المهدي يعري نظام البشير ويؤكد أن القوات السودانية صارت كالمرتزقة
وكالات | 6 يونيو | مأرب برس :
وصف رئيس الوزراء السوداني الأسبق المعارض البارز صادق المهدي حكومة الرئيس عمر حسن البشير بأنها “مفلسة ماليا وسياسيا وفكريا”، ورأى أن السودانيين “لن يتحملوا هذا الوضع كثيرا”.
وتحدث المهدي في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن أن تقارب البشير مع كل من قطر وتركيا ربما يأتي في إطار “المناكفة السياسة” للسعودية فضلا عن أن الدوحة وأنقرة “تستغلان حاجته للمال”. كما أكد على أن “هناك علاقة وثيقة تربط السودان وقطر وتركيا، وهي المرجعية الإخوانية”.
وقال :”هناك أحاديث تفيد بوجود توترات بعلاقة نظام البشير بالسعودية والإمارات وأنه منزعج من تراجع دعمهما له، ولذا يقوم بمناكفتهما سياسيا باللجوء لقطر وتركيا … وعلى أي حال أرى أن هذا النظام تعود على اللعب على كل الأطراف. وفي الواقع، انكشف هذا للجميع، وبالتالي فقد النظام المصداقية لدى مختلف الأطراف ذات المصالح المتضاربة”.
واستطرد :”ها هو الآن يحاول الضغط بورقة سحب القوات السودانية من اليمن عبر تصويره لوجود مطالبات شعبية لإعادتها … والحقيقة هي أن القوات السودانية وغيرها من دول أفريقية أخرى صارت كالمرتزقة: أي أنها تعمل لمن يدفع لها”.
وحول تأثير علاقة البشير مع قطر وتركيا على علاقة الخرطوم بالقاهرة، قال إن “نظام البشير يدرك بصورة تامة قلق القاهرة جراء علاقته مع كل من قطر وتركيا … والأزمة الأساسية تكمن في انطلاق النظامين المصري والسوداني من مرجعيات متصادمة لا يمكن التوفيق بينهما، بغض النظر عن الأحاديث الطيبة المتبادلة بينهما، فالإخوان بمصر بحكم القانون جماعة إرهابية وبالسودان شركاء بالسلطة”
وشدد على أن قطر وتركيا “تستغلان حاجة البشير للمال وتثقلانه بالديون التي قد يضطر من أجل سدادها إلى المضي في سياسة تسليم الأصول، كما حدث بصفقة سواكن، التي تحولت نتيجة لعقدها بقرار فردي منه لمعسكر تركي داخل السودان”.
وحول موقفي كل من السودان ومصر بشأن سد النهضة وتهريب السلاح عبر الحدود المشتركة، قال :”بالنسبة لسد النهضة، فالمصالح متناقضة بالأساس: فهو يمثل ضررا لمصر ومنفعة للسودان … ونظام البشير المنفعي يتكلم مع إثيوبيا كحليف استراتيجي، ويكرر الأمر ذاته مع مصر. ولكن فيما يتعلق بالسلاح فأنا لا أعتقد أنه يتعمد تهريب سلاح لمصر … السودان مجاور لدول بها صراعات فوضوية مثل ليبيا … إنه يعمل على ضبط الحدود ولكن مع اتساعها وقوة شبكات الإرهاب والتهريب فإن الأمر فوق طاقته”.
واعتبر المهدي 82/ عاما/ أن حديث البشير عن محاصرته اقتصاديا ما هو إلا محاولة لتبرير الفشل العام بالسودان، وأرجع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة حاليا للسياسات الاقتصادية الخاطئة التي اتبعها البشير قبيل انفصال الجنوب وبعده.
وأوضح :”بترول الجنوب كان يؤمن تقريبا نصف إيرادات ميزانية الدولة و 75% من النقد الأجنبي. ورغم توقع الجميع انفصال الجنوب لم يقم النظام بأي سياسات مالية وقائية … وفشلت خطته بخفض النفقات الحكومية بنسبة 45% كما أعلن حينها، بل أن الإنفاق ارتفع بنسبة تقترب من 66% جراء الصرف المبالغ على الجوانب الأمنية والمفاخرة بالمناسبات … سياساته الاقتصادية أدت إلى هرولة المستثمرين الأجانب والسودانيين أيضا إلى نقل استثماراتهم لدول أخرى كإثيوبيا”.
ورأى رئيس الوزراء الأسبق أن البشير شخصيا من أسباب الأزمة الاقتصادية، وقال “كون البشير مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جعل كثيرين بنادي باريس يرفضون استفادة السودان من برنامج إعفاء الديون على الدول الفقيرة … فضلا عن تسببه في وضع السودان على لائحة الدول الراعية للإرهاب لسماحه بفترة ما باستقبال كل من مارس العنف والتكفير … كما كان لوجود أسامة بن لادن بالسودان دورا في ربط الولايات المتحدة بين السودان وحادث تفجير سفارتيها بنيروبي ودار السلام 1998 … أي أن الاتهام له جذور مرتبطة بوقائع معينة … وعدم رفع اسم السودان من اللائحة يعني استمرار العقوبات أيضا”.
وعن مدى جدية ما يردده السودان حاليا بشأن محاربة الإرهاب، قال إنه “لا يمكن الوثوق بالنظام لكونه يبطن أكثر مما يعلن … لقد ألقى النظام القبض على بعض المتطرفين، ولكن لا يزال هناك رصد لوجود جنسيات متعددة وشخصيات تتحدث بلغة تكفيرية بالمساجد، وآخرين يتحدثون علنا عن مبايعة داعش … ومن الوارد أن جزءا من الدواعش العائدين من سورية والعراق قد استقروا لدينا كما هو الحال بدول أخرى”.
وحذر المهدي من “خطر استغلال الجماعات المتطرفة للأوضاع الاقتصادية الكارثية التي يمر بها السودان من أجل استقطاب وتجنيد كثير من شبابه”، لافتا إلى ارتفاع نسبة البطالة لما يقرب من 30% .
ورأى أن الحكومة السودانية نفسها لا تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن الأوضاع في البلاد لكونها بلا صلاحيات فعلية، ووصف التعديل الوزاري الذي شهدته البلاد مؤخرا بكونه “استمرارا لمسلسل القرارات الفردية التي يتخذها البشير … حيث صار الجميع، سواء وزراء أو مساعدين، أشبه بقطع شطرنج يحركها هو”.
وكشف عن “توتر عميق يسود أجنحة السلطة والحزب الحاكم بعد استقدام البشير لقيادات وقوات قبلية كان قد لجأ لها خلال محاولته إنهاء التمرد بدارفور، وتحول هؤلاء لمركز قوى واضح بالعاصمة”.
ورفض المهدي بشدة اتهام السودانيين بالتقاعس وعدم إبداء الفاعلية اللازمة للبناء على الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في الفترات الماضية، وأكد أن “الحلقة تضيق على هذا النظام وأصبح الآن محاصرا: ظهره للحائط ولا مفر أمامه”.
واعتبر أن “قلق البشير من المعارضة والشارع يعكسه إنفاق أكثر من70%من الميزانية على الجوانب الأمنية والعسكرية ليحافظ على موقعه … وكبحه بالقوة المفرطة لأي مظاهرة أو انتفاضة حتى لا تتحول لثورة … وبالتالي فالمعارضة، وإن لم تتمكن من إزاحة البشير، فهي جعلته محاصرا ومنهكا”.
وشدد على أن “البشير لم يعد أمامه سوى خيارين لا ثالث لهما: الأول خوض حوار حقيقي مع المعارضة برعاية أممية وأفريقية يقود لانتخابات حرة يختار فيها الشعب من يحكمه، والثاني أن يستمر على نفس المسار المنفرد … وحينها ستعمل المعارضة على مضاعفة العمل المعارض بالشارع وصولا لانتفاضة سلمية كبرى … لا نعرف متى ستحدث ولكنها قادمة … فالشعب لن يكون قادرا على تحمل الوضع القائم كثيرا”.
ورأى أن رفض البشير الانخراط في أي حوار وطني جاد وقمعه المعارضة ربما هدفه “التحصن بصلاحيات موقعه الرئاسي من الجنائية الدولية” التي أصدرت مذكرة اعتقال بحقه عام 2009 .
ورأى أن “الحديث عن إعادة ترشيح البشير في 2020 هدفه إلهاء الناس عن حالة الفشل الكبير التي يعيشها السودان … ونحن في تجمع /نداء السودان/ للمعارضة لن نشارك بأي انتخابات مطبوخة من أجله … هذا إن وصلنا لها بالأساس، فالبلاد تغرق وتحتاج لإسعاف سريع”.
ولفت إلى أنه في حال وافق البشير على حوار وطني فإن المعارضة لن تكون انتقامية.
(د ب أ)