التنمية الدولية بالمفهوم الأميركي
منذ بداية العدوان الأمريكي الصهيوخليجي على اليمن تهافتت معظم المنظمات الدولية للعمل في اليمن لتنفيذ أنشطتها في المجتمعات المحلية في عدد من المحافظات، ولكي تمارس في حقيقة الأمر أدواراً استخباراتية بشعارات إنسانية زائفة، ومنها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التي تعمل مباشرة لصالح قوى العدوان، وتقتل أبناء اليمن وتدّعي مساعدتهم، في الوقت الذي يُقتل فيه الشعب اليمني بأسلحة أمريكية، وعبر أدواتها بالمنطقة النظامين السعودي والإماراتي لتنفيذ أجندتها وسياساتها لخدمة الكيان الصهيوني.
وفي تفاصيل ذلك، كشف المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع عن حقيقة الأدوار المشبوهة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وأوضح العميد سريع في إيجاز صحفي، جزءاً من المساهمة الأمريكية في تنمية اليمن ومساعدة الشعب اليمني، وفقاً لما تسميها الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أنها مجموعة كبيرة من الأسلحة عليها شعار “الوكالة الامريكية للتنمية الدولية”، حيث قال: “عثرت قواتنا على كميات كبيرة من هذه الأسلحة في محافظة البيضاء وعليها شعار الوكالة، وذلك من خلال العمليات العسكرية الأخيرة، وسبق وأن عثرت قواتنا ضمن الغنائم أيضاً على كميات مختلفة من الأسلحة عليها شعار الوكالة في مناطق وجبهات أخرى”.
وقال: “إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكتف بدعمها العسكري واللوجستي والاستخباراتي لتحالف العدوان في حربه وعدوانه على اليمن، بل جعلت منظمات تدّعي أنها تعمل من أجل التنمية وتقديم المساعدات الإنسانية لتستخدم التمويلات الممنوحة لها في تنفيذ أنشطة عسكرية كالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”.
ماهي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية:
يتبادر إلى أذهان الكثير العديد من الأسئلة أبرزها لعل: ماهي طبيعة أنشطة هذه المنظمة ومن أين تتلقى الدعم المالي؟
تشير العديد من الدراسات إلى أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID): هي وكالة تابعة لحكومة الولايات المتحدة الأميركية، وهي مسؤولة في المقام الأول عن إدارة المساعدات الخارجية المقدمة للمدنيين، وأسّسها الرئيس الأميركي (جون كينيدي) عام 1961م، بقرار إداري وذلك لتنفيذ برامج المساعدات التنموية في المناطق، ويقع مقرها في واشنطن.
وبالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعيّ أن هذه الوكالة منظمة مستقلة، لكنها في الحقيقة منظمة حكومية تتبع لوزارة الخارجية الأمريكية، وتخضع لتوجيهات السياسة الخارجية لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، ووزير خارجية الولايات المتحدة، ومجلس الأمن القومي، حيث يقوم الرئيس الأميركي بتعيين مدير الوكالة، ويعمل مدير الوكالة ضمن توجيهات السياسة الخارجية، وصلاحيات وزير الخارجية، بهدف دعم المصالح الأمريكية في أنحاء العالم.
الأهداف الخفية للمنظمات الامريكية:
أعلنت الولايات المتحدة عند انشاء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن الهدف من إنشائها، هو تقديم المساعدات الإنسانية للدول، والشعوب المحتاجة، أو المنكوبة، ودعم سياسة الولايات المتحدة الخارجية، من خلال الترويج للديمقراطية، والرأسمالية، والتجارة الحرة، وتحسين ظروف معيشة الشعوب التي تكافح للعيش في دول حرة وديمقراطية.
وحين تقرأ الشعوب ما سطّرته هذه المنظمة الأمريكية المختصّة بالتنمية الدولية، من أهداف، فسوف تصاب بالدهشة، والأعجاب منقطع النظير، لهذه الجهود الإنسانية العظيمة التي تبذلها المنظمات الأمريكية، لإغاثة الشعوب الفقيرة الملهوفة، ومساعداتها، في حين تكشف الوقائع على الميدان الأهداف الخفية لهذه المنظمة التي تقول أن أهدافها هي التنمية الدولية، في حين أن ما تقوم به في الواقع هو عكس أهدافها المُعلنة، حيث تقدم معونات تخريبه وتدميرية لا علاقة لها بالتنمية في الواقع، بل مناقضة لها تماماً، وذلك لتحقيق الأهداف السياسية الاستعمارية الأميركية، وتنمية النفوذ الأميركي في دول العالم، بحيث لا تضطر الولايات المتحدة إلى تحريك قواتها العسكرية لتحقيقها، وتحملها بتكاليف باهضه جداً.
أنشطة مشبوهة وتخريبه:
تشير دراسات وأبحاث بأن الوكلة الأمريكية تتدخل مباشرة في الشؤون السياسية للدول، في عدة دول منها كوبا ومصر والعراق وتونس، حيث تقوم بتقديم الدعم للأحزاب والنخب السياسية في تلك الدول بدون أخذ الأذن لها من السلطات في أغلب الأحيان، وذلك تحت يافطة تقديم مساعدات تنموية على حد زعمها، بالإضافة إلى أنها تشارك في الثورات التي قامت في عدة دول والتي تُعرف بالثورات الملونة منها الثورة البرتقالية في أوكرانيا، وكذلك في صربيا وجورجيا، فإسهامها الفعلي في التنمية في البلدان التي تمول مشاريع فيها معدوم تماماً، حيث لم يتعد التنمية في تلك الدول سوى تنمية النفوذ الأميركي فيها، وتنمية منظمات غير حكومية جاهزة لتغيير النظام فيها، في أي وقت يخرج فيه هذا النظام على نطاق الطاقة للإدارة الأميركية، أو ينحرف عنها.
وفي سياق متصل، تبين العديد من الدراسات أن الوكالة الأمريكية للّتنمية الدولية قامت تقديم تعريف للإرهاب بالمفهوم الأمريكي، وخصوصاً في فلسطين المحتلة، وحصره في حركات المقاومة الفلسطينية، حيث تقوم بتبني ودعم مشاريع تعمل على القضاء على الظروف، والعوامل، التي تغذي المقاومة، والهاء وتفكيك المجتمع الحاضن لها، إذ حولت هذه الوكالة الأمريكية موضوع القضاء على المقاومة إلى خطة عملية من خلال توقيع وثيقة نبذ “الإرهاب” كشرطٍ، للحصول على منحةٍ منها، حيث يتضمن تعريف “الإرهاب”، حسب هذه الوكالة الأمريكية ألا يكون من بين المُستفيدين من المشروع حصرياً، أي عنصر في حركة حماس، أو فصائل المقاومة الأُخرَى، كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما يتضمن موقفاً صريحاً باعتبار أعمال المقاومة الفلسطينية “إرهاباً”، والالتزام بالقيّم، والمبادئ، الأميركية في العمل.
وختاماً: يمكن القول ان الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ليست سوى اداة امريكية لغرض بث التخريب والدمار وعدم الاستقرار في جميع الدول والمجتمعات التي ترسل اليها، لاسيما وأنها تتعامل بشكل وثيق مع المخابرات المركزية الامريكية (السي آي ايه) بحيث تحولت الى واجهة لها للتجسس ولتمويل العمليات التخريبية، والتآمر على استقرار الدول، وهو ما دفع العديد من دول العالم الى طردها منها ومنع عودتها نهائياً، من هذه روسيا وبلدان افريقيا وأمريكا الجنوبية.
ولذلك، فعندما يشاهد المرء ويرى أي أنشطة لمنظمات أمريكية فإنه يجب التركيز إلى حقيقة هامة جداً هي أنه في أي سلوك أو نشاط أميركي، إذ إن الواجب أن يتبه إلى حقيقة كبرى وخطيرة مفادها أن الإدارة الأمريكية لديها دائماً أهداف مُعلنة كلها خير وبركة، يطرحها الرؤساء الأمريكان بخطابات رنّانة، وبليغة، ولكن ما يجب أن يضع في الاذهان دائماً، ولا ينبغي أن نغفل عنها لحظة واحدة هو أن هناك أهداف غير مُعلنة، وخفيّة، تتميز بالوحشية، والمُرعبة، حيث تتستر بالأهداف المُعلنة اللطيفة والخيّرة.