قبلة المسلمين الأولى ما بين التطبيع والتهويد.. أين الأمة؟!
متابعات | 15 مارس | مأرب برس :
منذ أكثر من 70 عاماً و”الكيان الإسرائيلي” يشنّ حملة عشوائية لتهويد القدس وفلسطين ككل، إلا أنه في العقدين الماضيين نظم الصهاينة وحلفاؤهم الأمريكيون حملتهم التهويدية وأتبعوها بحملة تطبيعية تهدف إلى خلق رأي عربي ودولي مساند لكل إجراءات السلطات الإسرائيلية في كل ما تقوم به من إجراءات تعسفية بحق الفلسطينيين والقدس. ويستهدف الأمريكي والإسرائيلي من هذه النظرية (التهويد + التطبيع) إضعاف الموقف العربي برمّته وإضعاف الطرف الفلسطيني وتجريده من أي أوراق ضغط يمتلكها إذا ما عاد إلى طاولة مفاوضات ليطالب بحقه في تحرير أرضه وإنقاذ مقدساته في فلسطين التي تتعرض لهجمات الاستيطان وخطط التهويد.
الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية
وفي هذا الشأن يقول محللون إسرائيليون: من أجل نجاح النظرية الإسرائيلية القائمة على التهويد والتطبيع يجب على الصهاينة العمل على جبهتين، الجبهة الداخلية والجبهة الخارجية.
على صعيد الجبهة الداخلية: تتعرض القدس والضفة الغربية منذ أكثر من 40 سنة لعملية تشويه لمعالمها وهويتها التاريخية عبر العبث بسكانها وعمرانها، وبالرغم من كل الخطوات المعلنة والخفية التي شهدتها سنوات الصراع الطويلة من أجل تهويد القدس إلا أن الشهور القليلة الماضية شهدت تزايداً متسارع الوتيرة للتعجيل بذلك وفرضه كأمر واقع، حيث أخذ الاحتلال يبني المستوطنات الإسرائيلية بشكل عشوائي و يسيطر على الأراضي ويهدم بيوت الفلسطينيين تحت ذرائع واهية كعدم حوزتهم على رخص وغيرها من الأمور.
وفي هذا السياق يقول المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد بن رعد الحسين في تقرير سيقدمه في التاسع عشر من الشهر الحالي أمام مجلس الأمن الدولي إن “إقامة وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بما في ذلك تقديم الحوافز الاجتماعية والاقتصادية والأمنية لسكانها، بهدف نقل السكان الإسرائيليين إلى أراضٍ تحتلها قوة محتلة، أمر يشكّل انتهاكاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف”. كما قال المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو خلال مشاركته في حلقة نقاش خاصة نظمتها جامعة القدس إن “الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية يُعد جريمة حربية ويشكّل انتهاكاً قانونياً واضحاً لميثاق روما ولقواعد القانون الدولي”.
ولم يكتفِ الصهاينة بالاستيطان، بل أخذوا يخلون المدينة من سكانها الأصليين في عملية أشبه بتطهير عرقي، وتحت ذرائع واهية صادق الكنيست الإسرائيلي على قانون يسمح لوزير الداخلية الإسرائيلي بإلغاء الإقامة الدائمة للفلسطينيين، الذين يعيشون في القدس الشرقية. ووفق منظمة “هيومان رايتس ووتش”، فإن 15 ألف فلسطيني طردوا من المدينة نتيجة لذلك. أما أولئك الذين تمكنوا من البقاء في المدينة، فيواجهون مجموعة كبيرة من القيود.
ويقول محللون صهاينة إن نجاح الخطة الداخلية مقترن أيضاً باستمرار فرض الحصار والضغوط على حركة حماس في غزة، وذلك من أجل إشغالها بالهموم المعيشية للناس وسوء الأوضاع الاقتصادية في القطاع وحرف نظرها عن القضية الأساس للأمة العربية والإسلامية وهي القدس الشريف. وفي هذا السياق يقول المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش كينيث روث إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة يمثل انتهاكاً لحقوق سكان القطاع، معتبراً مواصلة إسرائيل أعمالها الاستيطانية جريمة حرب وتعدياً صارخاً على القوانين الدولية.
على الصعيد الخارجي: يعمل الصهاينة والأمريكيون على تعزيز خطتهم الداخلية عبر خطة خارجية تمكّنهم من تحقيق أهدافهم المعلنة والمبيتة للقدس وفلسطين. وفي هذا الصدد، بُدئ العمل بالخطوة الأولى منذ 7 سنوات عبر إغراق الدول العربية والإسلامية بما يسمى بمظاهرات ” الربيع العربي” من أجل إشغال الشعوب العربية عن القضية الفلسطينية وتفتيت جيوشها وإشغالها فيما بينها لتدميرها وليبقَ في النهاية الكيان الإسرائيلي القوة الوحيدة في المنطقة. ومن أجل تحقيق ذلك أنشأت الجماعات الإرهابية مثل داعش وأخواتها في سوريا والعراق وأغرقت الشعوب العربية في مشكلاتها الداخلية وخلافاتها البينية.
وبعد نجاحهم في إشغال الشعوب العربية فيما بينها أتت الخطوة التالية عبر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 6 ديسمبر 2017 عن أن القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي متعهداً بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في أيار/ مايو المقبل ليفتح الباب على مصراعيه لباقي الدول العالمية من أجل اعترافهم بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي تيمناً بدولة عظمى اسمها أمريكا.
أما الخطوة الأخيرة والأكثر خطورة عمل الطرفان فيها على إجراء عملية غسيل للدماغ العربي الذي اعتاد أن يعتبر الصهاينة مغتصبين للحقوق الفلسطينيين، واستبدالها بفكرة أخرى مفادها أن الجمهورية الإسلامية في إيران هي العدو الرئيسي للعرب في المنطقة، حيث دفعت ببعض الدول العربية وخاصة الدول الخليجية منها إلى اعتبار إيران الإسلامية الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي وقيام بعضها بالتطبيع العلني مع الكيان الإسرائيلي كالبحرين التي أرسلت وفداً إلى “إسرائيل” رافعاً شعار التطبيع مع العدو.
ختاماً، تجمع كلّ المذاهب الإسلامية على حرمة التطبيع والتعامل مع “الكيان الإسرائيلي” إن كان على الصعيد الرسمي أو الفردي، ومن هنا تبرز أهمية مقاومة النظرية الأمريكية الإسرائيلية الجديدة الرامية إلى تجريد العرب والمسلمين من قوتهم ووحدتهم. ومن هذا المنطلق إن الشعوب العربية والإسلامية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتوحيد الصفوف والمواقف لإنقاذ القضية الفلسطينية وإلا فإن الشعلة الموجودة داخل كل عربي ومسلم شريف ستصبح ضعيفة المفعول والتأثير في الأوقات القادمة، كما أن حقوق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه ستصبح أمراً ثانوياً لا قيمة لها عند الشعوب العربية والإسلامية وإن ذكرت في كتب التاريخ.
المصدر : موقع الوقت .