الأدلة والشواهد على الحق في القرآن الكريم وفي واقع الحياة

|| من هدي القرآن ||

 

أريد أن أقول لأولئك الذين يقولون: [لماذا..؟ الكل, أولئك الآخرون هم مسلمون, وهم على حق، لماذا ليس إلا نحن على الحق؟] نقول: أنظر هكذا الحق عندهم تجلى، ثم عد إلى القرآن إذا كنت تعتقد أن ما لديهم هو الحق, وكنت تغتر بكثرتهم فانظر إلى كثرتهم كيف تبخرت في مواجهة أعداء الله.. والحق هو من الله, والحق جاء في كتاب الله، وتلك آيات كتاب الله تصف المؤمنين, والجهاد في سبيل الله, والعزة في مواجهة أعداء الله,

 

والاستبسال في سبيل الله هو من أبرز صفات المؤمنين.. هل هذه فيهم؟. لا. أليسوا هم من تبخروا أمام أعداء الله؟ فكيف بإمكانك أن تقول: أنهم على حق! انضم إلى صفهم لتكون واحدا من المهزومين.. أو أنهم متحرفين لقتال؟ لا. ينكمشون, وانتهى الموضوع.

 

يتبين لنا هنا أيضا: بأن الله سبحانه قد بين للناس الأدلة على الحق في كتابه الكريم، ثم الأدلة والشواهد على الحق في واقع الحياة, وفي ممارسات الناس جميعا.. إذاً فلا تغتر بكثرتهم. لا يخدعك ضجيجهم, ولا تخدعك ذقونهم, هاهي تهاوت هذه الذقون سريعاً دون أن تعمل شيئاً.

 

لماذا وقفوا في وجه المؤتمر, وفي وجه الرئيس في الانتخابات من أجل أن يحصلوا على مقاعد في مجلس النواب؟. وإذا كانوا هم يرون أنه هو الذي انطلق ليوقفهم عن أن يقولوا كلمة في مواجهة اليهود والنصارى لماذا أطاعوه هنا وعصوه هناك؟. لماذا لم يقولوا له: لا؟ لماذا لم يقولوا له: لا يمكن أن نسكت حتى وإن لم نكن نحن مستهدفين شخصياً, أما وهم مستهدفون شخصيا – كما يقال أو كما يزعم البعض – فبالأولى أن لا يسكتوا.. بالأولى أن يتكلموا, وأن يتحركوا.

 

((إن الحق لا يعرف بالرجال – كما قال الإمام علي (عليه السلام) – وإنما الرجال يعرفون بالحق فاعرف الحق تعرف أهله)) تجد شواهد الحق كثيرة، والإمام علي يريد من كلامه هذا أن شكليات الرجال: ذقونهم, ملابسهم, أجسامهم, ضجيجهم, حتى عبادتهم ليس هو المقياس على الحق، إعرف الحق.. نحن عرفنا الحق في القرآن الكريم أنه هو الوقوف في وجوه أعداء الله, أليس كذلك؟. الحق هو الذي قال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة:29).

 

أليس هذا هو الحق؟ وجدنا الحق هو الذي قال سبحانه وتعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُون ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ}(آل عمران: من الآية112). أليس هذا هو كلام الحق, يكشف الحقيقة عن أعداء الله؟. المؤمنون هم مصدقون بهذا الوعد، والمصدقون بهذا الوعد الحق هم من سينطلقون أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم.. هل هذا حصل منهم؟!. إذاً فشكلياتهم ليست دليلا على الحق.. المواقف أبانت لنا بأنهم ليسوا أهل حق.

 

أم أنهم كانوا يرون أن هناك جوانب من معتقداتهم الحقة ما تزال غائبة ليس بإمكانهم أن يفصحوا عنها؟ لا. نحن الزيدية قد نقول فعلا: ليس بإمكاننا, وليس لدينا الإمكانيات الكافية أن نوضح للناس الحق الذي نعتقده, ليس بإمكاننا, ولا لدينا الإمكانيات الكافية أن نتحدث للناس جميعا عن أهل البيت, وعن عقائدنا كلها..

 

لكن أولئك كانوا يرون أنفسهم يستطيعون أن يقولوا كل شيء من عقائدهم, وليس شيء من معتقداتهم غائبا عنهم. إذاً فهم قد كمل إيمانهم.. أليس كذلك؟. من وجهة نظرهم, وعلى أساس معتقداتهم، إيمانهم كامل, إسلامهم متوفر, لكن هناك ما شهد بأن إيمانهم من أساسه ناقص، والإسلام الحق في أوساطهم ضائع.

{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ} (آل عمران:111) فلماذا أنتم وليتم الأدبار من أول يوم؟ ولماذا أنتم وليتم الأدبار, وحلقتم ذقونكم من أول كلمة تواجهون بها من جانب من قال الله عنهم بأنهم: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ} (آل عمران:111)؟ فأنتم من لم تضروهم ولا أذى ووليتموهم الأدبار قبل أن تقاتلوهم.. أليس هذا هو الذي حصل؟. إذاً فليس هناك إيمان من هذا النوع الذي في كتاب الله سبحانه وتعالى.

 

ماذا يعني هذا بالنسبة لنا؟ هو أنه لا إيمان كامل يمكن أن نحصل عليه إلا من خلال كتاب الله وعلى يد عترة رسول الله (صلوات الله عليه وعليهم).

 

ونحن أيضا عندما نتعلم الإيمان يجب أن نتعلمه بالشكل الصحيح، وهو ما نحاول جميعا أن نصل إليه بإذن الله, أن نكون مؤمنين بما تعني الكلمة، أن يكون الإنسان مؤمنا مصدقا بوعد الله مصدقا بوعيده، بوعده له كولي من أوليائه, ووعيده لأعدائه حتى كيف سيكونون في ميدان المواجهة مع أوليائه ضعافاً.. أذلاء، الله قال هكذا عن الكافرين, وقال هكذا عن اليهود والنصارى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ}(الفتح: من الآية22) كما قال عن اليهود والنصارى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111).

 

نحن ليس في عقائدنا: أن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يشفع لأهل الكبائر فيدخلون الجنة بشفاعته دون أن يكون قد حصل منهم في الدنيا توبة, ولا تصميم على التخلي عن تلك الكبائر, ولا رجوع عنها كما هي عقيدة الآخرين. نحن عقيدتنا: أن من مات عاصيا لله سبحانه وتعالى متجاوزا لحدوده وإن كان يقول: لا إله إلا الله, وإن حمل اسم الإيمان فإنه فعـلاً ممن ينطبق عليه وعيد الله للمجرمين وللعاصين وللمتجاوزين لحدوده {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّين وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} (الانفطار:16) ونحن من يجب أن يكون إيماننا قويا, وخوفنا من الله عظيما.

 

لأن أولئك يطمئنون أنفسهم بالشفاعة وهي وهمية على ذلك النحو الذي يقولون هم, أما نحن فليس في عقيدتنا الشفاعة – على ذلك النحو – لأهل الكبائر, فنحن من يجب أن نخاف الله سبحانه وتعالى على أن لا نكون في واقعنا تاركين لشيء مما يجب علينا أمامه فنكون بذلك مرتكبين لكبيرة، نكون مرتكبين لكبيرة من كبائر العصيان التي تؤدي بالإنسان إلى الخلود في النار.

 

الزيدية يجب أن يكونوا أكثر المسلمين اهتماماً, وأن يكونوا أول المسلمين انطلاقة في مواجهة أعداء الله، وأن يكونوا أكثر المسلمين وعياً إيمانياً؛ لأن معتقداتهم خطيرة جدا عليهم، وليس شيئاً انتحلوه أو بحثوا عن التثقيل على أنفسهم؛ إنه منطق القرآن، إنه هو الذي هدد بالخلود في النار لمن يتجاوز حدوده حتى فيما يتعلق بقسمة المواريث ناهيك عن الأعمال الأخرى التي يترتب عليها إقامة الدين, والحفاظ على الدين, وعلى الأمة.

 

ونحن إذا رجعنا إلى أنفسنا فعلاً نجد أننا ما نزال – وإن كانت معتقداتنا من حيث المبدأ صحيحة – لكن هناك نقصاً كبيراً في وعينا, وعينا للواقع من حولنا، ووعينا لما يمكننا أن نعمله.. لدينا المراكز منتشرة في مناطق كثيرة.. مراكز فيها أساتذة وفيها طلاب علم, كنا نسمع من بعض الشباب داخل هذه المراكز ممن قد تجاوز دورتين أو ثلاث ويرى أنه قد اكتمل إيمانه فهو يبحث عن ماذا بقي أن نعمل, يجب أن نعمل شيئاً.. ثم وجدناهم أنفسهم وإذا بهم في هذه الأيام على الرغم مما تكرر من جانبنا من حديث حول أهمية رفع شعار: الموت لأمريكا والموت لإسرائيل يواجهون هذا الكلام ببرودة وكأنه شيء لا أهمية له ولا قيمة له.

 

إذاُ فلنقل: نحن لا نزال في وعينا قاصرين جدا.. إذا كنت بعد لم تفهم وأنت تسمع تهديد أمريكا لدول الإسلام والمسلمين جميعا وللدول كلها داخل هذه المنطقة، وأنت من سمعت أن هذا الشعار كان يعمل عمله، وهذا الشعار الإمام الخميني هو الذي وضعه وهو الشخص الحكيم الذكي الواعي.. ثم لا ترفع هذا الشعار.. أليس هذا يدل على أن وعيي ما يزال قاصرا، وأنا أحمل اسم أستاذ.. أستاذ يعني: مربي ومعلم داخل هذا المركز, وأعمل جلسات روحية داخل هذا المركز أو ذلك المركز.

 

محاضرة في ظلال دعاء مكارم الأخلاق ـ الدرس الثاني

 

دروس من هدي القرآن الكريم

 

الدرس الثاني

 

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

 

بتاريخ: 2/2/2002م

 

اليمن – صعدة

 

الله أكبر

 

الموت لأمريكا

 

الموت لإسرائيل

 

اللعنة على اليهود

 

النصر للإسلام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى