بعد أربعة أعوام من العدوان.. الحرب على اليمن إلى أين؟
مقالات | 7 مايو | مأرب برس :
بقلم / هشام الهبيشان*
بعدَ ما يزيدُ على أربعة أعوام من الحرب العدوانية الظالمة على اليمن، هُنا، للتأريخ، نكتُبُ ونقول: إنّ اليمنيّين فاجأوا الجميعَ ونجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة العدوان السعوديّ – الأميركي، ونجحوا ببناء وتجهيز إطار عام للردّ على هذا العدوان، ونحن هنا، نتوقعُ مزيداً من الردود اليمنية على هذا العدوان، لكن طبيعةَ هذه الردودّ وشكلَها لا يزالان طيَّ الكتمان ولم يفصح عنهما ساسةُ وعسكرُ اليمن. لكنّ الواضحَ أنّ السعوديّين بدأوا، بدورهم، التحضيرَ لاستيعاب واستقراء طبيعة هذه الردود، وهنا يدركُ معظمُ السعوديّين حجمَ الضرر والخطر اللذَين قد يلحقان بالسعوديّة؛ نتيجةَ الاستمرار بهذا الخطأ الفادح المتمثل باستمرار الحرب على اليمن، بعد أن أثبتت الأعوامُ الأربعة الماضية، أنّ هذه الحربَ العدوانية مصيرُها الفشل، ومع أنّ معظمَ السعوديّين يدركون هذه الحقيقة، ومع ذلك، لا يزال البعضُ منهم يراهنُ على الحسم العسكريّ وتصفية المناهضين لهم بالداخل اليمني؟!
وهنا.. عند الحديث عن السعوديّ، فقبل ما يزيد على أربعة أعوام، حدّد النظامُ السعوديّ، خلال عدوانه على اليمن والمسمّى، حينها، بـ «عاصفة الحزم»، بنكَ أهدَاف تضمّن بنى تحتية ومرافق حيوية ومجموعة مطارات وقواعد عسكريّة يمنية، وتمّ تدمير بنك الأهدَاف هذا كاملاً، كما يتحدث السعوديّون، وقد برّر النظام السعوديّ عدوانه هذا، بحجة الدفاع عن شرعية عَبدربه منصور هادي، ومن جهة أُخْــرَى، وقف تقدّم «أنصار الله» والجيش اليمني، باتجاه مدينة عدن، مقرّ الرئيس هادي آنذاك، وحينها وصف بعض الساسة السعوديّين، هذه العملية بـ «الصفعة القوية للتمدّد الإيراني في المنطقة العربية»، في المحصلة وبغضّ النظر عن الأسباب المعلنة أَو المخفية، وراء الكواليس للعدوان السعوديّ ـ الأميركي على الدولة اليمنية، يمكن القول اليوم وبعد أربعة أعوام من الحرب على اليمن، إنّ النظامَ السعوديّ ذهب برجليه إلى مغامرة غير محسوبة النتائج، ستكون لها تداعيات ونتائج خطيرة، بل خطيرة جداً، على النظام السعوديّ نفسه، ومن تابع إعلان وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء عن إنتاج صاروخ باليستي جديد متطوّر محلي الصنع أطلق عليه اسم «بدر – أف»، تزامناً مع الذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس صالح الصمّــاد وتحقيقاً لوعد قائد حركة أنصار الله السيد عَبدالملك الحوثي في امتلاك اليمن تقنيات متقدّمة لتطوير القدرة العسكريّة.. وإطلاق الصواريخ اليمنية على أهدَاف محدّدة بدقة في الأراضي السعوديّة، سيُدرك جيداً حقيقة فشل النظام السعوديّ ومن معه بحربه على اليمن.
ومع استمرار الصمود اليمني، واستمرار مراهنة السعوديّ على الحسم العسكريّ في اليمن، رغم حجم الخسائر الهائل مادياً وعسكريًّاً التي تعرّض لها السعوديّ في اليمن، فهذا يؤكد أنّ بعض السعوديّين يقودون الدولة السعوديّة بمجموعها للانتحار في المستنقع اليمني، فلا جدوى من استنجاد دعم دولي لدعم الحرب على اليمن، والموقف الدولي كما هو رافض لهذا العدوان ولم يتغيّر من مسار العدوان السعوديّ على اليمن، وكشف في المحصلة عن حجم التخبّط في دوائر صنع قرار واستمرار الحرب على اليمن، وأظهر في المحصلة حجم ضعف النظام السعوديّ عسكريًّاً، ما دفع إدارة ترامب مجدّداً لابتزازه مالياً، مقابل توفير الحماية له لاستمرار حربه على اليمن.
وتزامُناً مع اندفاعة السعوديّ والأميركي للاستمرار في الحرب على اليمن، وفرض معادلة صفرية على كلّ قوى الداخل اليمني المناهضة للعدوان السعوديّ الأميركي على اليمن، فالصواريخ اليمنية المتساقطة على الأراضي السعوديّة، هي رسالة يمنية واضحة للسعوديّ وللأميركي، مفادها أنّ المعادلة العسكريّة في اليمن قد تغيّرت، خصوصاً أنّ المناخ العام في الداخل اليمني والمرتبط بالأحداث الإقليمية والدولية، بدأ يشير بوضوح، إلى أنّ اليمن أصبح عبارة عن بلد يقع على فوهة بركان، قد تنفجر تحت ضغط الخارج، لتفجر الإقليم بكامله.
وهنا.. لا يمكن أبداً، فصل ما جرى وما زال يجري في سورية والعراق وليبيا… إلخ، عن الأحداث في اليمن، فهناك معادلة شاملة لكلّ الأحداث والحروب والصراعات التي تعصف بالمنطقة، ومن الطبيعي، أن تكون لهذه المعادلة تداعيات مستقبلية على جميع دول المنطقة، وهنا نؤكد على أنّ استمرارَ النظام السعوديّ في حربه على اليمن، لا يمكن أن يكون الحلُّ للمِــلَــفّ اليمني، فـ محاولةُ إقناع الطرف الآخر بالتفاوض عبر الحرب ومحاولة إخضاع الطرف الآخر بالقوة، لإجباره على تقديم التنازلات. ربما تصلح هذه المعادلة في دول أُخْــرَى، لكن في دولة كاليمن، لا يمكن أن تصلح أبداً، لاعتبارات عدة.
ويبدو أنّ الأَيَّامَ المقبلة، ستحملُ المزيدَ من التطورات على الساحة العسكريّة اليمنية، فالتطوّرات العسكريّة، من المتوقع أن تكونَ لها تداعياتٌ عدة، سنشهدُها مع مرور الأَيَّام. فهل يستطيعُ السعوديّون تحمُّلَ تداعياتها، خصوصاً أنّ لهم تجاربَ عدةً في الصراع مع الشعب اليمني، منذ عام 1934، مروراً بأحداث عدة، ليس آخرها ولا أوّلها، أحداث عام 2009، بعد الاشتباك المباشر بين «أنصار الله» والسعوديّين في الحدود اليمنية السعوديّة. ومن هنا، سننتظرُ المقبلَ من الأَيَّام، لنقرأَ هذه المعادلة بشكل واضح، تزامُناً مع الأوضاع المأساوية للشعب اليمني، نتيجة العدوان السعوديّ الأميركي على اليمن المستمرّ منذ ما يزيد على أربعة أعوام.
* كاتبٌ أردني