حقنُ الدماء ورحمةُ القيادة
مأرب نت || مقالات || منصور البكالي
قد يكون قتل مرتزِقة العدوان وإغلاق قانون العفو العام في وجوههم نتيجة حتمية لجرائمهم وخياناتهم لدماء شعبهم ووطنهم وكل القيم والمبادئ والقوانين والأعراف والأسلاف اليمنية، ولكن قيم الثقافة القرآنية وشمائل قياداتها عن هذا المستوى تعطي الخونة والعملاء فرصة أخيرة عبر استمرار قانون العفو العام ومساعي لجنة المصالحة الوطنية الحثيثة والجاهدة في التواصل بهم ومخاطبتهم بالعودة إلى ديارهم وبين أهاليهم وتسهيل كُـلّ الإجراءات الأمنية أمامهم.
ومع أن قانون العفو العام نابع من رؤى استراتيجية عادلة ومنصفة وجاء لحقن الدم اليمني وإعادة اللحمة الوطنية وترميم الشروخ في نسيجه الاجتماعي بعد عقود مما فعلته مخطّطات العدوان الأمريكي السعوديّ التي مهدت لسفك الدم اليمني عبر التفريخ الحزبي والسياسي وتغذية الصراع المذهبي والمناطقي ونشر الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة في المناهج الدراسية ودور العلم الشرعية المسيَّسة والمودلجة، لكن قائد الثورة والمسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- وجه بقبول كُـلّ العائدين مهما كان تاريخهم الأسود والملطخ بالدماء، ومهما كان حجم جرمهم وعدائهم لهذا الشعب إن أعلنوا العودة والتوبة، وهذه منة وفضل نستقيه من هدي القرآن الكريم وتعاملات نبي الرحمة -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- مع المعلنين للإسلام بشكله الخارجي لا بجوهره.
ومن أفضل الأمثلة على هذا مع وجه المقارنة ما نراه منذ بزوغ فجر ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر واتّفاقية السلم والشراكة، وما لحق بها خلال سنوات العدوان والحصار المُستمرّ على شعبنا اليمني بتأييد مرتزِقة الداخل وأصواتهم الداعية لإبادة الشعب وقتله معتبرةً ذلك منةً وفضلاً من الأمريكي عليهم حين قال قائلهم المسمى “عبدالله صعتر” عبر قناة الفضائية اليمنية أول العدوان “عدد سكان اليمن 25 مليوناً يقتلون 24 مليوناً ويبقى مليون فقط يكفي” أي تعطش لسفك الدماء لدى هؤلاء الذين لم تسلم دماء المصلين في بيوت الله من جرمهم ولا دماء الشعب في الأسواق والطرقات والمدارس وتحت أسقف المنازل من طغيانه وأية وحشية يغرقون فيها وأية أنهار من الدماء كانوا يريدون تقديمها لأسيادهم اليهود، بشكل مقصود لضرب الإسلام وتشويهه في العالم.
في مقابل ذلك قيادة صنعاء الربانية تدعوهم بكل لهفة وشوق ومصداقية لحقن الدماء والدخول في العفو العام وفتح صفحة جديدة خالية من الأحقاد والضغائن، وهي في منطلق القوة والقدرة على ممارسة الشيء ذاته إن لم يكن لديها أهداف ومعايير قرآنية تريد تقديمها لهذا الشعب.
فرحمة قيادتنا في مرحلة عصية كهذه بكل تأكيد استطاعت إفشال مخطّطات الغزاة والمحتلّين وقدمت صورة مغايرة لما كانوا يسعون لصناعتها، وصياغتها، فكانت ولله الحمد والمنة صورة ناصعة البياض عن الثقافة القرآنية والرسالة السماوية التي هي في الأَسَاس رحمة للعالمين، تعيد ذاتها في زمن غطرسة وجور وظلم الهيمنة والاستكبار الصهيوأمريكي وأذرعهم في المنطقة.