يجب أن نبقي ملتزمين بآداب الصراع مع الآخر هناك قيم لا نتجاوزها، وهذه تمثل جاذبية لأهل الحق
من هدي القرآن | 21 اكتوبر | مأرب برس :
التربية القرآنية هي تجعله على أعلى مستوى في مواقفه من العدو {أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} (الاسراء: من الآية5) {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (الأنفال: من الآية12) كن غاضباً عليهم كارهاً لهم شديد الحنق عليهم لكن لماذا؟ لما هم عليه، لا يسمح لنفسه أن تترسخ القضية لديه حتى تصبح موقفاً شخصياً أو حالة نفسية شخصية، هذا في الأخير يكون لها سلبيات كبيرة منها هذه: أنه أحياناً لم يعد لديك رغبة أن يصلح قد أنت كاره له هو، هو شخصياً لم يعد لديك رغبة أن يصلح نهائياً ولا لديك رغبة أن يهتدي ولو قد أراد أن يهتدي فإنك ستحاول تعرقله حتى لا يهتدي وفي الأخير ستكون تصد أنت عن سبيل الله، فعلاً هذه قد تصل وتصل أحياناً قبل أن يكون الناس أمام يهود أو نصارى أو كفار آخرين أحياناً في مواقف داخلية فيما بين الناس، وهذه من أهم الإيجابيات فيما يتعلق بنفسيات المؤمنين بالنسبة للطرف الآخر يرون المؤمنين أناساً أقوياء وشديدين لكن في نفس الوقت يرى بأنه بإمكانه أن يدخل فيما هم فيه ويصبح طبيعيا وعاديا، له ما لهم وعليه ما عليهم لا يرى حاجزاً ما قد قام حاجز من مواقف شخصية عندما تكون القضية على هذا النحو، هذه تجعل الناس ملتزمين هم مثلاً بمبادئ المواقف من الطرف الآخر.
ألم يقل هناك: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: من الآية8)؟ في نفس الوقت في حالة القتال مثلاً في حالة المواجهة يمكن للمؤمنين أن يكونوا ملتزمين بمبادئ القتال وفيِّين في مواثيقهم إذا دخلوا في مواثيق في هدنة وفيِّين لا يحصل منهم نكث، في نفس الوقت يلتزمون بالآداب مثلا لا يقتلون شيبة لا يقتلون طفلاً، أليس هكذا كان يحصل في توجيهات رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) للمسلمين؟ سيقاتل الرجل في ذلك الميدان قتالاً شرساً لكن بالنسبة لامرأته وطفله لا يمكن يقتلهم، أبوه الشيبة الكبير الذي هو هناك لن يقتله، المواقف الِشخصية العداوة الشخصية تريد أن تقتله وتقتل أباه وتقتل أمه وأولاده وأي شيء له علاقة به.
إذاً تحافظ على أن يبقى الناس ملتزمين هم بآداب الصراع مع الآخر يكون هناك قيم لا يتجاوزها الناس يكون هناك قيم يوجههم إليها لا يتجاوزونها، هي لها إيجابية لا تعتبر قيودا ولو ظهر في الصورة وكأنها قيود! لا. الله يقول ويوجه نبيه (صلوات الله عليه وعلى آله) بأنه: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} (الأنفال: من الآية58) لا تسلك طريقتهم أعني: خداع وغدر، تنبذ إليهم إذا أنت تلمس أنهم يريدون أن يخدعوك قل: الآن انتهى ما بيننا أنتم حصل منكم كذا وكذا، إذاً انتهى [الوجه أبيض] مثلما يقول الناس لم يعد بيننا شيء {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} (الأنفال: من الآية58) هنا قال: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} (الأنفال: من الآية62).
ولهذا القضية أساسية أن يفهم الناس بأن ليسوا هم، هم فقط يعملون ويتحركون، هناك مبادئ يلتزمون بها في ميدان المواجهة مع العدو ولو بدت وكأنها ثقيلة وكأنها قيود، وكأن العدو قد يستغلها لا. بعض المبادئ لازم تقف عليها لا يمكن أنك تخاف أن العدو قد يمثل له إيجابية أو يستغله، الله يقول: {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} (الأنفال: من الآية62) وفي آية أخرى يقول: {فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} (الأنفال: من الآية71) يكون عندهم استغلال للوضعية، يخادعونك، لا. في الأخير ترجع عليهم هم فيكون المؤمنون استطاعوا بأن يحافظوا على مبدئية مواقفهم وهي قضية مهمة بالنسبة للطرف الآخر.
من الأشياء التي تشد الناس إلى المؤمنين عندما يكونون أولي بأس شديد وعندما يكونون في نفس الوقت أوفياء مبدئيين الطرف الآخر يرى ضربات شديدة يراجع حساباته فيجد أمامه أمة ذات قيم ومبادئ وملتزمة تمثل نموذجاً عالياً عنده، يقول: إذاً لماذا أتحمل ضربات من هذا النوع على لا شيء وهي أمة عظيمة على هذا النحو فيكون هو قريب أن يدخل معهم، لاحظ كيف تربية القرآن تأتي بالشكل الذي يكون لها إيجابية، حتى الشدة، أليس هو يقول: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح: من الآية29) أشداء على الكفار ألست تتصور بأن معناه يقابَلون من هناك بشدة {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (الأنفال: من الآية12) يقول: إذاً فمعناه سيزيدون أكثر ويتشددون أكثر، وأن يكونوا أولي بأس شديد فمعناه أن الآخر سيكون أيضاً زيادة.
هي تبدو توجيهات لا أحد يستطيع أن يوجه أمة من الأمم بهذه التوجيهات إلا ويحصل في الجانب الآخر سلبيات، أن يقول لأصحابه أن يكونوا أولي بأس شديد وفتاكين وأشياء من هذه إلا وتكون تربية تؤدي إلى أن الطرف الآخر يشتد أكثر ويقاوم أكثر، إلا التوجيهات الإلهية وتربية القرآن فتأتي على هذا النحو وتجدها في المقابل بالشكل الذي لها آثار إيجابية في الطرف الآخر، مما يمثل إيجابية في مقابلة الشدة في الموقف في ميدان القتال: المبدئية والوفاء، الآخر يعود يراجع حساباته ويرى أنه لماذا؟! في الأخير يقيِّم مجتمعه ويقيِّم هذا المجتمع يقيِّم ما لديه من مبادئ وقيم يتلقى من أجلها ضربات شديدة وما الآخرون عليه، وفي الأخير يصبح موضوع القوة والشدة شيء يجذب الآخر فعلاً، في الأخير قد عنده رغبة أن يكون مع أمة على هذا النحو: قوية في مواقفها ثابتة في مواقفها مبدئية وفية، قيم، صدق، أمانة .. إلى آخره.
تكون جذابة نفس هذه بينما الضعف في داخل المؤمنين يشكل خطورة، الضعف أخيراً يعكس ما هم عليه ضعفهم في مواقفهم في نفس الوقت عدم مبدئيتهم والتزامهم يوجد حنقا عند الطرف الآخر بشكل كبير وفعلاً يظهر بأنه يأتي تخلي من جهة الله؛ ولهذا يقول: أنتم عليكم أن تلتزموا بهذه المبادئ حتى لو بدت عندك بأنها قد تكون فرصة للعدو يستغلها.
هنا يقول: ما يزال الله هناك فوق الجميع {فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} (الأنفال: من الآية71) {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} (الأنفال:62) لم يكن يأتي عند المسلمين الأوائل أعني بناءً على ما كان يقدم لهم من تربية وتوجيه يكون فيهم قسوة على الكافرين والمشركين من رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في حديثه ومن القرآن الكريم وفي نفس الوقت متى ما جاء مشركون طبيعي أن يروهم يدخلون إلى عند رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) واستقبلهم وجلس معهم يتحدث، هل كانوا يستغربون يقولون: [هؤلاء مشركين ألم تكن تقل عنهم أنهم أعداء الله وأنهم وأنهم كيف تتركهم يدخلون إلى عندك وهذا أنت جالس معهم تستقبلهم وبعضهم تفرش له عبايتك, أو تبعد الفراش من تحتك وتفرشه لهم] هل كان يحصل الحالة هذه؟ لا. كانوا يقولون: حيّا الله مَن جاء، ويستقبلونهم يسلمون، يسلمون ما لم فيمكن يعودون إلى أماكنهم وقد عندهم وفاء بقضية بأنه لا يمكن أن يضربوه في نفس الوقت ـ لكن غداً ممكن يقاتلونه بشراسة في الميدان هذه تعتبر مبدأية عالية فعلاً.
إذاً عندما يكون الناس يواجهون يهوداً ونصارى وكلام عن يهود ونصارى ما يدري الناس إلا وجاء يهود يريدون أن يعرفوا ما الذي مع واحد؟ ما هي أطروحته؟ على أساس أنهم ماذا؟،أنهم يريدون أن يتفهموا ليهتدوا هل يمكن يقولون: [هه! والله يهود قالوا أنهم عند فلان! إذاً لماذا نحارب اليهود ونلعن اليهود والآن قد هم هؤلاء عنده] إنك لاحظ كيف كان يذهب مشركون كفار يذهبون إلى عند رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهم ما زالوا مشركين بعضهم ما زالوا مشركين فعلاً يستقبلهم ويوجههم بعضهم يهتدي وبعضهم لا يهتدي، يتركه يرجع مع أن الأسلوب هو نفس الأسلوب في قضية تربوية ذات قيمة وذات ماذا؟ تترفع بالناس عن الحالة النفسية الشخصية التي تعتبر خطيرة ولها سلبيات كبيرة.
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّور} (البقرة: من الآية63) هذه كلها وإذ، وإذ .. أليست تذكيرا بأشياء متعددة ومتنوعة {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} (البقرة: من الآية63) ميثاقه بأن تأخذوا ما آتيناكم بقوة، رفع فوقهم الطور، جبل، تهديد لهم بهذا الجبل {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} (البقرة: من الآية63) ما هو الذي آتاهم {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (البقرة:53) لاحظ هنا محور القضية كلها هنا هو آتاهم الكتاب والحكمة والنبوة وفضلهم على العالمين، وآتاهم أعطاهم أشياء كثيرة، القضية كانت تتمثل بأن تأخذوا ما آتيناكم بقوة تستمسكوا به تتبعوه تلتزموا به وتتحركوا على أساسه، ما هو الذي حصل؟ أليس نتيجة أنهم لم يأخذوا ما آتاهم بقوة؟ فحصل عصيان واعتداء وكفر بآيات الله وقتل للأنبياء بغير حق، حصل كل هذا تعتبر ماذا؟ نتيجة عدم أخذهم للكتاب بقوة وقعوا في ضلال كبير في ثقافتهم وأخطاء كبيرة جداً نتيجة هذه.
إذاً فهكذا أي: أمة أعطيت نعمة كهذه النعمة الكبيرة ونعمة القرآن علينا أعظم من نعمة التوراة على بني إسرائيل فعلاً؛ لأن القرآن هو في قيمته يبدو أوسع وأشمل وإن كان كل كتاب من الله يكون متكاملاً في مرحلته في موضوعه متكامل، والقرآن الكريم هو رسالة وكتاب للبشر على طول التاريخ هذا الذي قد يكون من أوسع مراحل الدنيا هذه جعله الله مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} (المائدة: من الآية48) هو المرجع هو الأساس هذا القرآن هو مهيمن على الكتب السابقة، اعمل بهذا أنت في نفس الوقت على أحسن طريقة، لا تقل باقي ذلك هو يساوي هذا أو نعمل بذلك مع هذا، هذا يعتبر هو المهيمن على كل تلك الكتب السابقة.
الدرس الرابع – من دروس رمضان المبارك.
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي/رضوان الله عليه.
بتاريخ: 4 رمضان 1424هـ
الموافق:28/ 10/2003م
اليمن ـ صعدة.