نتنياهو يجند عملاء العرب لخدمة معركته الانتخابيّة.. هل صحت رواية أرييه درعي؟

مع اقتراب انتخابات الكيان الصهيونيّ المزمعة في 23 آذار القادم، يجري رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، اتصالات مكثفة والمقربون منه ومن بينهم رئيس مجلس الأمن القوميّ ورئيس جهاز الاستخبارات “الموساد”، مع كل من الملك المغربيّ محمد السادس، وولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان، لتجنيدهما في خدمة معركته الانتخابيّة الوشيكة، بالتزامن مع زيارة أجراها وزير استخبارات العدو، إيلي كوهين، في ساعة متأخرة، الاثنين المنصرم، إلى العاصمة السودانيّة، في أول زيارة لوزير صهيونيّ إلى الخرطوم.

دعاية انتخابيّة

في استغلال سياسيّ مباشر ومهين، يحاول رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، استعمال ورقة العملاء من المسؤولين العرب لتحقيق منافعه الانتخابيّة، عبر زيارة رسميّة للملك المغربيّ محمد السادس، وولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان، في “دعاية انتخابيّة” يهدف نتنياهو منها إلى زيادة فرص فوزه بولاية جديدة، فيما أفادت مصادر مطلعة، نقلاً عن مقربين من نتنياهو، بأنّ ملك المغرب وولي العهد السعودي، وافقا على دعوة رسميّة لزيارة تل أبيب إلا أنّ توقيت ذلك لم يحدد بعد، لكنهما يبحثان عن الذريعة والقناع لتغطية زيارتهما واللقاء برئيس وزراء العدو.

وفي الوقت الذي تشير فيه المصادر إلى أنّ محمد السادس وابن سلمان قد يزورا رام الله بعد تقديم خدماتهما لنتنياهو، تؤكّد أنّ هناك علاقة حميميّة مستمرة منذ عقود بين النظام المغربيّ وبين العدو الصهيونيّ الغاشم، وفي كل الميادين الاستخباريّة والاقتصاديّة والعلاقات التجاريّة، وبالتالي ليس مفاجئاً أن يحط الملك المغربيّ في الأراضي الفلسطينيّة التي يحتلها العدو الصهيونيّ، ولقاء رئيس وزراء العدو، ويُعتقد أن يكون الجانبان قد أنهيا التحضيرات المتعلقة بذلك.

وفيما يتعلق بوليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، فإنّه في مأزق كبير ووضع صعب في حال زار تل أبيب أم لا، وقد يهدد هذا الموضوع حياته السياسيّة بشكل كامل، فمن ناحية لا يستطيع إلا أن يرتمي بالحضن الصهيونيّ، في ظل الحديث عن إمكانيّة الضغط عليه من قبل الإدارة الأمريكيّة الجديدة، بسبب جرائمه الكثيرة التي ارتكبها بحق مواطنيه والعرب، ومن ناحية أخرى لا يتجرأ محمد بن سلمان على زيارة تل أبيب بسبب رعبه من رد الفعل الشعبيّ، رغم أنّه التقى نتنياهو عدة مرات بشكل سريّ، في الفترة الأخيرة وفق تقارير إعلاميّة عربيّة وغربيّة، أكّدت أيضاً وصول العلاقات بين الرياض وتل أبيب إلى مستوى لا يمكن تصديقه.

علاوة على ذلك، تتحدث مواقع إخباريّة أنّ الحاكم الفعليّ للإمارات، محمد بن زايد، هو الآخر في طريقه لزيارة الأراضي المحتلة، خاصة بعد تعاظم العلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب في كل المجالات وتحولها إلى حلف بقواعد متينة، حيث يحاول نتنياهو استغلالهم للدفع باتجاه الفوز بولاية جديدة، واستعمالهم كأوراق سياسيّة ضد خصومه من خلال استقدامهم إلى تل أبيب.

زيارة غريبة

في ظل كل هذه التطورات، زار رئيس جهاز الاستخبارات “الموساد”، إيلي كوهين، في ساعة متأخرة، الاثنين المنصرم، السودان في زيارة غريبة من نوعها من ناحية التوقيت، وتعد الأولى من نوعها إلى السودان، وفق ادعاء الإعلام العبريّ الذي بيّن أنّ كوهين التقى مسؤولين سودانيين ورؤساء المنظومة العسكريّة والاستخباراتيّة، قبل أن يعود إلى الأراضي المحتلة بعد زيارة استغرقت ساعات إلى الخرطوم.

إضافة إلى ما ذُكر، أثارت تلك الزيارة تساؤلات كثيرة حول الأسباب والأهداف الحقيقيّة وراء زيارة وزير صهيونيّ إلى السودان، وذلك بعد أشهر من اتفاق السودان والكيان المجرم على تطبيع العلاقات، ووفق متحدث صهيونيّ، التقى كوهين وزير الدفاع السودانيّ، ياسين إبراهيم، ووقع الاثنان مذكرة شملت الجوانب السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة، وفي بيان بعد عودته إلى الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ادعى كوهين أن نقاشاته في السودان أرست أساساً للتعاون المشترك والاستقرار في المنطقة، فيما غضت وسائل الإعلام الرسميّة السودانيّة البصر عن خبر الزيارة، وفقاً لـ bbc.

يشار إلى أنّ السودان وافق في تشرين الأول المنصرم، على تطبيع العلاقات مع العدو الإرهابيّ، وفي الشهر الذي تلاه، زار وفد صهيونيّ العاصمة  الخرطوم، ليتم في السادس من الشهر الحالي، توقيع السودان اتفاقية التطبيع مع تل أبيب، لينضم إلى حظيرة التطبيع الأمريكيّة التي أُدخلت إليها المغرب والإمارات والبحرين في الآونة الأخيرة، حيث جاء توقيع السودان قبل مضي شهر على إعلان واشنطن إزالة اسم السودان من القائمة الأمريكيّة للدول الراعية للإرهاب.

ولم يفقد الرفض الشعبيّ السودانيّ للتطبيع بريقه أبداً، حيث إنّ المظاهرات لم تتوقف في السودان منذ ليلة الإعلان المشؤوم عن إعلان اتفاق العار بين تل أبيب والخرطوم، حيث ما زال السودانيون يخرجون في تظاهرات غاضبة وسط شوارع الخرطوم، احتجاجاً على الخيانة التي ارتكبتها حكومتهم، بتطبيع علاقاتها مع العدو الصهيونيّ، وكانت أبرز الشعارات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ من خلال مقاطع مصورة بثها ناشطون: “اسمع اسمع يا برهان، لا تطبيع مع الكيان” ، “لا تفاوض ولا سلام، ولا صلح مع الكيان” ، و “لا بنستسلم ولا بنلين.. نحن واقفين مع فلسطين”.

خدمة اليهود

لا بد من التذكير، بأنّ وزير الداخليّة في حكومة الكيان الغاصب، الحاخام أرييه درعي، في حديث مع إحدى المواقع العبريّة، قبل أشهر، سخر من الدول المُطبعة مع العدو الإجراميّ من الدول المُطبعة، معتبراً أنّ الحكام العرب لا يجدر بهم أن يُستقبلوا كشركاء مع الصهاينة، بل يجب أن يزورا الأراضي الفلسطينيّة التي يحتلها الكيان لخدمة اليهود، وفق وصفه.

وعقب اتفاقات العار المتمثلة بالتطبيع مع عدو العرب والمسلمين، لتمرير “صفعة القرن” التي تهدف إلى تصفيّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة، شدّد وزير الداخليّة في حكومة العدو، أرييه درعي، أنّ الحكام العرب كحمار موسى في “التوراة” الذي يجب أن يُركب فقط ليصل إلى وجهته النهائيّة المطلوبة، موضحاً أنّه من الضروري تقديم “علف” عالي الجودة و “سروج” باهظة الثمن، لركوب تلك البهائم أي الحكام المُطبعين، مبيّناً أنّ الحكام العرب هم دوابّ عند كيان الاحتلال ويسخرون للوصول إلى الوجهة المطلوبة منهم.

وأكّد المسؤول الصهيونيّ حينها أنّ شراء سرج وعلف جديد لحكام العرب المطبعين هو من واجب الكيان المعتدي، الذي يستخدمهم للوصول إلى مآربه فحسب، وأوضح أنّ مكانهم الوحيد في الإسطبل ولن يذهب أحد بهم إلى غرفة الاستقبال، في إهانة كبيرة لحكام الدول العربيّة بعد دخول عواصمهم إلى حظيرة التطبيع مع العدو، يترجمها نتنياهو اليوم قبيل الانتخابات الصهيونيّة.

وبناء على ذلك، فإنّ الدول المُطبعة التي تصف نفسها بالعربيّة والتي خانت أمّتها ودينها وقضاياها العادلة من خلال الرضوخ لمغتصب الأرض العربيّة، أعطت بموقفها الخاضع والخانع، ضوءاً أخضر لنتنياهو باستعمالهم كدعاية سوداء في لعبة سياسيّة رخيصة، ناهيك عن مساعدتهم للعدو الغاصب في نهب خيرات الأراضي العربيّة، وتمزيق الوطن العربيّ ومن ثم السيطرة عليه وتوسيع بقعة الأراضي المحتلة، من خلال اتفاقاتٍ رخيصة تحت عناوين “السلام” المزيفة.

“الوقت التحليلي”
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى