السعوديّة تستنفر في ماليزيا خشية تبعات إصلاحات مهاتير!!!
متابعات | 4 يونيو | مأرب برس :
لا تزال تداعيات وصول مهاتير محمد إلى رئاسة الوزراء في ماليزيا، تتردد في الأوساط السياسية ولاسيما السعودية والإمارتية منها، لكون وصول مهاتير شكّل ضربة قاسية لمشروع السعودية السياسي في تلك البلاد والذي كان رئيس الوزراء مهاتير محمد ضده منذ البداية وحاربه مراراً وتكراراً داخل بلاده وخارجها، ولاسيما “حرب السعودية ضد اليمن” وطريقة التعاطي مع “إيران” وغيرها من الملفات وصولاً إلى الملف الأكثر حساسية والمتعلق بفتح ملفات فساد تتهم السعودية والإمارات بالتورط فيها.
لم يكن سهلاً على السعودية والإمارات وصول مهاتير محمد إلى السلطة لأن تبعات ذلك ستقوّض سياسة السعودية آسيويّاً وربما يمتد تأثيرها إلى عواصم غربية، لذلك نجد السعودية اليوم قلقة من فتح محمد تحقيقات حول شبهات فساد أدَّت إلى خسارة صندوق التنمية الحكومي الماليزي “1إم دي بي” نحو 4.5 مليارات دولار، وتدخلات أغرقت ماليزيا بالفساد.
أسباب تزايد القلق
خرج من مهاتير ووزير دفاعه محمد صابو عدة تصريحات مؤخراً تظهر بأن العلاقة مع السعودية لا تسير على نحو جيد، وهناك احتمال كبير بأن ينتهج مهاتير محمد خطّاً سياسيّاً لن يكون عند حسن حظ السعودية، وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن كيفية تعامل أو تعاطي السعودية مع الخط السياسي الجديد لأكبر الدول الإسلامية في آسيا؛ هل ستتجه السعودية إلى ممارسة سياسة ناعمة أكثر دبلوماسية مع مهاتير أم ستتبع أسلوب الترغيب والترهيب معه؟!.
بكلتا الحالتين لا يبدو أنّ السيد مهاتير سيكون مستعداً للتعاطي مع السعودية طالما تمارس نفس العقلية في السياسة الخارجية، وهذا الكلام نجده في تساؤلات طرحها مؤخراً مهاتير والسيد صابو حول جدوى التعاون مع السعودية في مجال مكافحة الإرهاب.
ومنذ حوالي العام تقريباً قال وزير الدفاع صابو أنه لاحظ أن سخط السعودية (ودولة الإمارات) كان موجهاً “بشكل غريب نحو تركيا وقطر وإيران، ثلاث دول جرت فيها بعض الإصلاحات المتواضعة في المجالين السياسي والاقتصادي، وبدلاً من تشجيع جميع الأطراف على العمل معاً، ذهبت السعودية لشنّ حرب في اليمن، والخطر الذي تواجهه ماليزيا بهذا الشأن يكمن في أنه إذا كانت ماليزيا قريبة جداً من السعودية، فإنه سيطلب من بوتراجايا (المدينة التي يقع فيها مقر الحكومة الماليزية) أن تحدد موقفها وتختار إلى من تنحاز”.
وأضاف صابو إنه “لا ينبغي لماليزيا أن تقترب كثيراً من بلد باتت السياسة الداخلية فيه مسمومة، ونظراً لعدم وجود تعبير أفضل، فإن السعودية باتت موطناً للخصام والتنافس المستمر بين الأمراء، وبهذا المعنى فقد أصبحت دوامة يمكن أن تسحب إلى ثقبها الأسود أي بلد إذا لم يكن أهله على وعي. وفعلاً، تُحكم السعودية من خلال أيديولوجية سلفية أو وهابية متطرفة حيث يفسر الإسلام تفسيراً حرفياً، أما الإسلام الحقيقي فيتطلب فهماً للإسلام، ليس فقط كنص قرآني، بل أيضاً كروح قرآني.”
كلام صابو جاء متناغماً مع محمد شكري عبد الله، الذي عيّنه السيد مهاتير مؤخراً على رأس برنامج مكافحة الفساد، وكان من قبل قد استقال من هيئة مكافحة الفساد الماليزية في عام 2016 نظراً لتعرّضه لضغوط حتى يوقف التحقيق في سلوك السيد رزاق، ولاحظ شكري مايلي، “إننا نجد مصاعب في التعامل مع البلدان العربية (مثل) قطر والسعودية ودولة الإمارات”.
ملفات الفساد
يتم حالياً التحقيق مع رئيس الوزراء الماليزي السابق والمدعوم سعودياً نجيب عبد الرزاق في قضايا فساد تتعلق بصندوق التنمية الاستراتيجي المملوك للدولة والمعروف باسم 1MDB، إذ يشتبه في أن رزاق سرّب مليارات من الدولارات من الصندوق، ومن المتوقع أن يسلّط التحقيق الضوء على علاقة MDB1 بشركة الطاقة السعودية بترو سعودي إنترناشيونال المملوكة لرجل الأعمال السعودي طارق عصام أحمد عبيد، وكذلك بعدد من الأمراء البارزين في العائلة السعودية الحاكمة الذين يُزعم أنهم موّلوا السيد رزاق.
ويمكننا هنا أن نستحضر الفيلم الوثائقي الذي أنتجته “bbc” في ثلاثة أجزاء تحت عنوان “بيت آل سعود: عائلة في حالة حرب” قد أفاد بأن السيد رزاق عمل مع الأمير تركي بن عبدالله، نجل الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز، وذلك بهدف اختلاس الأموال من 1MDB .
طبعاً السعودية ليست المتورط الوحيد في هذا الفساد فقد تم ربط مصرف فالكون المملوك للإمارات الذي يتخذ من سويسرا مقراً له أيضاً بالفضيحة، في الوقت الذي وثّقت فيه رسائل إيميل مسرّبة العلاقة الوثيقة بين يوسف العتيبة، سفير الإمارات لدى أمريكا ونديم محمد بن زايد المقرب منه، والممول الماليزي المثير للجدل جو لو البالغ من العمر سبعة وعشرين عاماً، الذي ساعد السيد رزاق في إدارة صندوق الاستثمار الماليزي 1MDB ، وبحسب صحيفة وال ستريت جورنال فإن التحقيقات الأمريكية ووثائق المحاكم أفادت بأن شركات ترتبط بالعتيبة تلقت في العام الماضي مبلغ 66 مليون دولار من كيانات، يقول المحققون إنها تعمل كقنوات لتسريب الأموال التي يُزعم أنها اختلست من صندوق الاستثمار MDB1.
كيف تعالج السعودية هذا الموضوع
أدركت السعوديّة حجم التبعات واحتمال ثبوت تورطها بالفساد، لذلك سارعت إلى خطوة احترازيّة تتلخّص باستضافة سفارة المملكة في كوالالمبور وملحقيتها الدينية، حفل إفطار رمضاني في مقر الملحقية بحضور كبار الصحفيين والإعلاميين من الصحف والقنوات التلفزيونية المحلية المختلفة.
تورط السعوديّة بالفساد، ورغم نفيها حتى لو ثبتت بالدليل القاطع كما فعلت في قضيّة كلام ماكرون حول اعتقال الحريري، سيعزّز من صيتها السيئ على الساحة الدولية بما يتعلّق بالفساد، وهذا الأمر يشكّل ضربة قويّة للأمير محمد بن سلمان، ومن غير المستبعد بدء السعوديّة بحملة ممنهجة على الرئيس مهاتير للحد من تبعات أيّ قرار يصدر عن محاكمة رئيس الوزراء السابق المتورّط بالفساد.
وربما حالة الهجوم الإعلامي غير المسبوق من قبل صحف وكتّاب معروفين بقُربهم من نظامي السعودية والإمارات، على “رئيس الوزراء الماليزي الجديد مهاتير محمد” قد تعطينا طرف الخيط حول الآلية التي ستنتهجها السعودية تجاه مهاتير محمد في المستقبل.
المصدر : موقع الوقت .