أطفال اليمن ما بين مطرقة العدوان وسندان الأمم المتحدة
بلقيس علي السلطان
الأطفالُ هم ذخيرة الأوطان وعتادها، وأمل الأُمَّــة وأَسَاس إعمارها؛ لذلك جعل منهم أعداء الإنسانية هدفاً من أهدافهم التدميرية، فإذا ما دخلوا على دولة أفسدوها واستباحوا كُـلَّ ما فيها بما في ذلك دماء الأطفال التي تحرمها الشرائع السماوية وتحرمها القوانين الدولية، التي صاغتها الدول التي تعمل على خرقها ونقضها في وقتنا الراهن، دون مراعاة لأية حرمة أَو أي استنكار واستهجان دولي وبمساعدة أممية خبيثة، حيث بلغت مدى خبثها في الحرب على اليمن.
لقد ظل أطفال اليمن منذ بداية العدوان هدفاً لقوى الطغيان المعتدية، فلا تكاد تخلو مجزرة يرتكبها العدوان من وجود ضحايا من الأطفال، بل إنهم ارتكبوا مجازرَ كان جلُّ ضحاياها من الأطفال، وحافلة أطفال ضحيان ومدرسة الراعي وما حدث مؤخّراً في وشحة والجوف، خير شاهد على أن الأطفال موضوعون ضمن مخطّطات العدوان ومؤامراتهم.
ولم تتوقف خطط العدوان ضد الأطفال على المجازر فقط، بل تم استهدافهم بوسائل وطرق مختلفة، كالاغتصابات التي يندى لها الجبين ومن ضمنها ما حدث مؤخّراً في حيس بارتكاب المرتزِقة جريمةَ اغتصاب بشعة بحق طفلة لا تتجاوز السابعة من عمرها، وَأَيْـضاً عدم تمكّن الأطفال من أخذ حقوقهم من اللعب والتعليم والصحة والغذاء الجيد؛ بسَببِ الحرب.
أما عن دور الأمم المتحدة في تدمير الطفولة في اليمن، فهو لا يختلف عن أدوار المعتدين على اليمن، فقد جعلوا منها أداة مكملة لخطط الإبادة والتدمير في اليمن ومُجَـرّد زيارة لحضانات الأطفال تكفي لمعرفة قبح الدور الأممي في إبادة أطفال اليمن، وكذلك ما يجري في الدريهمي من حصار خانق لم يستثن منه حتى الأطفال الذين يموتون كُـلَّ يوم جراء حصارهم وحرمانهم من الغذاء والدواء، وَإذَا عرّجنا على المناطق المحتلّة فسنشهد جرائم يندى لها الجبين من استغلال الأطفال وإجبارهم في المشاركة في الحرب في الجبهات، وكذلك عمليات القتل المتعمد لهم والذي شهدت مدينة تعز آخر عملية قتل لطفل أمام مرأى الناس بدم بارد ودون أية مبالاة، وكذلك ما تشهده السجون في المناطق المحتلّة من عمليات اغتصاب للأطفال الذين تم سجنهم ظلماً وتعسفاً والاغتصابات لأطفال خارج السجون، وأضف إلى ذلك عمليات الخطف المستمرة، ناهيك عن موت الكثير منهم جراء الأوبئة المختلفة التي تجتاح اليمن وفق خطط مدروسة وممنهجة للقضاء على الطفولة اليمنية.
ما يحدث لأطفال اليمن من إبادة وتدمير ممنهج يعد جريمة حرب خبيثة تشترك فيها دولُ العدوان بما فيهم التواطؤ الأممي الواضح، وما حدث مؤخّراً من رفض الأمم المتحدة لسفر الأطفال الذين يعانون من أمراض يستعصي علاجُها داخل اليمن وتحريك طائرة؛ مِن أجلِ طفل يخص الأمم المتحدة، ما حدث يدلُّ الدلالة الواضحة على أن الأمم المتحدة باتت عضواً مشاركاً في الحرب على اليمن وإبادة الأطفال فيه، وهناك العديدُ من المواقف التي تثبت قبح التواطؤ الأممي حتى في إداناتها المخزية جراء المجازر التي يرتكبها العدوان ضد الأطفال وضد الشعب اليمني ككل، وكذلك مشاركتها في احتجاز سفن النفط التي أحدثت أزمة إنسانية خانقة في المستشفيات والكثير من الأماكن التي هي بأمس الحاجة للمشتقات النفطية، وكل ذلك؛ مِن أجلِ منع صرف نصف الراتب الذي تنفس به الشعب الصعداء والذي لا يكاد يكفي لسد رمق تلكم الأطفال، وكذلك خنق فرحتهم العيدية في ظل هذه الظروف الصعبة واحتجاز ناقلات النفط والتي اتخذ منها التجار مطية لرفع الأسعار وإرهاق كاهل المواطن الذي يسعى جاهداً لإدخَال الفرحة لأطفاله ولو بالشيء اليسير.
الحرب ضد أطفال اليمن باتت واضحةً ومكشوفةً، وقد يعتقد المعتدون ضد اليمن بأن خططهم تسير كما رتبوا لها وبأنها تنفذ بحذافيرها، وما لا يعلمونه بأن الشعب اليمني الصامد لن يظل متفرجاً على الخطط الدنيئة ضد الطفولة اليمنية وستكون الردود ضد كُـلّ تلك الخطط قوية وموجعة بقدر الوجع الذي يلحق بالشعب جراء قطرة دم تسفك أَو صرخة لطفل جائع، أَو لأنفاس تتصاعد في الأسماء لطفل في الحضانة ولم يشهد الحياة بعد، والرد اليماني وجعُه في الأماكن التي تتسبب بالوجع من مواقع عسكرية واقتصادية، ولا بد لهم أن يألموا كما نألم، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون، والعاقبةُ للمتقين.