نتنياهو يقر بمشاركة “إسرائيل” في العدوان على اليمن
أقرَّ رئيسُ وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو بأن “إسرائيلَ” تشارِكُ في العدوان على اليمن بشكل عملي إلى جانب السعودية والإمارات، مؤكّــداً ما أعلنته القيادةُ اليمنية الثورية والسياسية مراراً على مدى الأعوام السابقة، وكشفته حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية نفسها.. إقرارٌ يلتقي مع تصاعد موجة التطبيع المعلن من قبل الأنظمة الخليجية وعلى رأسها النظام السعودي الذي تحرص دوائره الإعلامية على تكريس مسألة “ضرورة التحالف مع إسرائيل” عسكرياً وسياسياً تحت دعاية “مواجهة إيران” التي ينطلق منها العدوان على اليمن.
حديثُ نتنياهو جاء، أمس الأول، خلالَ مقابلة أجرتها معه القناة التاسعة الإسرائيلية، حيث قال: “نحن نعمل ضد إيران في العراق واليمن وسوريا ولبنان” وهو ما يعتبر اعترافاً واضحاً بالمشاركة الفعلية في العدوان على اليمن، ويعتبر الاعتراف الأكثر صراحة على الرغم من أن نتنياهو قد ألمح إلى ذلك في مناسبات سابقة، لا سيما عند حديثه عن البحر الأحمر، حيث قال العام الماضي إن بلاده ستشارك في تحالف عسكري “لحماية مضيق باب المندب”.
المشاركةُ الإسرائيلية في العدوان على اليمن كانت قد مرت بالعديد من المراحل التي انكشفت فيها كواليسها، قبل الاعتراف الرسمي من نتنياهو، إذ كانت وسائلُ الإعلام العبرية نفسُها قد أكّــدت تفاصيل هذه المشاركة في أكثرَ من مناسبة، ففي فبراير الفائت، أكّــدت صحيفة “هآرتس” أن الكيان الصهيوني “شريكٌ غير رسمي في التحالف العربي باليمن” وَأوضحت الصحيفة أن الدور الإسرائيلي في “التحالف” يشملُ الاستخباراتِ وتجارة السلاح والمدربين العسكريين وحتى الشركات “الأمنية” التي توظف المرتزقة المأجورين من الخارج، والذين سبق وأكّــدت وسائل إعلام أمريكية مشاركتهم في صفوف تحالف العدوان.
كما كانت عدة صحف إسرائيلية أُخرى قد أكّــدت في أكثرَ من مناسبة التعاون العسكري بين “تل أبيب” والرياض فيما يخص العدوانَ على اليمن على مختلف المجالات.
الرياضُ تستنجدُ بـ “تل أبيب”
اعترافُ نتنياهو يعبّر عن توجّــهٍ إسرائيلي للدخول “الرسمي” والمباشر في العدوان على اليمن بعد قرابة خمس سنوات من المشاركة المستترة، وهو ما يمكن قراءته بوضوح من خلال “التمهيدات” السعودية لذلك، فقبل أيّام، نشرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية، مقالاً للكاتب “عبدِالرحمن الراشد” المقرب من ابن سلمان والمترجم لتوجّــهاته وأفكاره، حيث تناول الراشد في المقال عمليةَ “توزان الردع الأولى” التي نفّـذتها قوات الجيش واللجان على حق “الشيبة” النفطي، واختتم الراشد مقاله مستنجداً بـ”إسرائيل” ومؤكّــداً على أنها باتت “معنية” بالدخول عسكرياً في خط المواجهة لحماية مصالحها في المنطقة، وبرّر ذلك بأن الهجمات ستتصاعد ضد دول الخليج في المرحلة القادمة.
ويأتي حديثُ الراشد ضمن سلسلة خطوات متصاعدة يتبناها الإعلام الرسمي السعودي لتكريس مسألة “ضرورة التحالف مع إسرائيل” تحت مبرّر “مواجهة إيران” الذي يمثل الدعاية الرسمية التي انطلق منها العدوان على اليمن.
وفي هذا السياق، جاء إقرار نتنياهو بالمشاركة الفعلية في العدوان على اليمن، بالتزامن مع تسريبات استخباراتية إسرائيلية تناقلتها العديد من وسائل الإعلام مؤخراً، تتحدث عن “خطط إسرائيلية لضرب منشآت ومواقع” للجيش واللجان في اليمن، وهو ما يلتقي بوضوح مع الاعتراف الإسرائيلي الرسمي والموقف السعودي فيما يخُصُّ “ضرورة” دخول إسرائيل في خط المواجهة بشكل علني.
ويرى مراقبون أن هذا التوجّــهَ الإسرائيلي الجديدَ يعبّرُ عن “رعب” تل أبيب من مستجدات مسار معركة مواجهة العدوان، بعد الإعلان عن مرحلة يمنية جديدة من الردع العسكري، ودخول الحقول النفطية السعودية قائمة الاستهداف، والكشف عن صواريخَ تدميرية بعيدة المدى.
اليمنُ جاهزٌ للمواجهة
محلياً، وبالنسبة للجبهة الوطنية المقاومة للعدوان، فإن اعتراف نتنياهو بالمشاركة في العدوان لا يمثل أيةَ مفاجأة، بل يؤكّــد ما كرّرت القيادة اليمنية الثورية إعلانه منذ قرابة خمس سنوات حول مشاركة تل أبيب في التخطيط والتنفيذ والإدارة للحرب العدوانية على اليمن، وأن هذا العدوان يخدُمُ مطامعَ “جيوسياسية” لإسرائيل وبالذات فيما يخُصُّ الساحل الغربي الذي لم تتردد إسرائيل نفسها في إظهار اهتمامها به.
هذا الإدراكُ المبكرُ من قبل القيادة الثورية لطبيعة الدور الإسرائيلي في العدوان، انعكس على التجهيزات المبكرة لمعركة المواجهة المباشرة مع إسرائيل، وقد كان الكشف عن صاروخ كروز المجنح ذي المدى البعيد والمسمى “قدس1” خلال معرض الشهيد الصمّاد، رسالة واضحة لهذه الجاهزية.
وكان قائدُ الثورة السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي قد أعلن عام 2017، أن “الشعب اليمني حاضر للمشاركة العسكرية في أية مواجهة مع العدوّ الصهيوني حتى في ظل ظروف العدوان” وأكّــد استعداد اليمن لإرسال مقاتلين لدعم قوات المقاومة اللبنانية في مواجهة كيان الاحتلال. وبالتالي فإن برُوز الكيان الصهيوني في مشهد المواجهة المباشرة مع اليمن، سيكون بمثابة الدخول إلى مستنقع مجهز مسبقاً، بل سيلبي “رغبة” اليمنيين المتوقدة للاشتباك المباشر مع إسرائيل، بحسب تعبير الكاتب والصحافي العربي عَبدالباري عطوان.
المرتزقةُ في المعسكر الصهيوني
أما بالنسبة لجبهة المرتزقة فقد كانت لقاءاتهم السياسية “الرسمية” بالمسؤولين الإسرائيليين في الولايات المتحدة، وجلوس وزير خارجيتهم إلى جانب نتنياهو نفسه في مؤتمر “وارسو” محطات واضحة لقراءة مشاركة تل أبيب في العدوان على اليمن، كما أن حكومة المرتزقة وممثلها الرئيسي “حزب الإصلاح” لم يعلنا يوماً أيَّ موقف من الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على قطاع غزة.
وبالمحصلة، فإن اعترافَ نتنياهو وضّح هُوِيّة أطراف المواجهة في اليمن، وحصر المشهد بين معسكرين فقط: المعسكر الوطني المناهض للعدوان والاحتلال ممثلاً بالجيش واللجان والشعب الصامد في كُــلِّ المحافظات، والمعسكر الصهيوني الذي يضم كُــلّ من التحق بصف العدوان.