ناشونال إنترست: فراغ إستراتيجي تاريخي تخلفه أميركا على نطاق العالم

يقول كاتب بمجلة ناشونال إنترست الأميركية إن الولايات المتحدة تقف حاليا على مفترق طرق تاريخي، إذ تتوالى انسحاباتها من مناطق ذات أهمية جيوسياسية وتخلف وراءها فراغا ستملأه روسيا والصين.

ويوضح كبير الباحثين بالمجلس الأطلنطي الكاتب أريل كوهين أن الانسحاب المتعجل للقوات الأميركية من سوريا، سيخلف الفراغ نفسه الذي خلفه الجيش الأميركي عندما انسحب على عجل من العراق خلال حكم الرئيس السابق باراك أوباما.

وذكر الكاتب أن النظام العالمي الذي نعيش في ظله اليوم كان نتاجا لتضحيات أربعة أجيال وآلاف الأرواح وتريليونات الدولارات من الأميركيين وأنه نجح في الحفاظ على أمن أميركا وازدهارها منذ 1945، وأنه تم عبر التحالفات والمعاهدات التجارية والقواعد العسكرية والقيم الديمقراطية والتعليم والتكنولوجيا والفنون والأيقونات الثقافية، لكن وبعد أن أصبحت بعض هذه العناصر مكلفة للغاية أو غير صالحة، فربما توجب تعديلها.

مخالب أميركا

وقال إن المؤسسات التي أقامتها الولايات المتحدة عقب خروجها منتصرة من الحرب العالمية الثانية مثل حلف الناتو، واتفاقيات برايتون وودس، وخطة مارشال لإعادة بناء ألمانيا واليابان ساعدت الغرب في الإطاحة بالاتحاد السوفيتي عام 1991، مضيفا أن هذه المؤسسات نفسها هي التي استمرت في الحفاظ على الأمن الدولي ومنحت الأنشطة التجارية الأميركية فرصة التغلغل في العالم.

وزعم الكاتب أن تخلي بريطانيا العظمى عقب الحربين العالميتين عن إمبراطوريتها التي لم تكن تغيب عنها الشمس وانسحابها من شبه القارة الهندية والشرق الأوسط وأفريقيا تسبب في إحداث فراغ جيوسياسي ومهد المسرح لسلسلة من الصراعات التي جرت خلال الفترة من الأربعينيات إلى الستينيات.

وأورد أمثلة على ذلك من تقسيم الهند والحروب العربية الإسرائيلية وتدخل الصين الشيوعية في ماليزيا وفشل الوحدة بين اليونان وقبرص، فضلا عن مستنقع الصراعات العرقية القذرة في أفريقيا من كينيا إلى نيجيريا وما نجم عن ذلك من مقتل ولجوء الملايين من البشر وحصول الاتحاد السوفيتي على موطئ قدم له في العديد من البلدان العربية.

خذلان أميركا للأكراد

وقال إن الانسحاب الأميركي الحالي من سوريا يحمل معه تداعيات كبيرة على الشرق الأوسط ومصالح السياسة الخارجية الأميركية عموما نظرا إلى أن شركاء أميركا في جميع أنحاء العالم لن ينسوا أن واشنطن خذلت حلفاءها الأكراد في أحرج الأوقات.

وأكد كوهين ما تحدث عنه أولا بشأن الفراغ الجيوسياسي بقوله إن الأكراد لجؤوا إلى موسكو لحمايتهم من تركيا عندما خذلهم الرئيس الأميركي ترامب.

واستشهد الكاتب على ضعف الموقف الأميركي في الشرق الأوسط بنفي قيادة الجيش العراقي ما أعلنه وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر خلال زيارته الأخيرة لبغداد من أن القوات الأميركية التي غادرت سوريا ستتمركز في العراق لمواصلة المعركة ضد “الإرهاب”.

انتبه ترامب!

كذلك حلت إيران، يقول الكاتب، محل أميركا في خليج عدن بالقرب من باب المندب وهو المنفذ إلى البحر الأحمر الإستراتيجي وقناة السويس، الأمر الذي يمثل تهديدا للقرن الأفريقي والملاحة من الخليج، خاصة واردات النفط.

واستمر يقول إن روسيا وبعد غياب دام عقودا من أفريقيا، تستعد حاليا لعودة كبيرة إلى تلك القارة التي تغلغلت فيها الصين بالفعل.

وقارن بين الدعم المالي الذي قدمته الصين للدول الأفريقية خلال الفترة من 2005 إلى 2018 والبالغ 299 مليار دولار وما تعهدت به أميركا أخيرا لجميع دول العالم (ستون مليار دولار)، ليقول إن أميركا لا تنافس القوى الأخرى.

وختم كوهين مقاله بدعوة ترامب للأخذ بالحسبان هذه الحقائق جيدا في معالجة الشؤون العالمية حاليا.

“شفقنا”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى