إغلاق مطار صنعاء، عجز سعودي أم تواطؤ أممي؟!
مقالات | 13 اغسطس | كأرب برس :
تمر الساعات على أبناء اليمن الصامد في وجه ماكينات القتل السعودية مثقلة بالدم والعنف والحرمان والجوع والفقر، لتضييق هذه الماكينات الخناق على جميع منافذ الحياة في اليمن وتفرض حصارا لم يشهد التاريخ الحديث مثيلا له.
وهاهي السعودية تفرض حصارا من نوع آخر من خلال فرضها شروطا تعجيزية لرفع الحظر الجوي عن اليمن وفتح مطار صنعاء الدولي، واشترطت الرياض لإعادة حركة المطار أمام المدنيين، وضعه تحت وصاية الأمم المتحدة لعدة أسباب:
أولاً: تسعى السعودية بعد عجزها عن تحقيق أية مكاسب حقيقية على الأرض على مدى أكثر من عامين ونصف إلى تضييق الخناق أكثر وأكثر على الشعب اليمني ومضاعفة معاناته من خلال فرض شروطها التعجيزية لفتح المطار ووضعه تحت إشراف الأمم المتحدة، لكي يكون هذا الأمر بوابة للوصول إلى ميناء الحديدة التي عجزت الرياض عن الإقتراب منه حتى رغم كل محاولاتها الحثيثة لتحقيق ذلك، ومن تسعفه ذاكرته فقد طالبت السعوديّة في وقت سابق مرارا وتكرا بوضع ميناء الحديدة تحت اشراف الأمم المتحدة بعد عجزها في السيطرة على هذا الميناء عسكريا.
ثانياً: هناك تواطؤ واضح بين الأمم المتحدة وتحالف العدوان بقيادة السعودية، وإلا كيف يمكن لمنظمة تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم أن تقف عاجزة أمام كل المناشدات الدولية ومنظمات الإغاثة التي تجاوز عددها 15 منظمة تطالب بإعادة فتح المطار الرئيس في البلاد معتبرة إغلاقه منذ عام عرقلت وصول المساعدات ومنع آلاف المرضى من السفر للخارج لتلقي علاج قد ينقذ حياتهم، ومن هنا نجد أن الأمم المتحدة لا تتصرف مع ملف اليمن بحيادية بل تساهم مع السعودية في مضاعفة معاناة الشعب اليمني، حتى أنها وقفت عاجزة عن استخدام ضغوط حقيقية ملموسة للمساهمة في فتح مطار صنعاء.
ثالثاً: وجدت السعودية أنه بعد عامين ونصف من قصف المدنيين وتجويعهم وتدمير البنية التحتية للبلاد، لم تلن همة اليمنيين بل على العكس اشتد عودهم أكثر وأصبحوا أكثر قوة وفعالية على الأرض، ولم يكتفوا بحالة الدفاع عن أرضهم بل انتقلوا إلى حالة الهجوم سواء بالتصدي لطائرات وبوارج التحالف، او بالتوغل في عمق الاراضي السعودية الجنوبية، هذا الأمر أغضب آل سعود وأشعرهم بالعجز أمام صمود اليمنيين وقدراتهم التي أصبحت تهدد مدن السعودية ومطاراتها.
عجز السعودية
أبرز الدلائل على عجز السعودية عن تحقيق أي خطوة للأمام في عدوانها على اليمن هو استهداف المدنيين بالدرجة الأولى ومحاولة الالتفاف والضغط دوليا واستغلال منظمة الأمم المتحدة لتحقيق مآربها الخبيثة في الوصول إلى ميناء الحديدة الذي يعد الشريان الوحيد لوصول المواد المعيشية الرئيسية لملايين المواطنين وبوابة لدخول الأدوية والمساعدات في مكافحة وباء الكوليرا.
أمر آخر يوضح الحالة المزرية التي وصلت إليه قيادة تحالف العدوان بقيادة السعودية هي استعانته بقوات التدخل السريع السودانية، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على مشكلة حقيقية بين صفوف المقاتلين السعوديين ونقصا في العنصر البشري المقاتل على الأرض، ومن المؤكد أن هذا الأمر سيكون له نتائج عكسية على العدوان السعودي والمؤسسة العسكرية السودانية، وسيساهم في التفاف الشعب اليمني حول نفسه أكثر وأكثر هذه من ناحية، من ناحية أخرى سنجد تصاعد التعاطف الدولي مع اليمنيين المحاصرين الذين تفتك بهم المجاعة وامراض الكوليرا.
الحالة الإنسانية في اليمن
وصلت الحالة الإنسانية في اليمن إلى حالة مزرية لا يمكن وصفها، دفعت هذه الحالة مندوب الأمم المتحدة لدى اليمن “اسماعيل ولد الشيخ” (الذي يعرف بتمايله إلى التحالف) إلى الخروج عن طوره ومطالبة السعودية بإعادة فتح المطار ورفع الحظر الجوي المفروض عليه بأقصى سرعة ممكنة دون أي شروط مسبقة.
ووصلت الحالة الإنسانية هناك إلى درجة أصبح فيها بنك الدم الوطني يعاني من نقص كامل في المستلزمات من بينها الحلول الطبية وأكياس الدم والاحتياجات الطبية، وبالتالي فإن بنك الدم ممكن أن يضطر إلى التوقف عن العمل بسبب قلة التمويل، والقصف المستمر على المدنيين، يضاف إلى ذلك القرار الذي اتخذته منظمة أطباء بلا حدود الإغاثية الدولية والذي يقضي بوقف دعمها المستمر منذ عامين لليمن.
وطالبت أكثر من 15 منظمة إغاثة الأربعاء 9 أغسطس / اب 2017، لإعادة فتح المطار الرئيس في البلاد قائلة إن إغلاقه منذ عام عطل وصول المساعدات ومنع آلاف المرضى من السفر للخارج لتلقي علاج قد ينقذ حياتهم. وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأسبوع الفائت عن “القلق الشديد إزاء نمط الهجمات الجوية” الأخيرة في اليمن، التي أدت إلى مقتل وجرح عشرات المدنيين في محافظتي صعدة (شمال غرب) وتعز (جنوب غرب)، وسط تصعيد عسكري كبير منذ أيام.