تفجيرات عدن الانتحارية تلقي بظلالها على اجتماع اللجنة الرباعية في الرياض للبحث عن حل سياسي للازمة اليمنية.. هل كان التزامن مقصودا؟ ولماذا أضيفت سلطنة عمان الى عضويتها؟ وما هو السبب الأبرز لتعثر نجاحها؟
تفجيرات عدن الانتحارية تلقي بظلالها على اجتماع اللجنة الرباعية في الرياض للبحث عن حل سياسي للازمة اليمنية.. هل كان التزامن مقصودا؟ ولماذا أضيفت سلطنة عمان الى عضويتها؟ وما هو السبب الأبرز لتعثر نجاحها؟
* عبد الباري عطوان – افتتاحية رأي اليوم
لا نعرف ما اذا كان تزامن التفجير الانتحاري الذي استهدف مركزا عسكريا في قلب مدينة عدن، وادى الى مقتل اكثر من 50 شخصا واصابة العشرات وتبناه تنظيم “الدولة الإسلامية”، مع اجتماع اللجنة الرباعية الدولية في الرياض، بحضور وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا والامارات والسعودية، كان مقصودا او انه مجرد صدفة، لكن ما نعرفه ان هذا التفجير يؤكد مجددا فشل جميع الوساطات لوضع حد لسفك الدماء في هذا البلد، وإعادة الامن والاستقرار اليه ومواطنيه.
مدينة عدن التي تتواجد فيها حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي من المفترض ان تكون، وبعد 15 شهرا من “تحريرها” آمنة، في ظل وجود قوات الشرعية مدعومة بقوات إماراتية وسعودية، ولكن توالد التفجيرات واعمال الاغتيال للمسؤولين الأمنيين الكبار يعطي انطباعا معاكسا.
جون كيري وزير الخارجية الامريكية، الذي يعيش أيامه الاخيره في منصبه، ذهب الى الرياض من قبيل “المجاملة” لا اكثر، وتحدث بـ”رتابة” في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره السعودي عادل الجبير عن مواصلة السعي من اجل وقف الاعمال القتالية واراقة الدماء بالتالي، بينما ركز السيد الجبير على نفي التقارير الإخبارية التي نسبت الى مسؤولين أمريكيين تحدثت عن تقليص واشنطن لدعمها العسكري للحرب السعودية في اليمن، وتجميد تزويدها، أي المملكة، ببعض الذخائر والمعدات العسكرية الدقيقة التوجيه بسبب مخاوف أمريكية من سقوط ضحايا مدنيين، مثلما ركز أيضا على قانون “جاستا” الذي يعطي ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 مقاضاة السعودية طلبا لتعويضات مالية، منبها الى مخاطر هذا القانون على النظام الدولي.
بمعنى آخر، لم يتحدث السيد الجبير باسهاب عن الحرب في اليمن، كما تجنب كليا الحديث عن الحرب الاخرى في حلب، وخروج المسلحين منها، مما يعكس حدوث تغيير متسارع في ترتيب أولويات بلاده السياسية.
انضمام السيد يوسف بن علوي الى اللجنة الرباعية الدولية وحضوره لاجتماعها الأخير في الرياض يظهر تراجعا من الدول الأربع، والسعودية بالذات، عن سياسة تهميش دور سلطنة عمان، والتسليم بأهميتها كدولة محورية في ملف الازمة، ولكن يبدو ان هذا “التهميش” مستمر جزئيا في ظل إعطاء الأردن مسؤولية استضافة الاجتماع المقبل للجنة، وليس سلطنة عمان، مثلما كان مقررا سابقا.
هدف هذه اللجنة الرباعية في تقديرنا ليس انهاء الحرب في اليمن فقط، وانما “توفير” مخارج للمملكة العربية السعودية للخروج من مصيدتها ونزيفها المالي والعسكري والبشري بأقل قدر ممكن من الخسائر، ولكنها، أي المملكة، لا تقدم “التنازلات” المطلوبة التي قد تساعد على تحقيق هذا الهدف، وابرزها فتح قنوات حوار مع خصمها “الداهية” علي عبد الله صالح، شريك تيار “انصار الله” الحوثي في هذه الحرب، والضغط على الرئيس هادي بتسهيل تطبيق خريطة الطريق الأممية التي اعدها المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ، وتنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية بصلاحيات رئاسية كاملة، وابعاد اللواء علي محسن الأحمر نائب الرئيس والدعوة الى انتخابات رئاسية بعد 40 يوما.
لا نعتقد ان جهود اللجنة الرباعية، التي أصبحت خماسية، تملك فرصا كبيرة للنجاح في المستقبل المنظور، فالتحالف “الحوثي الصالحي” يعزز وجوده على الارض، وتشكيله حكومة بقيادة الدكتور عبد العزيز بن حبتور، ومواصلته الحرب على الحدود اليمنية السعودية، يخلق واقعا جديدا قد يكون من الصعب الغاؤه بسهولة.
التحالف “الحوثي الصالحي” اتبع استراتيجية كسب الوقت، والصمود في وجه التدخل العسكري السعودي، وامتصاص الضربات الجوية، الحيلولة دون سقوط صنعاء، وتحويل السعودية وحلفائها من قوة انقاذ الى قوة عدوان، ويبدو ان هذه الاستراتيجية حققت أهدافها وبنجاح ملموس.
“راي اليوم”