الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان
مأرب نت || من هدي القرآن ||
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
أحيانًا عندما يكون هناك من هذه الأحداث ومن هذه القضايا في حياة الناس [التولي لليهود والنصارى] في الأخير تصبح الأشياء هذه [الصلاة والزكاة والصوم والحج والدعاء..] أحيانًا لا يَعُدْ لها قيمة عند الله سبحانه وتعالى نصلي، ندَّعى، نصوم، نزكي، نحج، [يا الله تكون بالشكل الذي تغطي الإثم فقط، لا يجي على واحد آثام أنه قد تركها] أما أن تعطي ثوابها، تكون مقبولة عند الله فتكون مربوطة بأشياء أخرى.
هناك حديث مهم رواه الإمام الناصر في البساط عن الإمام جعفر الصادق عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه قال: ((لو أن عبدًا صام نهاره وقام ليله وأنفق ماله عِلقًا عِلقا في سبيل الله، وعبد الله بين الركن والمقام حتى يكون آخر ذلك أن يذبح بين الر كن والمقام مظلومًا لما رفع إلى الله من عمله مثقال ذرة، حتى يظهر الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعداء الله)) هذا لفظ الحديث أو معناه.
هذا الحديث يذكر أنه شخص يصوم النهار، ويقوم الليل يتعبد، وينفق أمواله في سبيل الله، ويتعبد في أفضل مكان وأقدس مكان عند الله ما بين الركن والمقام، ثم يقتل مظلومًا.. عمله كله ما يُرْفَعُ إلى الله منه مثقال ذرة حتى يظهر المحبة لأولياء الله والعداوة لأعداء الله.
هذا حديث خطير، القرآن يشهد له فيما يتعلق بخطورة الموالاة والمعاداة؛ ولهذا قال الله في القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (المائدة51) أليس الله هنا يخاطب مؤمنين؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}؟ قال: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ} منكم أيها المؤمنون {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} يصبح حكمه حكمهم، فيكون هو يصلي وهو يهودي، يسبح وهو يهودي، يصوم وهو يهودي، يزكي وهو يهودي.. وهكذا.. إلى آخر العبارات.
خطيرة هذه جدًا، يقول: (ومن يتولهم منكم) منكم أيها المؤمنون، من يشملهم اسم الإيمان فإنه منهم، حكمه حكمهم، ومصيره مصيرهم.
التولي، الإمام علي له كلمة في الموضوع: ((إنما يجمع الناس الرضا والسخط، وإنما عقر ناقة ثمود واحد فعمهم الله بالعقوبة جميعًا)) بسبب أن واحدًا عقر الناقة يمثلهم وهم راضين بعمله ومصوبين لعمله فأصبحوا جميعًا مستحقين للعقوبة، أيضًا يقول عليه السلام: ((الراضي بعمل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضا به)).
أثر الموالاة والمعاداة، الموالاة والمعاداة ليست فقط أن الإنسان يحب لأخيه كما يحب لنفسه [حالة نفسية فقط] من داخل، ويكره له مثلما يكره لنفسه. الموالاة معناها: المعية، تشعر بأنك في هذا الجانب تؤيد هذا الجانب متجه إلى هذا الجانب، هذه هي الموالاة سواء كانت موالاة لأولياء الله أو موالاة لأعداء الله، الموالاة معناها: المعية، المعية في الموقف، المعية في الرأي، المعية في التوجه، المعية في النظرة، هذه هي الموالاة.
الموالاة هي حالة نفسية والمعاداة هي حالة نفسية، لكنها تتحول إلى مواقف وتنعكس بشكل مواقف، وتعتبر في حد ذاتها مهيئة لهذا الشخص ولهذا الشخص ولهذا الشخص ولمجاميع من الناس، من هم على وتيرة واحدة في الموالاة تُهيئ هذه الأرضية، أرضية صالحة لانتشار تَوَجُّه، وأعمال الجهة التي هم يوالونها سواء كانت جهة محقة أو مبطلة.
خطورتها أنها تهيئ، تجعل الناس يقفون مع هذا، يصوتون لهذا، يؤيدون عمل هذا، وهكذا سواء حق أو باطل. ولأن الحالة النفسية لدى الإنسان هي النقطة الأساسية بالنسبة للتغيير نحو الأفضل، أو التحول نحو الأسوأ كما قال الله: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد11) معظم ما يتوجه التغيير في النفس، عندما تحاول أن تكره نفسك على شيء، عندما تحاول أن تحصل على وعي، على فهم، إنما هو في الأخير من أجل ماذا؟ ترسم توجهك، التوجه في الموقف توجه النفس، توجه القلب، وهذا هو الولاء، هو الموالاة، التغيير أن يحصل لديك حالة، أو لدى الأمة حالة من التوجه نتيجة وعي معين، سواء وعي إيجابي فيما يتعلق بنهج الحق ووجهة حق، أو سلبي وسيئ فيما يتعلق بالباطل ومنهج باطل.
ومما يدل على خطورة الموالاة إنها هي في الواقع عند ما يحصل لديك وعي كثير من خلال أشياء كثيرة أن معنى ذلك أن تصل إلى درجة أن تتجه كذا، [ذات اليمين] أو تتجه كذا، [ذات الشمال] هذا الاتجاه في صورته العامة هو موالاة، أليس معناه موالاة؟
حتى بالنسبة لله سبحانه وتعالى عندما تقرأ القرآن، تدبر آيات الله، وتحاول أن تهذب نفسك، تحاول أن تذكر نفسك، ما هي الحالة التي تحصل عندك؟ ما هي حالة التوجه نحو الله؟ فسمي هؤلاء أولياء الله؛ لأنهم تولوا الله، أصبح الله هو وجهتهم، اتجهوا نحو الله، تولوا الله، فبتوليهم لله أصبحت وجهتهم متجهة نحو الله، يتقبلون ما يأتي منه، ينطلقون في رضاه، نفوسهم والبيئة التي هم فيها مهيأة لما يأتي من قبل الله
وهكذا في الجانب الآخر، أولياء الشيطان، ألم يقل: {فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ} (النساء76) أولياء الشيطان تصبح نفسيته باتجاهه، هذا الاتجاه السيئ، ذات الشمال، يصبح موالي؛ لأن وجهته، حالته النفسية متجهة نحو خط الشيطان، والشيطان.. إلى آخره.
هذا يصبح مهيأ بأنه كل ما يريد الشيطان يمشي عليه، كل ما يريد الشيطان ينطلق فيه، أعماله تخدم الشيطان وتخدم ما يريد الشيطان، وكل ما يريد الشيطان أن يعممه يصبح هذا وأمثاله أرضية قابلة للتعميم.
ولهذا تنتهي المسألة إلى أن جعل الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان؛ لأنه قمة الولاء وقمة العداء، في واقعك، في نفسيتك، أن تصبح إلى الدرجة هذه، لعمق المسألة في نفسك، وتوليك الصادق لله تصبح إلى هذه الدرجة: أن تحب في الله وتبغض في الله، سماه في الحديث أنه أوثق عرى الإيمان.
معنى هذا أنه يصبح مقياسًا لك؛ لأنك متولي لله فيصبح كل شيء عندك ما تنطلق فيه إلا على أساس أن فيه رضا لله، أنه حق شرعه الله، أنه عمل صالح أراده الله، أن تصبح كما قال الإمام الخميني تصبح لديك المعايير كلها إلهية.
فقضية الموالاة والمعاداة مهمة جدا جدًا تعطل أعمال الإنسان كلها الصالحة، هذه الآية خطيرة {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وتكررت في أكثر من موقع، مع اليهود والنصارى، ومع الكافرين، ومع المنافقين، يحذر المؤمنين من تولي هذه الخطوط الثلاثة: الكافرين، المنافقين، اليهود والنصارى، كلها جاءت الآيات فيها تحذر من التولي وتذكر بأن التولي لهم يجعل الإنسان منهم {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (الأنعام121).
بالنسبة للكافرين، مثلًا يحاولون أن يغرروا على المؤمنين بالنسبة للذبائح أنه: كيف ما نقتل حلالًا، وما يقتل الله يعتبر حرامًا؟! وهم يجادلون المسلمين فيما يتعلق بأكل الميتة: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} ألم يقل هنا: إنكم لمشركون إذا أطعتموهم؟ وعندما يقول: إنكم، مثل ما قال هنا في الموالاة: ومن يتولهم منكم، يذكرك بأنك وأنت على الحالة التي وأنت ترى نفسك غير متغير فيها باعتبارك تحسب نفسك من ضمن المؤمنين، وتمارس الأعمال التي يعملها المؤمنون: صلاة وصيام، وأشياء من هذه، مع هذه، وعلى الرغم من هذه إنكم لمشركون، ومن يتولهم منكم، منكم أنتم على ما أنتم عليه، فإنه منهم {إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة51).
الخطورة في المسألة في الزمن هذا انتشرت الوسائل الكثيرة التي تقدر على تحويل الناس، وكلها تتركز، كل وسائل الإعلام، كل الأشياء هذه تتركز إلى خلق ولاء وعداء يكون خلاصتها حتى عندما يحاولون أن يكون المنهج الدراسي على نحو معين، ونشاط وزارة الثقافة على نحو معين، والتلفزيون والإذاعة نشاطها على نحو معين كله يصب في هذه النقطة: هو لتهيئة النفوس بالشكل الذي يمكن أن تكون معه تتولى هذا الخط وتعادي هذا الخط، تتولى هذه الفئة وتعادي هذه الفئة. هذا كل ما تدور حوله هذه الوسائل الإعلامية والتربوية، والتثقيفية، ومن أجل هذه النقطة تبذل ملايين ملايين الدولارات من أجل خلق ولاءات وعداوات.
الزمن هذا يعتبر من أسوأ الأزمنة في هذه الناحية، من أسوأ الأزمنة. يقولون: إن المعاصي نفسها، المعاصي قد تكون في أزمنة كبيرة جدًا أكبر منها في زمن معين، في الزمن هذا يظهر بأنه أي فساد، أي فساد يحصل حتى من قبلك أنت شخصيًا داخل بيتك قد أصبح واقعًا يخدم إسرائيل وأمريكا، يخدم اليهود والنصارى، أيّ فساد أصبح يخدم اليهود والنصارى.
فالإنسان عندما يفسد، أو يترك أولاده يفسدون، أو يُفسِد آخرين، يعتبر مجند لخدمة أمريكا وإسرائيل، وخدمة اليهود والنصارى، بدليل أنهم هم حرصوا جدًا على أن يصل ما يريدونه، ويصل إفسادهم إلى كل بيت، إلى كل شخص مثلما الشيطان، هذه هي فكرة الشيطان، الشيطان الآن ما هو شخص واحد؟ الشيطان الذي تحدث القرآن عنه وحذرنا الله منه، وأمرنا أن نعاديه، وأن نلعنه، وأن نحذر من وساوسه وكيده؟ هذا الشيطان لا أحد يدري في أي منطقة من العالم هو موجود، هو متمركز، هل في [مثلث برمودا] على ما يقول البعض: أن الشيطان هناك، وأن معه دولة
هناك، وأنهم هم من عملوا تلك المشكلة، مشكلة السفن، وأن السفن هناك تتيه، وتضيع، أو في أي منطقة هو.
هذا الشيطان افترض أنه في أقصى الكرة الشمالية، في القطب الشمالي من الأرض، في أقصى منطقة، لكن كل شخص من بني آدم يعمل العمل الذي يريد الشيطان ويسعى الشيطان لتعميمه ونشره يعتبر عابدًا للشيطان؛ ولهذا حكى الله ما سيقول لبني آدم يوم القيامة: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (يس60) قد تقول: نحن ما عبدناه، ونحن في بيوتنا وبيننا وبينه آلاف الكيلو مترات، الله أعلم أين مكانه.. لا؛ لأنك في عملك هذا تخدم الشيطان، وتصبح نائبًا عنه، وتصبح جسرًا لما يريد أن يعممه ويوصله للآخرين، فتصبح المعصية خدمة للشيطان، وتصبح وأنت في أي منطقة في هذا العالم، ويصبح كل شخص يعصي الله سبحانه وتعالى، ويقدم عليه يوم القيامة وهو عاصي لله، عابد للشيطان، يقال له مع بقية من كانوا على طريقته: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} (يس61).
نفس الشيء بالنسبة لأمريكا وإسرائيل، بالنسبة لليهود والنصارى استطاعوا أن يهيمنوا هيمنة يفسدون فيها في كل مجال كما حكى الله عنهم في القرآن: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} (المائدة33) فأصبح من الخطورة بمكان أن الفساد الذي يحصل في هذه المحلة أو في تلك المحلة أو في هذا البيت أو في ذلك البيت لم تعد معصية محدودة في إطارك فقط، أصبحت تخدم أمريكا وإسرائيل، تخدم المجرمين من هؤلاء، اليهود والنصارى. ومعنى هذا بأنه تصبح الجريمة كبيرة، تصبح الجريمة كبيرة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
المعاداة والموالاة
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: شهر شوال 1422هـ
اليمن – صعدة