛ أي أن تندلع أعمال عدائية من حزب الله، وتقرر حماس وإيران المشاركة فيها ضد إسرائيل، أو السيناريو الثالث المتاح ببداية الأعمال العسكرية من إيران، ومشاركة حزب الله وحماس فيها ضد إسرائيل أيضًا.

المخاوف لدى إسرائيل هو أنَّ هذا الأمر سيجبر إسرائيل على القتال على ثلاث جبهات؛ وهو ما من شأنه أيضًا أن يوفر للفلسطينيين في الضفة الغربية الفرصة للقيام بانتفاضة ضد الاحتلال، خاصةً في الوقت الذي تقترب فيه بشدة مراسم افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، والمقرر لها الأسبوع المقبل.

وفي خطابٍ ألقاه في وزارة الخارجية في ذكرى الإسرائيليين الذين قتلوا في تفجير السفارة عام 1992 في الأرجنتين، والذي اتهمت فيه إيران، صرح نتنياهو بأن النظام في طهران «يطمح لزرع علمه على أنقاض العالم الحر. إنه يواصل تهديده للقضاء على إسرائيل». ومن هنا يظهر أن نتنياهو كان يريد التأكد من أن واشنطن تدرك الخطر الذي ينبع من الوجود العسكري الإيراني في سوريا، وذلك من خلال إنشاء قاعدة لا تبعد كثيرًا عن مدينة القنيطرة، أي على بعد بضعة كيلومترات فقط من الحدود مع هضبة الجولان المحتلَّة من قِبل إسرائيل منذ عام 1967، وربما هذه الضغوط من قِبل إسرائيل كانت أحد الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لاتخاذ قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الأسبوع الماضي.

كيف تبدو الحرب نظريًا؟ وماذا عن مشاركة حماس وحزب الله؟

يُقدَّر الآن أن ما تملكه حماس وحزب الله يصل إلى ما يقرب من 200 ألف صاروخ قصير، ومتوسط المدى، يمكن للعديد منها أن يصل إلى أي هدف في إسرائيل قادمًا من الشَمال، وحتى إيلات في أقصى الجنوب، كما أن باستطاعتهما أن يمطرا معًا أكثر من ألف صاروخ يوميًا لمدة ما يقرب من سبعة أشهر.

وعلى الرغم من أنَّ نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي هو واحد من أكثر الأنظمة تطورًا في العالم، فإن إسرائيل ما زالت غير قادرة على اعتراض كل الصواريخ القادمة؛ وهو ما رأيناه في الأحداث التي جرت الأيام الماضية بين إيران وإسرائيل؛ حيث إن إسرائيل استطاعت فقط اعتراض أربعة صواريخ من ضمن 20 صاروخًا أطلقتها قوات فيلق القدس الإيرانية من سوريا.

وبالتالي، فمن الألف صاروخ التي بإمكان حماس وحزب الله إطلاقها في اليوم الواحد، يمكن لبضع عشرات منها أن تسقط على العديد من المراكز الحضرية الإسرائيلية؛ مما قد يتسبب في وقوع مئات الضحايا، وأضرار هيكلية ضخمة، خاصةً في المناطق التي تكون فيها الملاجئ ومراكز الاختباء والطوارئ إمَّا محدودة أو غير موجودة.

وبالإضافة إلى ذلك، ومن الناحية المجتمعية، فإنه قد يتم إغلاق الشركات ومراكز العمل والمشاريع لمدة أسابيع، وإمدادات الغذاء والدواء تصبح نادرة على نحو متزايد، وسيتم إغلاق المدارس، والمستشفيات ستعج بالجرحى والمصابين. وعلاوة على ذلك، سوف تكون الضغوط ضخمة على الجيش، خصوصًا إذا قررت إسرائيل غزو قطاع غزة ولبنان، في هذا الوقت تحديدًا سيكون على إسرائيل قصف المنشآت الإيرانية، ومواقع فيلق القدس في سوريا، بالإضافة إلى التغلب على الانتفاضة الفلسطينية، وحماية المستوطنين في الضفة الغربية، بالإضافة إلى صد أي هجمات قد تحدث من قِبل حزب الله أو حماس.

يبدو سيناريو كابوسيًا؛ قد تشعر الحكومة الإسرائيلية بأن عندها المبرر للقيام بقصف واسع النطاق على الجبهات المختلفة؛ ونظرًا إلى حقيقة أن جزءًا كبيرًا من صواريخ حزب الله وحماس مخزن في مناطق مختلفة محاطة بالسكان، فمن المحتمل أن يكون هناك عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين في حالة قررت إسرائيل استهداف هذه المخازن.

وعلاوة على ذلك، قد تجبر الهجمات ضد إسرائيل من قبل القوات الإيرانية في سوريا إلى قيام إسرائيل بقصف أهداف في إيران، مع التركيز بشكل رئيس على المنشآت النووية في البلاد. ومن هنا يمكننا الإجابة من الناحية النظرية، إسرائيل تبدو أقوى فنيًا، ولكن فوزها في الحرب سيكون النصر الأكثر تدميرًا في تاريخ الحروب في العصر الحديث؛ نظرًا لصعوبة المعركة وأطرافها المتداخلة، وجبهاتها الثلاث.

بالأرقام.. من ينتصر في حالة الحرب بين إيران وإسرائيل؟

الحرب بين إيران وإسرائيل تتضمن الكثير من التعقيدات، ولكن في حال حاولنا المقارنة بين القوات العسكرية لدى كل منهما، فقد نضع بعض التوقعات في حال قامت الحرب بالفعل بينهما، مستعينين بالمؤشر العالمي لأقوى جيوش العالم لعام 2018، والذي يصدر عن مؤسسة «جلوبال باور فاير»، ويتضمن ترتيب جيوش 136 دولة حول العالم وفقًا لعدة معايير مختلفة؛ حيث حلت فيه إيران في المركز 13 من أصل 136 مركز، بينما حلَّت إسرائيل في المركز 16 كأقوى جيوش العالم؛ أي أن إيران تفوقت طبقًا للأرقام على إسرائيل في هذه الحالة.

وبالمرور بتفاصيل الأرقام، والإحصاءات التي تخص كل جيش منهما؛ بدايةً من عدد الأشخاص القادرين على تأدية الخدمة العسكرية في حالة الحرب، فإننا نجد أن إيران، نظرًا لتعدادها الكبير الذي يتعدَّى 82 مليون نسمة، لديها ما يقرب من 40 مليون شخصًا يستطيعون تأدية الخدمة العسكرية، ومؤهلين طبيًا لها، في مقابل 3 مليون شخص فقط مؤهلين من إسرائيل، أمَّا بالنسبة لعدد المؤهلين عسكريًا للحرب، ومستعدين للقتال، فنجد أن التفوق ما زال في صالح إيران؛ حيث إنها تملك 934 ألف شخص مستعدين للقتال في الوقت الحالي، في مقابل 615 ألف شخص فقط لدى إسرائيل.

أمَّا من ناحية الإنفاق العسكري، فيمكننا أن نجد التفوق الواضح لدى إسرائيل في هذه الحالة؛ حيث إنها تنفق سنويًا ما تُقدَّر قيمته بـ20 مليار دولار على الميزانية العسكرية من ميزانية الدولة، بينما تنفق إيران ما يبلغ قيمته 6.3 مليار دولار فقط من ميزانيتها.

وتتفوَّق إسرائيل أيضًا من ناحية الأسلحة الجوية؛ حيث إنها تمتلك 596 طائرة حربية بأنواعها المختلفة، في مقابل 505 طائرة فقط لإيران، غير أن إيران تتميز بامتلاك 319 مطار أو قاعدة مجهزة للخدمة في الحرب، في مقابل 47 مطار أو قاعدة فقط لدى إسرائيل.

كما تمتلك إسرائيل 10575 مركبة مصفحة، في مقابل 2215 لدى إيران، غير أن عدد المدافع التي تمتلكها إيران يُقدَّر بـ2628 مدفع، في مقابل 950 مدفع لدى إسرائيل، كما تتفوَّق إيران أيضًا في أنظمة العرض الصاروخية بامتلاكها 1533 نظام، في مقابل 148 نظام صاروخي فقط لدى إسرائيل. ومن ناحية المعدات البحرية، فإنَّ إيران أيضًا تمتلك الأفضلية في هذا الأمر؛ حيث ها تمتلك 398 قطعة بحرية حربية، في مقابل 65 قطعة بحرية حربية فقط لدى إسرائيل.

ومن هنا، تبدو الأرقام متقاربة نوعًا ما، وهي كذلك بالفعل، ولكن بالحديث عن الأفراد والمعدات بشكلٍ عامٍ، سنجد أن إيران يمكنها الفوز في حالة لم تتدخل أي أطراف أخرى في المعادلة. والدليل على تفوق إيران عسكريًا هو وضعها في مركز أفضل من المركز الذي تحتله إسرائيل في قائمة أقوى الجيوش في العالم؛ إذ حلَّت إيران في المركز 13، وإسرائيل في المركز 16.

شفقنا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى