الحريري يبتعد عن الإملاءات السعودية ويدافع عن حزب الله ويحذر من مهاجمته

متابعات | 12 يناير | مأرب برس :

ابتعد رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، خطوة أخرى عن الإملاءات السعودية، بتأكيده أن لبنان لا يجب أن يكون ساحة للصراع بالوكالة، ولا جزءا من الصراع الإقليمي بين السعودية وإيران.

الحريري في أول لقاء مع وسائل الإعلام منذ تراجعه عن استقالته في الرياض، ألمح إلى أن السعودية كانت تريده أن يواجه حزب الله، لكنه أصر على أن الحزب جزء من الطيف السياسي اللبناني، وأنه مرحب به ليكون ضمن الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات في مايو القادم.

وصرح الحريري، في حواره مع صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أنه يسعى إلى إخراج لبنان بقوة من الصراع الإقليمي الدائر بين السعودية وإيران، وقال: “الباب دوما مفتوح أمام حزب الله للمشاركة في الحكومة، التي من المزمع تشكيلها عقب الانتخابات المقرر إجراؤها في مايو المقبل (…) حزب الله، عضو في هذه الحكومة، وهي حكومة شاملة، تضم جميع الأحزاب السياسية الكبرى، وتحقق الاستقرار السياسي للبلاد، وهدفي الرئيسي، الحفاظ على الاستقرار السياسي لوحدة البلاد”.

وأوضحت “وول ستريت جورنال” أن الحريري سعى خلال الحوار إلى تحدي الضغوط السعودية عليه، من أجل مواجهة “حزب الله” للتصدي للنفوذ الإيراني في المنطة العربية، وأصر على اتباع نهج تصالحي معه.
وكانت السعودية تدق طبول الحرب ضد حزب الله، وتسعى لتفجير أزمة داخلية في لبنان من خلال اتهام الحزب وطهران بالتخطيط لاغتيال الحريري؛ ما يستدعي تدخلا سعوديا ودوليا، إضافة إلى أن الكيان الصهيوني كان يبحث بجدية شن حرب على حزب الله.

تفكيك القنبلة السعودية الأميركية ، بدأ برد الفعل العقلاني الذي التزمه حزب الله وبقية القوى السياسية اللبنانية، وإفساح المجال للنشاط الدبلوماسي الذي مكن من ممارسة دول كبرى ضغوطا على الرياض أفضت في النهاية إلى عودة الحريري إلى بيروت وعودته عن الاستقالة. وهذا أوحى بأنه استقال تحت الضغط، وأن دوافع الاستقالة لم تنبع من قناعته، ولا من حقيقة التخطيط لاغتياله.

مثل هذا الموقف هزيمة جديدة للرياض وربما تكون قد غسلت يدها من أي دور ممكن أن يقوم به الحريري لصالحها، خصوصا بعد هذا الحوار الذي يوضح أنه اختار مصلحة لبنان، وقرر أن يعمل من أجل تحقيقها.

الحريري أضاف في حواره مع وول ستريت أن: “لبنان ينبغي أن تكون متعددة الطوائف، وليست ساحة للقتال والصراعات بالوكالة، كما كانت في السبعينيات، ونرفض أي تدخل أجنبي في البلاد”.
ورفض التدخل ليس سوى إشارة إلى الرياض وطهران.

وأكد هذا الموقف بالقول: “لا يمكننا قبول التدخل من أي شخص أو دولة في السياسة اللبنانية، علاقاتنا مع إيران أو الخليج ينبغي أن تكون على أفضل حال، لكن بما يخدم المصالح الوطنية للبنان”.

وبرغم هذا الموقف الصريح الرافض للتبعية، إلا أن رئيس الوزراء اللبناني، حسب الصحيفة، رفض التطرق إلى تفاصيل متعمقة حول استقالته في الرياض وكواليسها، وتفاصيل إقامته، وأنه اكتفى بالقول: “السعودية لم تتدخل بصورة مباشرة في السياسة اللبنانية”.

وبدا الحريري، بقدر حرصه على رفض الإملاءات التي قد تجر بلاده إلى حرب مدمرة، متمسكا بالعلاقات الطبيعية التي يجب أن تستمر مع المملكة السعودية، وقال: “ آمل أن تعيد الرياض تقديم المساعدات الاقتصادية إلى لبنان، ونؤكد: نحن متمسكون بسياسة النأي عن الصراعات الإقليمية الدائرة بين السعودية وإيران”.

ولم يكتف بذلك، بل برأ حزب الله من التبعية لإيران، وقال: “أعتقد أن حزب الله ملتزم أيضا بتلك السياسة، كنا نرى الهجمات الإعلامية على العالم العربي، والخليج بشكل خاص، كبيرة جدا في الفترة الماضية، لكنها قلّت بصورة كبيرة في الفترة الحالية، وهذا أمر إيجابي”.

وتطرقت وول ستريت جورنال لمشاركة حزب الله في الحرب السورية، ورد على سؤلل حول انسحاب مليشيات الحزب من ساحات المعارك هناك بالقول: “هذا أمر سيستغرق وقتا، ولن يحدث بين عشية وضحاها”.
وألمح إلى وجود دور للحزب في كل من العراق واليمن، بقوله: “رغم أن حزب الله قد يقلل من وجوده في اليمن والعراق، وينسحب بصورة كاملة من هناك، لكن الوضع أكثر تعقيدا في سورية، فبعض الدول ترى أن وجود حزب الله أصبح ضرورة هناك، ويعتبرون أن وجودهم ليست تدخلا في الشأن السوري، بل محاولة لحل الأزمة”.

وحذر الحريري إسرائيل من محاولة القيام بعمل عسكري ضد حزب الله، مشيرا إلى أن هذا سيكون له نتائج عكسية بصورة كبيرة. وأوضح أن الهجوم على الحزب هو هجوم على لبنان: “مشكلتي الرئيسية مع الإسرائيليين في هذا الأمر، فهم في كل مرة يقولون إنهم يريدون شن حرب بهدف إضعاف حزب الله، وفي كل مرة يذهبون فيها للحرب مع لبنان، يعززوا من قوة حزب الله ويضعفوا من قوة الدولة اللبنانية”.
وفي هذا الرد أبرز الحريري حنكة في العزف على الوتر الحساس الذي يعد في مركز الاهتمام الدولي بالشأن اللبناني.. التوازن بين الدولة والحزب.

المصدر | الميدان .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى