رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحمةُ العالمين عدوُ المستكبرين ..

مطهر يحيى شرف الدين

 

كانبلاج الصبح المنسلخ من غيابت الدجى وقد أدركته جميع الكائنات فكانت الإشارات المدونة في الديانات والشرائع السماوية مبشرةً بقدوم خير خلق الله الذي كان يوم ميلاده عدلاً سماوياً نزل لينتصر للمظلومين والمقهورين ويواجه المستبدين الظالمين المستكبرين فكان ظهوره نوراً يملءُ نفوس البشرية بصيرةً ورؤية وفجراً

، وأصبح وجوده على هذه البسيطة نسماتٍ عليلة تبهج الروح وتفرحُ القلب وتوقظ الضمير وتقف حائلاً دونَ استمرار الجور وطغيانه بعباد الله المستضعفين ،

ذلك إذاً هو المشروعٍ النبوي المحمدي الذي كانت أولى مهامه ومسؤولياته الدعوة إلى توحيد الله وأن لا شريك له في الربوبية والإلوهية وكذلك حماية الأمة من أن يعتدى عليها أو تنتهك حرمتها وأن تُحفظ كرامتها وعزتها ، فكان مجيئه صلى الله عليه وآله وسلم سبباً وعاملاً أساسياً لإزالة ورفع الغطاء المطبق على الأمم التي سادها الظلم والطغيان والاستبداد الذي انتهجه وسلكه الطاغوت ليكون متفرداً ومحتكراً للحياة التي وهبها الله لجميع خلقه دون استثناء ، بل أنه سبحانه وتعالى أرادها حياةً فيها العزة والشموخ والكرامة لعباده ،

فكيف إذاً يكون موقف الأمة التي ظلت دهراً من الزمان تعيش في انحراف وضلال وكيف يكون نوع وطبيعة ردها الجميل إزاء من جاء يحرر الأمة من العبودية ويحمي حرمتها ويحفظ كرامته وعزتها وأراد لها أن تكون من خيرة الأمم وأفضلها ؟

وإتماما لرسالات الأنبياء واكتمالاً لنعمة الله وفضله ولكي لا يكون للناس على الله حجة فقد بعث الله الأنبياء بالرسالات التي اُختُتمت برسالة نبينا وحبيبنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله الطاهرين الذي ما جاء إلا رحمةً للعالمين لينفذ دورراً.

هو الأهم في حياة البشرية وهو هداية الإنسان وتقويمه وتوجيهه وترشيده وتعليمه وإصلاحه وتزكيته وإخراجه من واقع مظلم ومنحرف إلى واقعٍ فيه النور والفلاح والنجاة وفيه الفوز بنعيم الدنيا والآخرة ، فكيف لا يكون للناس ارتباطٌ وثيق وتعلق متين برسول الله صلوات الله عليه وآله الطاهرين وقد قال الله في نبيه الكريم “لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم”

فالله سبحانه وتعالى لا يمنُّ على عباده إلا بعظيم ولا يقسم إلا بعظيم كما في قوله تعالى ” وإنك لعلى خلقٍ عظيم ”

إذاً فهي القيم والأخلاق وهي الإنسانية والمُثل التي اتصف بها سيد البشرية صلوات الله عليه وعلى آله ،

والإنسان الفطن النبيه هو الذي يدرك ويعي معنى ودلالات كلام الله عز وجل من دون أن يكابر أو يستكبر وهو الذي يدرك حقيقة وجوده في هذه الحياة ويدرك مضامين آيات الله الكريمات التي تتحدث عن رسالة الأنبياء وأهدافها وضرورة القيام بصالح الأعمال ووجوب الانتماء الروحي والعقلي للإيمان بالله ورسله و أنه لا بد أن يظهر موقفاً مشرفاً أمام الله بالامتنان والتقدير للنعمة المهداة والفضل العظيم ولكل آثار ونتائج بعث الأنبياء والرسل امتثالاً لقول الله تعالى “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون”.

ولكي نكون جديرين بحب رسول الله ووده والتعلق به وأن نكون أمةً محمدية كما أراد الله لنا في قوله “كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس”

يجب علينا أن نكون عند مستوى المسؤولية التي تمتثل لله ورسوله في وجوب إدراك محاولات الأعداء وكشف المستكبرين ومعرفة مدى إجرامهم وحقدهم على الإسلام والمسلمين في النيل من وحدتهم والرغبة الحقيقية في إنزال الشتات والذل والضعف والهوان فيهم.

ولتحقيق المسؤولية يجب علينا أيضاً أن نقرأ سيرة رسول الله ونقدم شخصيته أمامنا أسوةً وقدوةً وتحركاً وفق المنهج القرآني الذي بيّن لنا كيف نستقيم ونصلح أنفسنا وأن نقف في مواجهة الأعداء وكيف نعلن البراءة منهم وكيف نثبت على الحق وننتصر للمظلومين والمستضعفين وأن يسود العدل والقسط بين الناس ، ولذلك فعلينا أن نهيئ أنفسنا وجوارحنا وتوجهاتنا نحو إحياء هذه الذكرى العظيمة الجليلة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم

فلأجل تنهيداتك يا رسول الله في الطائف و معاملة أهلها لك بالإيذاء ، ولأجل صبرك وتضحياتك وتفاؤلك بأن يخرج الله من تلك الأصلاب القاسية من يؤمن بالله ورسوله ، ولأجل فرحك واستبشارك بدخول الناس في دين الله وابتهاجك بنصر الله والفتح المبين ولأجل حزنك على عنت الناس ومكابرتهم وجحودهم ولأجل خوفك على الناس ألا يكونوا مؤمنين و حرصك عليهم ورأفتك و رحمتك وفضلك ونورك وضيائك ، ولأجل بسمتك الصافية وروحك العالية ومنزلتك الرفيعة ونفسك الزاكية ومكانتك الجليلة عند الله ،

من أجل ذلك كله كان حقٌ علينا وحقٌ لنا أن نقيم الأفراح وأن نظهر الابتهاج ونعلن النفير في الساحات والميادين معبرين عن الفرحة والابتهاج بأنّا لا زلنا على العهد محبون لاسمك طامعون في استلهام صفاتك وتعاملك مطيعون لأوامرك عاشقون لسيرتك ومنهجك ونهوى السير وفق مبادئك وتوجهاتك وتعليماتك ، ففي ذلك النجاة والفلاح ولنجعلها حياةً تملؤها القيم فيها الاقتداء والتأسي بك مجسدين استجابة الرسالة المحمدية النبوية عملاً وتحركاً ومعاملة وعدالة ونهياً عن منكر وأمراً بمعروف وإصلاحٍ بين الناس ليس ليومٍ واحدٍ في العام أو أياماً معدودات بل في كل يوم وكل ساعة وفي كل ظرف نجد مظلومية فننتصر لها ونواجه كربة لمسلمٍ فنفرجها و ندرك ضعيفاً ومحتاجاً فنسد الحاجة ونقوي الضعف ونحسن المعاملة ، ولا يعيش أحدنا منعماً مترفاً وفينا من يشكو الفاقة ومنا من يفتقر للغذاء والدواء ففي الاعتبار لذلك راحة للضمير وزكاءٌ للنفس ورضاً لله وفي ذلك الخضوع وتذلل المؤمنين بعضهم لبعض الذي ينبغي أن يسود في معاملاتنا ومواقفنا تصديقاً لقوله تعالى “أذلةٍ على المؤمنين”

وفي ذلك إقتداء وأسوة و إحياءٌ وفرحة وابتهاجاً وسروراَ ورضىى لرسول الله الذيٍ قال الله تعالى عنه “وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى