تذويب القضية الفلسطينية في خطة ترامب، وتقسيم الأرض المحتلة بين مصر والأردن

متابعات | 8 يناير | مأرب برس :

أورد الصحافي الأمريكي مايك وولف في كتابه “نار وغضب” الذي صدر الجمعة، بعض التفاصيل المتعلقة بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الصراع العربي الإسرائيلي، وإيجاد الحلول الجذرية للقضية الفلسطينية.

وحسب الكتاب، فإن خطة ترامب ترتكز على تقسيم أرض فلسطين، بحيث يحتفظ الكيان الصهيوني بأراضي عام 1967 وتضم إليها المستوطنات، وهو ما قرره حزب الليكود مؤخرا، بعد قرار ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس. بينما تضم الضفة الغربية للمملكة الأردنية وقطاع غزة لمصر.
هذه الخطة تم تسريبها قبل صدور كتاب وولف، ونشرت حولها مقالات وتحليلات بينها لدبلوماسيين سابقين كوزير الخارجية الألماني السابق فيشر.

مؤلف الكتاب مايك وولف كان من المقربين لإدارة دونالد ترامب وعلى صلة وثيقة بالأشخاص المحيطين بالرئيس الذي جذبته إحدى مقالاته المنشورة عام 2016.

وأشار وولف إلى أن ستيفن كيفين بانون (من مواليد 1953) الذي تولى رئاسة المكتب الانتخابي لترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هو صاحب برنامج حل “الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي”.

وشغل بانون بعد ذلك منصب كبير مستشاري الرئيس للشؤون الاستراتيجية، ثم أدخله ترامب مجلس الأمن القومي في يناير 2017 قبل أن يعزله في أبريل من نفس العام ليغادر البيت الأبيض.

ويصف وولف كيف تحدث بانون عن خطت%8F,8خلال عشاء في مانهاتن) وقال: ” يعمل ترامب لوضع خطة للحل. وهي خطته فعلا. في اليوم الأول نقوم بنقل السفارة إلى القدس. (وهذا ما تم فعلا مقدمة لتسويق الحل النهائي)، ونتنياهو يؤيد ذلك من أعماقه، ويؤيد ذلك بحرارة أيضا شيلدون أديلسون( رجل أعمال وملياردير يهودي أمريكي يؤيد إسرائيل).. نحن نعرف وندرك على ما سنقدم عليه… دعونا نعطي الضفة الغربية للأردن، وغزة لمصر”.

كان هذا من وجهة نظر بانون – التي تبناها ترامب- هو الحل الأسهل، للخروج من تعقيدات الواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن تعقيدات الاتفاقات السابقة المبرمة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، برعاية أميركية. لكنه على سهولته نظريا، وإمكانية جر حكومات المنطقة الحليفة لواشنطن إلى القبول به، إلا أنه يتجاهل أمرين: وجود شعب فلسطيني صاحب حق، وكافر بالحلول السياسية برغم الانقسام الداخلي فيه، ووجود أكثر من مليار مسلم غير مستعدين للتفريط بالمقدسات الإسلامية في أرض فلسطين، واذا ما تم تدجين بعض الحكومات والضغط على أخرى؛ فإن محور المقاومة لايزال موجودا ومحيطا بالأراضي الفلسطينية، كما أن تحالفا إقليميا يبدأ في التشكل بأضلاع ثلاثة هي: تركيا، إيران وباكستان.

إيران معروف علاقتها العدائية مع واشنطن، وأنقرة تبتعد عن ظل القرار الأميركي شيئا فشيئا خلال العهد الأردوغاني، وزادت الهوة بين الطرفين اتساعا مع تولي ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وإفشال الانقلاب في تركيا، وقدرة اردوغان على اتخاذ قرارات جريئة أكثر من السابق، مدعوما بثقة وشعبية كبيرتين لم يحصل على مثلهما أحد قبله، منذ تأسيس الجمهورية العلمانية.
أما باكستان، فتشهد علاقتها بواشنطن توترا غير مسبوق بسبب خليط من القضايا المعقدة في مكافحة الإرهاب، والعلاقات مع أفغانستان وإيران والهند.
هذا التحالف الذي يمكن أن يكون تحالفا إسلاميا، يستطيع أن يفشل تذويب القضية الفلسطينية، وحتى من دون الحاجة للعرب خارج محور المقاومة.

وبالعودة إلى خطة ترامب، فإنها تعتمد من دون مواربة سياسة التخويف، بعد نصب فزاعة إيران، وزرع بذور الفتن الداخلية في الدول العربية، وتهديد حلفاء واشنطن العرب بمصائر الدول الفاشلة.

في هذا السياق، يقول وولف، نقلا عن بانون: “لندعهم يحلون المشاكل هناك أو يغرقون في المحاولات. السعوديون على وشك الانهيار. والمصريون على حافة الانهيار أيضا. الجميع يخافون الفرس لحد الموت ويخشون ما يجري في اليمن وسيناء وليبيا.”

ويشير الكتاب إلى عقبة واحدة يحسب لها ترامب حسابا، هي روسيا.
“روسيا هي المفتاح. هل روسيا فعلا سيئة؟ أجل هم فتيان أشرار. ولكن العالم مليء بالأشرار”.

وقد تعاظمت المخاوف الأميركية من تنامي الدور الروسي، بعد تدخل موسكو القوي في سورية ووقوفها ضد الرغبة الأميركية في تأجيج الشارع الإيراني، وصولا إلى تغيير النظام في طهران، كما حدث مؤخرا في مجلس الأمن، حين وضعت واشنطن الاحتجاجات في إيران على طاولة المجلس فاحتجت روسيا وأكدت أن هذا ليس من صلاحيات المجلس ولا المنظمة الأممية، وإنما هو شأن إيراني داخلي.

خطة ترامب، بصدور كتاب مايك وولف خرجت إلى العلن، ويؤكد إصرار الإدارة الأمريكية على تطبيقها إعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني، والضغط المتزايد على الرئاسة الفلسطينية وقطع المعونات عن الأونروا، واغراق مصر في مشكلاتها الداخلية، وجر ابن سلمان للصراع مع كل الرؤوس الكبيرة في بلاده؛ ليظل محتاجا لترامب وصهره كوشنير.
لكن، على عكس ما يظنه ترامب، فهي لن تحل المشكلة المزمنة، وإنما ستضيف مشكلات جديدة، سيكون صداها قويا في واشنطن، وسيطال ترامب نفسه وأركان إدارته.

*الميدان .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى