القضية اليمنية مسؤوليةُ اليمنيين وحدَهم

مقالات | 12 اكتوبر | مأرب برس :

بقلم / زياد السالمي :

يعد كلُّ سلوك يقومُ به العدوان تجاه اليمن في إطَار العدوانية الممنهجة التي تنفّذها دول العدوان باستنزاف وإرهاق وإبادة كُـلّ ما يمت إلى الحياة بصلة، ومنها الورقة الاقتصادية والتلاعب بسعر الصرف، مع ذلك ورغم إدراك اليمنيين بهذه العدوانية البشعة، يظل السؤال موجها للمرتزِقة والعملاء إلى متى ستستمرون في غيكم وأنتم على كُـلّ الأحوال دُمَى بيد العدوان حال إكمال العدوّ السعو إماراتي من عداونيته سيرمي بكم مثل الكلاب، يقال: إن تجريب المجرب خطأ مرتين ما بالك بالوغول فيه والتعايش معه واتباعه فذلك ليس خطأ فقط بل عدمية مفرطة.

لقد اتخذ العدوان كُـلّ الأساليب والانتهاكات القذرة تجاهنا وما نزال نتماسكُ مع صمت أُمَـمي هو الآخر يتواطأ إنْ لم يكن شريكاً في تلك الانتهاكات.

الحال الذي يجعلنا نفتش ونبحث عن أي توصيف أَوْ مرجعية تجيز مثل تلك الانتهاكات العدوانية والصمت والتواطؤ الأُمَـمي، فتأتي النتيجة هي لا مبرّر ولا مخرج قد يخفف الغضب الإنْسَـاني لدى الإنْسَـان اليمني.

بعد أربعة أعوام من العدوان السعو إماراتي ومن الصبر والثبات الوطني، لنا القول: إن الإنْسَـانية وَهْمٌ يُستغل ويشاع؛ بغرض أطماع استعمارية لا غير.

فالقانونُ الجنائي الدولي والمواثيق الدولية والبروتوكولات وميثاق الأُمَـم المتحدة كدستور إنْسَـاني دولي واجب الاتباع من الدول يعتبر كُـلّ ذلك عدواناً وممارسة غير طبيعية توجب اتّخاذ القُـوَّة ضد دول العدوان وهو ما يعلمه مجلس الأمن، كما تعلمه الأُمَـم المتحدة، لكنهما يؤكّـدان ويثبتان من خلال هذا الصمت الحقير تجاه مظلومية الشعب اليمني أن لهما يد في ذلك.

فالحصار المفروض وتداعياته الاقتصادية خلال أربع سنوات وفق تعريف جريمة العدوان وأركانها هي جريمة عدوان، وكذلك الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات كافة تصب في بوتقة العدوان.

هنا وَفي ظل استمرار الصمت العالمي تجاه القضية اليمنية ومأساة الشعب اليمني والحرب الإبادية التي تُمارَس ضده من عدوان عليه غاشم وظالم وحصاره براً وبحراً وجواً، يقتضي على الشعب بكافة أطيافه تحمل مسؤوليته التأريخية والوجودية حيال التواطؤ العالمي وتآمره في إغراق وإنهاك مجتمعنا.

فكوليرا تتفشى وحصار مطبق وانقطاع في الموارد واستنزاف المخزون البشري والطبيعي وحرب إبادة واستخدام أسلحة بيولوجية محرّم استخدامها ومجرّمة دولياً والتلاعب بسعر الصرفً كُـلّ ذلك قلت كفيل من الجميع بدون استثناء العودة إلى جادة الوطن وحضنه، وتغليب مصلحة الوطن بما يكفل حماية ما تبقى واستعادة سيادة اليمن لكافة أراضيه براً وبحراً وجواً.. على القوى التي انخرطت ومارست العمالة أن تصحوَ وتثبت أن دماءَها يمنية لم تتلوث.

عليها أن تضعَ الوطن نصبَ عينها وتعرف حقيقة أبعاد استمرارها في تبرير الغزو واحتلال الأرض.. قبل أن لا ينفعَ الندم، وقبل أن تصبح العودة مستحيلة.. بالمقابل على القوى الوطنية مراعاة ذلك وتأكيد قرار العفو عليها أن تطمئنَ القوى الضالة بصدق القرار وسعة الصدر والمسامحة؛ حفاظاً على ما تبقى من الوطن وعرى تماسكه الذي حاول العدوّ تمزيقه.. ينبغي الوقوف من الجميع بجدية، والجلوس على طاولة حوار يقوم وفق بنى المجتمع وبما يؤمن المساواة للجميع ويحمي الجميع من الإقصاء. أَوْ الإرهاق وتكليفه ما لا يطيق معيشياً.

اليمن لم تعد تقوى على الاستمرار في هذا الوضع غير المسؤول.. من يريد أن يحكم فليثبت ذلك بالأفعال ويستميل قلب الشعب من خلال توفير حياة أَكْثَــر رفاهيةً لا الاستعانة بالخارج والاستقواء عليه..

إن الحقيقة التي نجهلها هو أن كُـلّ شيء فَانٍ ولا خيرَ فيه إلا من أمر بمعروف وسعى للإصلاح بين الناس، فما أحوجنا إلى التماس الحَـلّ من كتاب الله الذي قال جل وعلا في سورة النساء (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا، وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ، وَسَاءَتْ مَصِيرًا) صدق الله العظيم.

فماذا بعد ذلك؟ ولماذا هذا الإصرار على إرهاق الشعب بالفجور في الخصومة والبغضاء.. متجاهلين حينها أن الله بيده ملكوت كُـلّ شيء وهو القاهر فوق عباده؟.

علينا أن نستشعر مسؤوليتنا التأريخية والوجودية والدينية والإنْسَـانية.. فلن يصل الناس إلى حل حال تمسك كُلٌّ بمطالبه. ونفى مطالبَ الآخر.. وحال عدم التنازل عن بعض الجزئيات البسيطة التي يتمسك بها. فقليلٌ من الحلم والإخلاص وإذكاء الضمير الوطني سيجد نفسَه قد تآلف مع أخيه وتفاهما على حل أنسب بين الطرفين وفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار.

إنَّها دعوةٌ جادةٌ تدعو الفرقاءَ إلى تحكيم العقل والدين والوطن وتغليبهما على الأهواء، فلا معنى لحياةٍ تقومُ بعد ذلك على الحقد والثأر. ولا انتصار يقومُ على تذكيرك بفقدان أعزاء على القلب. ولا افتخار بوجود كوارثَ بيئية وأمراضٍ متفشية كان الخصام والتواطؤ مع العدوان مناخاً مناسباً لتفشيها.. اكتفوا بهذا الحد ودعوا أنفسَكم مقام الأمهات الثكالى والآباء المكلومين والأسر المشردة والفقيرة والمعدمة. فماذا سيكون جوابكم؟، واتقوا الله فقد بلغ الوضعُ مبلغاً لا يحتمل الاستمرار على العناد. واجعلوا ذكاءَكم وقوتكم محصوراً بالتعايش والتنازلات من أجل أن ينعمَ الجميع بلا استثناء بحياة تليق في الألفية الثالثة.

أعلمُ أن مثلَ هذا الكلام لو تم فسيكون مؤاثرة من القوى الوطنية التي تشارك الشعب اليمني معاناته وتضحياته الجسيمة حتى الانتصار على العدوان. من أجل سيادة الوطن وكرامة أبنائه، وحرية إرادته، ونقولُ لهم الذي يقدّم كُـلّ هذه التضحيات لن يصعُبَ عليه القليل من التنازلات، إنما ليس في إطَار العدوان.

بنفس الوقت نقول للقوى التي آثرت العدوان وانساقت في ركابه أنتم تعلمون أن هذا الارتزاقَ لن يمنحَك وطناً كما لن يسامحك التأريخ.. ولن تغفر لكم أبناؤكم هذه الخيانة قبل الشعب. وعليكم استدراك الوقت والموقف قبل أن لا يفيدَ الندم.. وعفا الله عما سلف. جميعُ القوى تسعى لخدمة الوطن وخدمة الوطن هي بالتكامل والحرية والسيادة والإرادة الحرة وحياة العز والنعيم.

ما يزال في الوقت متسعٌ للعودة إلى الصواب وإلى جادة الوطن.

كما نشيد ونبارك للانتفاضة الشعبيّة ضد الاحتلال في مدينة عدن المحتلّة ونشد على يدِها ونتمنى استمرارَها حتى تلتقيَ مع القُـوَّة الوطنية المجابهة العدوان، فلم يعد هنالك وفق المعطيات السابقة والمستمرة غيرُ حقيقة واحدة أن العدوان السعو إماراتي يستهدفُ اليمنَ كاملةً واليمنيين كافة دون استثناء.

والله المطلع والمعين.. وهو حسبنا ونعم الوكيل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى