مقالات | 11 اكتوبر | مأرب برس :
بقلم / عبدالله الاحمدي :
في بداية العام الماضي كنت في مدينة جدة السعودية، الناس هناك ليس لهم من حديث غير الحرب، كنت اقرأ صحيفة عكاظ كل صباح. الحرب في اليمن هي عناوينها الرئيسية، كانت الصحيفة تكلفني ريالين سعوديين، كنت أتعجب من الأكاذيب التي تسوقها تلك المطبوعة الفاخرة. يقول بعض مهاجرينا أن الحرب جاءت في صالحهم، فلم تعد الشرطة السعودية تلتفت إليهم. قال لي أحدهم: لقد وصلت الرسالة للنظام السعودي بأن اليمنيين لا يمكن ابتلاعهم بسهولة. سائق السيارة الذي أوصلني من مكة إلى جدة نظر إليَّ باحترام عندما عرف أني من تعز.
مراسل صحيفة عكاظ هو الآخر من تعز، واسمه الشميري، يبيع أخبارا لا تدخل العقل، فهو يسوق انتصارات لجماعة الدنبوع لم تحدث،في مكان أو زمان.
ذات صباح التقيت بأخ سوداني، في إحدى البوفيات، كنا نتاول الإفطار، تحادثنا ببساطة ، قال لي انه يعمل في الخطوط الجوية السعودية، في سياق الحديث عن الحرب في اليمن قلت له: قل للبشير يسحب جيشه من اليمن. رد عليَّ: شوف يا زول هذا البشير ورط السودان في دارفور، وفصل الجنوب، والآن يقتل في السودانيين في اليمن، والله ان شعب السودان ما هو راضي عن هذه الحرب. في الجوار كان يجلس أحد الزبائن يتناول فطوره، كان ينظر إلينا مندهشا. قمت خارجا، حلف السوداني إلا أن يدفع الحساب. قفز ذلك الذي يتناول فطوره بجانبنا قائلا، لصاحب البوفيه : خلي الحساب عليَّ يا واد.
كان الموقف مدهشا. من جانبي شكرت الرجل، وحولت نظري اليه. كان شابا مهندما، ووسيما، حاسب بسرعة وذهب إلى سيارته التي كانت تقف أمام البوفيه. عندما خرجت، دعاني: تعال يا بويا، أوصلك، فين تشتي. قلت أنا قريب، شكرا لك، حلف والله تطلع. ركبت بجانبه، سألني ايش شغلك. قلت صحفي ، ورد :وأنا مثلك. بس نشتي نتحادث بصدق. قلت تفضل: قال: الحوثيون هاذول كم هم. قلت شوف المسألة ليست الحوثيين، سأقول لك بصراحة معظم فئات الشعب ضد العدوان، المسألة كرامة. إحنا اخوان لا نريد الحرب.
شرق بنا الحديث وغرب، في النهاية، اخذ رقمي، واعطاني رقمه والواتس. تصافحنا، ونزلت من السيارة، وصلت إلى البيت أن تلفوني قد غرق من الرسائل التي أرسلها هذا الشاب. ومنها المقاطع الفيديو: أرسل لي إحصائية بعدد القتلى من الجيش السعودي، وقال أن عددهم يزيد عن أربعة آلاف، وأكثر من مثل هذا العدد مفقودون، والحقيقة أنهم يهربون من المعارك، لأن لا مصلحة لهم في الحرب، فهم يدافعون عن أسرة فاسدة تنهب أموال الشعب السعودي، وتقتل رجاله، وتغتصب نساءه. أما مرتبات الجنود فهي أدنى سلم المرتبات. الجنود يهربون، خوفا على حياتهم، ولأنهم يريدون أن يعيشوا بعيدا عن الموت.
في إحدى الرسائل صور لي شابة مقتولة، ومرمية على رصيف الشارع، في مدينة نجران قال : إن شلة من أولاد الأمراء، اختطفوها، ثم اغتصبوها، وقتلوها، ورموا بها في الشارع.
وفي رسالة أخرى قال لي : ليس لدينا وطن ندافع عنه. نحن عبيد لأسرة آل سعود، وننتظر من يحررنا من العبودية.
زر الذهاب إلى الأعلى