قصة العمليات الخطرة للكوماندوز الأميركي في سوريا!

متابعات |27 يونيو | مأرب برس :

دولي-سوريا

في شهر أبريل/نيسان 2017، اعترضت قوات الكوماندوز الأميركية، المنقولة جواً على متن طائرة هليكوبتر، طريق عربة في جنوب شرقي سوريا، يستقلّها أحد المساعدين المقرّبين لزعيم تنظيم “داعش”، أبو بكر البغدادي.

 

وكان هذا المساعد، المعروف باسم عبد الرحمن الأوزبكي، صيداً نادراً قضت القوات الأميركية الخاصة شهوراً تتعقبه، وفقاً لما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الأحد 25 يونيو/حزيران 2017.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأوزبكي عميلٌ موثوق وإن كان متوسّط الرتبة، وخبيرٌ بشؤون جمع المال، ونقل قادة التنظيم خفية خارج الرقّة، عاصمة “داعش” المُحاصرة في سوريا، والتخطيط لشنّ الهجمات في الغرب.

ووفقاً لموقع “بي بي سي”، فإن الأوزبكي اضطلع بدور رئيس في الهجوم الذي استهدف مهلى ليلي في إسطنبول عشية عيد الميلاد الماضي، وأسفر عن مقتل 39 شخصاً.

 

حروب سرية

واعتُبر الأوزبكي بمثابة منجم ذهب استخباراتي لو كان قد قُبض عليه وهو حي، إلا أنه بمجرد أن انقضّت قوات الكوماندوز على العربة، اندلعت معركة إطلاق نار بين الطرفين، وقُتِل الأوزبكي، المحارب القديم المخضرم الذي شارك في الحروب السرّية بسوريا وباكستان، ما خيب آمال الجيش الأميركي في انتزاع أيّة معلوماتٍ من الأوزبكي عن عمليّات تنظيم داعش، وقادته، واستراتيجيته.

وحينها، قال الكولونيل جون توماس المتحدث باسم القيادة العسكرية المركزية الأميركيّة، إن القوات الأميركية قتلت الأوزبكي قرب مدينة الميادين التابعة لدير الزور في 6 أبريل/نيسان 2017، بحسب شبكة “سي إن إن” الأميركية.

وكان الأوزبكي قد نقل لتوَّه قائداً ذا رتبةٍ أعلى بصفوف التنظيم إلى مدينة الميادين، وكان في طريقه للعودة إلى الرّقة عندما نصبت قوّات الكوماندوز كميناً له.

وقالت “نيويورك تايمز” إن عملية الكوماندوز ضد الأوزبكي، وعملية أخرى مشابهة تعود لشهر يناير/كانون الثاني الفماضي بغرض القبض على عميلٍ آخر لـ”داعش”- تعطي لمحة نادرة عن أسرار المداهمات عالية الخطورة التي تنّفذها قوات الكوماندوز في الحرب السريّة التي تشنُّها أميركا ضد التنظيم على الأراضي السورية على مدار الأعوام الثلاثة الماضية.

ورغم خسارة كنز المعلومات الذي كان بحوزة الأوزبكي، فإن الهواتف الجوالة والمواد الأخرى التي حصلت عليها القوّات الخاصة مواد قيِّمة للمداهمات المُقبلة، رغم أنَّ المهمّات المذكورة لم تحقق أهدافها بالقبض على الزعماء الإرهابيين وليس قتلهم، وهو ما كان سيمكِّن القوات الأميركية من الحصول على معلوماتٍ جديدة ومستقاة من مصادرها الأولى عن الدائرة الداخلية للجماعة ومجلس الحرب فيها، وفقاً للصحيفة الأميركية.

 

كيف وصل للتنظيم؟

ويحذّر مسؤولو الجيش والاستخبارات الأميركية من أنَّ شوطاً كبيراً ما زال يفصل بين “داعش” والهزيمة، وخاصةً في ظل تسلّحها بجهاز دعاية مُعقّد يستمر بإلهام، وفي بعض الحالات يمكّن مريديها عبر العالم من تنفيذ هجماتٍ إرهابية.

وبخلاف ما يوحي به الاسم المستعار الذي تبنّاه الأوزبكي، فإنّه في الأصل مواطنٌ من دولة طاجيكستان، وليس أوزبكستان. ووفقاً لما قاله مسؤول عسكريّ أميركي، فقد صقل الأوزبكي مهاراته القتالية بين صفوف “الحركة الإسلامية” في أوزبكستان، وهي جماعة موالية لتنظيم طالبان.

وانتقل الأوزبكي منذ 10 أعوامٍ إلى باكستان، حيث ربطته علاقاتٌ مكثفة بتنظيم القاعدة. ثم انتقل في السنوات الأخيرة إلى سوريا وانضمّ إلى صفوف مقاتلي “داعش”.

وكان الأوزبكي أحد أبرز المقربين من زعيم التنظيم البغدادي، وأشار الكولونيل توماس إلى إنَّ الأوزبكي استُهدِف على خلفية دوره المشارك في تخطيط “داعش” لهجماتٍ حول العالم.

 

عمليات الكوماندوز

ووفقاً للقائد ويليام ماركس، المتحدثٌ باسم وكالة الاستخبارات الدفاعية: “بينما تتعرّض الرقة والموصل لضغطٍ متزايد، شهدنا انتقال بعض عناصر داعش إلى منطقة وادي الفرات على مدار الأشهر الأخيرة”.

وظهر هذا النموذج من العمليّات للقوات الأميركية بسوريا لأول مرة في مايو/أيار عام 2015، عندما دخل 24 عنصراً من قوّات الكوماندوز “دلتا” إلى الأراضي السورية على متن مروحيّات بلاك هوك وطائرات في-22 أوسبري قادمة من العراق، وقتلوا أبو سيّاف، الذي لقّبه المسؤولون الأميركيون بـ”أمير النفط والغاز الطبيعي في داعش”.

وقدَّمت المعلومات التي استخرجتها القوّات من الحواسيب المحمولة، والهواتف الجوالة، والموادِ المأخوذة خلال تنفيذ العملية، معلوماتٍ مهمة تتعلق بهيكل القيادة داخل تنظيم داعش، وعملياته المالية، وإجراءاته الأمنية.

وفي تطوّرٍ على الدرجة نفسها من الأهمية، قال المسؤولون الأميركيون إنَّ زوجة أبو سيّاف التي قُبِض عليها في المداهمة، أمُّ سياف، قدّمت معلوماتٍ للمحققين على مدار عدة أسابيع، قبل أن يسلّمها الأميركيون للسلطات العراقية.

ولاقت تلك الغارة نجاحاً باهراً لدرجة أنَّ آشتون كارتر، وزير الدفاع الأميركي آنذاك، كشف في جلسة استماع عُقِدَت في مجلس النوّاب الأميركي بعد 7 أشهرٍ من الحادثة المذكورة أنَّه يعمل على تشكيل “قوة استهداف استطلاعية خاصة”.

 

هجمات سريعة

وآنذاك، كانت المهمة المسنودة لقوّات الكوماندوز، التي كان قوامها في البداية 100 جُندي وضمنهم طاقم الدعم، شبيهةً بتلك التي أُسنِدت إليهم تزامناً مع زيادة أعداد القوّات الأميركية الموجودة بالعراق في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عام 2007.

وهُناك نفذت قوات الكوماندوز سلسلة من الغارات الليلية سريعة الإيقاع للقبض على، أو قتل، مقاتلي تنظيم القاعدة وجماعاتٍ أخرى كانت تتبع حزب البعث في العراق.

وعلى مدار الأشهر الأخيرة، زادت قوة الاستهداف من كثافة الهجمات التي شنّتها الطائرات بلا طيّار التابعة لها، ومن غاراتها في سوريا ضد مدبّري العمليات الخارجية في صفوف “داعش”، والذين قدّموا الإلهام، والدعم، والتوجيه اللازم لتنفيذ الهجمات خارج حدود خلافتهم المزعومة في الدولِ الغربية.

وقال مسؤولون عسكريون -بحسب “نيويورك تايمز”- إنَّه يجري الآن التخطيط لعددٍ من عمليات القبض على عناصر التنظيم، ويجري تعقّب قادته.

وقال ويليام ويشسلر، وهو مسؤولٌ سابق رفيع المستوى في محاربة الإرهاب بالبنتاغون: “عندما يُلقى القبض على الهدف حياً بالفعل، يمكننا عادةً الحصول على المزيد من المعلومات القيّمة من خلال الاستجواب الفوري والممتدّ على مدار فترةٍ من الزمن على حدٍ سواء. وهذا كله يساعدنا في فهم شبكة العدو، وفي وضع أهدافٍ جديدة، واكتشاف مخططاتٍ إرهابية خارجية”.

وكان التحالف الدولي بقيادة أميركا، أعلن في 20 يونيو/ حزيران 2017 عن مقتل مفتي التنظيم “تركي البنعلي”، في غارة جوية شنها في سوريا الشهر الماضي.

وقال بيان صادر عن “قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب” التابعة التحالف الدولي إن البنعلي الذي يطلق على نفسه “مفتي عام” التنظيم قتل في غارة جوية على مدينة الميادين في دير الزور السورية في 31 مايو/أيار الماضي، بحسب ما أوردت قناة “فوكس نيوز” الأمريكية.

والبنعلي هو بحريني الأصل أعلن مبايعته لتنظيم “داعش” عام 2014، وانضم إليه في سوريا، قبل الإعلان عن مقتله.

 

المصدر: هاف بوست عربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى