الأبعاد الإسرائيلية للكيان الكردي

مقالات | 7 اكتوبر | مأرب برس :

جهاد حيدر / العهد الاخباري

 

لم ينبع تحذير قائد الثورة الاسلامية الإمام السيد علي خامنئي، من أن الولايات المتحدة والقوى الاجنبية تسعى وراء انشاء “إسرائيل جديدة” في المنطقة، من فراغ. بل شكل التعبير الادق في توصيف مخطط انفصال الشمال الكردي في العراق، الذي شكل الاستفتاء مرحلة متقدمة على طريق تنفيذه. ويختزل هذا المفهوم (إسرائيل جديدة)، الكثير من الشروحات التي تتصل بسياقاته وتوقيته، وأهدافه.

 

مع ذلك، لم يترك رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو مساحة واسعة للضبابية والغموض، في الكشف عن حقيقة واهداف مشروع الانفصال الكردي، بل كان صريحا ومباشرا إلى الحد الذي اعتبر خلال لقائه مع اعضاء كونغرس في تل ابيب، بأن اقامة دولة كردية في شمال العراق، يشكل “ذخر استراتيجي” موضحا أن ذلك ينبع من كون الكرد موجودون “بين العراق وتركيا وإيران وسوريا”. وعلى هذه الخلفية، سبق نتنياهو مبادرة الاستفتاء بسنوات في الدعوة إلى اقامة دولة كردية. أتى ذلك خلال كلمة له في حزيران/يونيو 2014، أمام معهد ابحاث الامن القومي كشف فيها عن أن “إسرائيل” تدعم إقامة دولة كردية، وأن هذا الامر يأتي من ضمن استراتيجية أوسع يتكامل فيها هذا السيناريو مع تحالف إسرائيلي سعودي وبقية انظمة “الاعتدال” العربي.

 

ومنعاً للالتباس وحتى لا ينطوي الموقف من هذا المخطط على أي اساءة للشعب الكردي، ينبغي التذكير بحقيقة أن الشعب الكردي هم جزء لا يتجزأ من شعوب المنطقة، وليسوا شعبا مستوردا كما هي حال الصهاينة. ولديهم العديد من الخصوصيات العرقية التي يترتب عليها حقوق محددة، لكن بشرط أن لا يمس ذلك بنسيج المنطقة ودولها، ومن دون أن يكون جزء من مخطط إسرائيلي أميركي يتحول فيه الشعب الكردي وشعوب المنطقة إلى وقود لأي فتنة يتم العمل عليها. لكنهم في تل ابيب يحاولون استغلال هذه الخصوصيات لصالح مخطط تفتيت المنطقة وتفجيرها، عبر اضفاء عناوين مزيفة على هذا المشروع بهدف تحويل الكيان الكردي إلى أداة لاستهداف الجمهورية الاسلامية ومحور المقاومة.

 

 

 

مع ذلك، ينبغي القول أن تنفيذ كيان أو دولة أو حزب ما سياسة إسرائيلية هو مستوى من مستويات الخيانة والتآمر، ولكن وسم الكيان الكردي بكونه “إسرائيل” جديدة في المنطقة، يستوجب تسليط الاضواء على أوجه التشابه بين المشروعين اللذين يشكل منهما مخططا غربيا ودوليا ضد شعوب ودول المنطقة.

 

على المستوى الإسرائيلي، كان التهديد الصهيوني تهديد توسعي بدء من اقامة الكيان الإسرائيلي على اجزاء واسعة من أرض فلسطين ثم احتل هذا الكيان ما تبقى من فلسطين وتوسع باتجاه دول المنطقة المحيطة..

 

بالنسبة للكيان الكردي الذي يتم التخطيط لاقامته، يراد له أن يكون نقطة البداية نحو مشاريع انفصالية جديدة تشمل الدول المحيطة الاخرى، من الجمهورية الاسلامية في إيران، إلى تركيا وسوريا.. وهكذا تكون الدولة الكردية قنبلة تفجر دولة المنطقة، وتطلق مسارا تفكيكيا يستنزف الانظمة وشعوب المنطقة ويضعفها…

 

على خط مواز، ارتكزت فلسفة اقامة الكيان الإسرائيلي، بالنسبة للدول العظمى، على لعب دور الشرطي في مواجهة التهديدات المحدقة بالمصالح الاستعمارية في المنطقة. وهو ما لعبته “إسرائيل” بامتياز منذ لحظة التأسيس وصولا إلى حرب العام 2006، التي كانت قرارا أميركيا أكثر من كونها قرارا إسرائيليا على مستوى المدى الذي بلغته والاهداف التي سعت لتحقيقها، والسياقات التي أملتها…

 

أما بالنسبة للكيان الكردي الواضح منذ ما قبل اقامة الدولة، بل منذ تشكيل منطقة الحكم الذاتي أن الدور الوظيفي الذي لعبته وتلعبه وستلعبه يندرج في سياق المخططات الاميركية والإسرائيلية في المنطقة. ولكن اقامة الدولة يشكل مرحلة متقدمة في تنفيذ المخطط. وبات الانتقال إلى هذه المرحلة، أكثر من ملح بعد فشل الرهان على داعش وبقية الجماعات التكفيرية في سوريا والعراق. لذلك، لم يكن صدفة الدعوة إلى اجراء الاستفتاء بالتزامن مع اقتراب القضاء على الجماعات الارهابية والتكفيرية. وبموازاة مخطط اميركي يهدف إلى توسيع نطاق التحالفات بين “إسرائيل” والاعتدال العربي، وصولا إلى النظام السعودي…

 

مع ذلك، ينبغي القول أن اقامة دولة كردية في ظل وجود دولة “إسرائيل” يساهم في مستوى التهديد الذي يشكله كل منهما. لأن كليهما سيستعين بالاخر في مواجهة الجهات الاقليمية نفسها، خاصة وأنهما ينتميان إلى الفضاء الاقليمي نفسه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى