القضية الفلسطينية.. ثمن اخراج بن سلمان من مأزق خاشقجي
مقالات | 28 نوفمبر | مأرب برس :
بقلم / حسين الموسوي :
منذ اللحظة الاولى لجريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول، كان واضحا ان القضية دخلت بازار الابتزاز السياسي تحديدا من الحليف الاول للسعودية اي الولايات المتحدة.
وعليه وجد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (المتهم بتورطه في عملية القتل بحسب المؤشرات الاميركية نفسها) وجد نفسه في موقع المضطر لتقديم اثمان، ليس لاجل انقاذ نفسه من ملاحقة قضائية هنا او تحقيق جنائي هناك، بل لانقاذ حلمه بتولي العرش في السعودية والذي خطط له منذ ظهوره على الساحة السياسية السعودية قبل ثلاثة اعوام.
كان على ولي العهد السعودي تقديم اثمان اقتصادية تمثلت بصفقات الاسلحة التي يتبجح بها الرئيس الاميركي دونالد ترامب والمقدرة بمئة وعشرة مليارات دولار، اضافة الى اثمان اخرى تؤمن مئات الاف الوظائف التي يستغلها ترامب في حربه ضد خصومه الديمقراطيين داخليا.
لكن وفي ظل ترنح ترامب في مواقع عديدة امام ضغوط الكونغرس لاتخاذ موقف جدي واعلان عقوبات على الرياض، يجد بن سلمان نفسه بحاجة الى حماية اللوبي الصهيوني المتنفذ داخل اروقة السياسة الاميركية والعديد من اروقة السياسة الغربية. وبما ان الرياض بدأت منذ سنوات بالانخراط في مسيرة التطبيع العلني مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، كان لا بد من تفعيل الدور السعودي في هذا السياق من اجل تقديم ورقة قوية تسمح بطلب الحماية والدعم من هذا اللوبي في اروقة سياسة واشنطن والغرب.
منذ انشاء كيان الاحتلال الاسرائيلي كانت السعودية من المرحبين، ومنذ بروز نجم ولي العهد محمد بن سلمان بدأت ملامح التطبيع العلني مع الاحتلال، وصولا الى مشاريع اقتصادية لن يكون اخرها خط السكة الحديدية من الاراضي المحتلة الى دول عربية عدة. اضافة الى تعاون امني وعسكري كان ضمنه ما كشفته تقارير غربية وافادات من موظف وكالة الامن القومي الاميركي السابق ادوارد سنودن بان السعودية استخدمت تطبيقات اسرائيلية للتجسس على اصدقاء جمال خاشقجي وتتبع مكانه ونشاطاته.
كل ذلك كان مقدمة مهمة بالنسبة لبن سلمان وكيان الاحتلال من اجل التحضير لصفقة ترامب التي سيتم تمويلها بشكل اساسي من السعودية ودول عربية اخرى، لكن وفي ظل الهفوة الكبيرة التي وقع فيها بن سلمان بقتل خاشقجي داخل القنصلية، بات على ولي العهد تقديم المزيد من الاوراق والخدمات من اجل ضمان الحماية، فجاءت جولته الاخيرة في المنطقة بداية من الامارات والبحرين ومصر(حلفاء للرياض)، كتمويه قبل التوجه الى تونس والجزائر وموريتانيا وهذه الدول رفضت شعوبها الزيارة لان هدفها مكشوف ومعروف.. الترويج للتطبيع مع الاحتلال ودفع حكومات هذه الدول للانصياع للمشروع السعودي الذي يؤمن مخرجا لبن سلمان من مأزقه، وذلك عبر تقديم القضية الفلسطينية على طبق من ذهب للاسرائيلي والاميركي مقابل هدف شخصي يتمثل بابقائه الخيار الافضل لتولي العرش في السعودية.
ولان صفقة ترامب وما يرتبط بها من انهاء لثوابت القضية الفلسطينية تعتبر هدفا محوريا لقادة كيان الاحتلال وكذلك الولايات المتحدة، فان ما يقدمه بن سلمان في هذا الاطار سيحدد شكل الموقف من قضية قتل خاشقجي، وهو ما يجعل ولي العهد يضع ثقله في الترويج لمشروع التطبيع.
لكن على بن سلمان تامين ظهره من عوامل كثير قبل ضمان الخروج من جريمة قتل خاشقجي، اولها النية الواضحة للديمقراطيين في واشنطن بالذهاب حتى الاخير في معاقبة الرياض وكشف المسؤول الاول عن الجريمة، اضافة الى الوضع المتارجح الذي يعيشه رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يقاتل لانقاذ حكومته ونفسه، وايضا العامل الاهم الذي على بن سلمان تخطيه لتمرير مشروعه اي الشعب الفلسطيني الذي يؤكد بكل الاشكال انه قادر على افشال مخطط تقديم قضيته ثمنا لانقاذ ولي العهد.. او غيره.