مسئوليتنا التاريخية الدينية أمام أعنف تصعيد أمريكي سعوديّ ضد اقتصاد اليمن

مقالات | 7 اكتوبر | مأرب برس :

بقلم / د. يوسف الحاضري :

في ظلِّ الظروف الصعبة التي يَـمُــرُّ بها المجتمع اليمن من أقصاه إلى أقصاه؛ بسببِ إجراءات دول العدوان الاقتصَادية بالتعاون مع مرتزِقتهم المنافقين في حكومة فنادق الرياض، تزداد المسئوليةُ على عاتق الجميع لمجابهة هذا الوضع.

فبجانبِ عدم إعفاء حكومة الإنقاذ الوطنية من تحمُّل مسئولية في السعي جاهدةً؛ للتخفيف ما أمكنها من معاناة الناس بشتى الطرق والأساليب الممكنة، فأيضاً تأتي مسئوليةُ المجتمع الأَكْبَـر والأهمّ في هذا النطاق؛ كون الخطاب القُــرْآني الذي وجّهه الله كان إليهم أَكْثَـرَ وأَكْبَـرَ مما وُجِّهَ لغيرهم، من منطلق أن الله هو الحكيم والعليم والحليم والرحيم جاءت التوجيهات هكذا، فقال تعالى (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) وقال (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) وقال (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) وقال (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ) وقال (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ) وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)..

ومئاتُ الآيات التي تحُثُّ على التكافل المجتمعي بين الناس في ظروف السلم والأمن والاستقرار والتي يرتفع وتيرة الأمر والتوجيه في ظروف الحرب والخوف والفقر والتي وصفت بقوله تعالى بـ(المسغبة)؛ كون الإنفاق فيها يعتق أنفس من الموت والمجاعات وغيرها.

ويجب على كُـلّ إنْسَـان أن يمتلك نفسية الإحسان وهي المسارعة في العطاء والبذل للأقربين والفقراء والمساكين مسارعة المحب في العطاء والراغب في الإنفاق والذي يسعدُ كَثيراً كلما رسم ابتسامة على بطن جائع؛ لأنَّنا بهذه النفسية سنكسر ورقة العدوان الأمريكي السعوديّ الأخيرة والخبيثة ونردعه ونرده على أعقابه خاسئاً وهو حسير.

صحيحٌ أن المجتمعَ اليمني يتمتع بهذه النفسية خلال مراحل العدوان، فعندما بدأ العدوان تعاضَدَ المجتمع بنسبة محدّدة؛ كون الموظفين ما زالوا يستلمون الرواتب وما زال الدولار في وضعه وما زالت الأسعار منخفضة فتعاضد المجتمع في جزئية تخفيف الإيجارات وإيجاد مساكن للنازحين وتوفير الطعام لهم والإنفاق للجبهات، فرأى العدوان أن المجتمعَ اليمني عظيم فسعى لمعاقبة الذين رفضوا احتلاله ورفضوا اغتصابَهم لنسائهم في المحافظات الجنوبية فنقلوا البنك المركزي من صنعاء الحرة الأبية العزيزة إلى عدن التي أذلها أَصْحَـابها وخانوها وجعلوها عرضةً لاغتصاب السوداني الإماراتي السعوديّ، فارتفعت وتيرة التكافل والتكاتف في مناطقنا الشمالية رغم انقطاع الراتب وتماسك المجتمع أَكْثَـر رغم المأساة الكبيرة واستمرار انقطاع الراتب لـ 25 شهراً وما زال، فرأى العدوان أن تصعيده التالي أَيْضاً باء بالفشل والخسران والانتكاسةِ فسعى لآخر تصعيد وأخطر تصعيد وهو معاقبة الشعب أجمع سواءً الذي فرشوا له الأرض بأعراضهم للمعتدي أَوْ الذي تصدوا له بعزة وكرامة ورجولة وإباء يشهد له العالَم الحالي والتأريخ القادمة ويخجل منه التأريخُ الماضي فضربوا الدولار في العمق عبر مرتزِقته في مأرب وعدن وبقية المحافظات عبر سحب الدولار ورفع قيمته، وبالفعل هبط الريال اليمني متسارعاً حتى وصل إلى ثلاثة أضعاف ما كان عليه والبنك في صنعاء وارتفعت الأسعارُ بجنون وصاحَبَه قطعٌ للمشتقات النفطية عبر تصعيدهم في البحر الأحمر وميناء الحديدة.

وهنا يجب أن ترتقيَ نفسية اليمني التكافلية والتكاتفية أَكْثَـرَ وأَكْبَـرَ؛ لتصل إلى مستوىً يحبه الله ورسوله وإلى تلك المكانة العظيمة التي اختصها الله لليمنيين أرضاً وإنْسَـاناً لينكسر التخطيط الأمريكي الصهيوماسوني وتنكسر كُـلّ نظرياته المالية والاقتصَادية الوضعية أمام حقيقة الله التي وضحها في القُــرْآن الكريم والتي سيعقبها نصرٌ وفرجٌ عظيمٌ تشفي صدور قوم مؤمنين

(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).

ما النتيجة الحتمية التي وعدنا بها من الله (أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ، وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)، فالرحمة والصلاة هي ملازمة لنا إنْ شاء الله، وبصبرنا الذي هو في مقام العمل وليس الصبر الوهّابي الخبيث الكاذب.

فلنكن عند حُسن مسئوليتنا جَميعاً للتكافل والتكاتف، فوالله ثم والله إننا مسئولون أمام الله إذًا قصّرنا في ذلك وتهاونا وتخاذلنا والمنهجية القُــرْآنية بين أيدينا واضحة بيّنة جلية موجهة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى