ناقلات النفط في الحديدة؛ احتجاز أم ابتزاز؟!
مقالات | 28 أبريل | مأرب برس :
الوقت التحليلي :
الذكاء الإعلامي السعودي في “حرب اليمن” تعجز عنه امبراطوريات الإعلام العالمي برمتها، تسويق أفكار ونشر معلومات من قبل شخصيات سياسية ودبلوماسية سعودية “تقشعر لها الأبدان” لدرجة أن تعاطفك معهم يجعلك تتساءل عن مدى “مظلوميتهم” هناك، ولكن للأسف أصدقاؤهم الغربيون لم يصدقوهم ونقلوا إلينا معلومات تكذّب ادعاءاتهم وتثبت للمرة الألف أنهم يمارسون أغبى بروباغندا إعلامية وأبشع جرائم بحق الإنسانية.
هذه المرة دول بأكملها كذّبت الادّعاء السعودي الأخير الذي تحدث عن سيطرة “أنصار الله” على 19 ناقلة نفط قبالة السواحل اليمنية، واعتبر ستيفن سنايدر في تقرير نشره “الراديو الدولي العام”(PRI) أن هذه الادعاءات تثير تساؤلات، وأشار التقرير إلى أن السفارة السعودية في العاصمة واشنطن كررت هذه القصة أكثر من مرة، إلا أن لقاءات وأبحاثاً قام بها “الراديو الدولي العام” أكدت أنه لا توجد قضية رهائن لدى “الحوثيين”.
القصة بدأت من تغريدة للدبلوماسي السعودي محمد الجابر، سفير السعودية في اليمن، ذكر فيها قائمة بسفن محتجزة في المياه العميقة لميناء الحديدة، وجاء في التغريدة: “بيان بالسفن المحتجزة في منطقة رمي المخطاف الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.. وصلت مدة الاحتجاز أكثر من 26 يوماً”.
وكان لافتاً تأكيد السفارة السعودية في واشنطن هذا الكلام بعد يومين من تغريدة الجابر من خلال بيان صحفي جاء فيه أن هناك أزمة رهائن واختطافاً في البحر وسفناً تجارية سيتم تدميرها، بشكل سيؤدي إلى كارثة بيئية، وهنا يلفت موقع ” PRI ” إلى أن شركات الشحن والمحللين في صناعتها يقولون غير هذا.
وهنا لا بدّ من التساؤل عن تأكيد السعودية هذا الخبر، علماً أنها تعلم بأنه افتراء ليس له أساس من الصحة، خاصةً أن هناك أقماراً صناعية تراقب حركة السفن وبالتالي يمكن كشف عمّا إذا كان ما تقوله صحيحاً أم لا؟!.
أولاً: تحاول السعودية استنساخ تجربة البروباغندا الإعلامية الأمريكية، على شاكلة الكيميائي في سوريا، إلا أنها لا تتقنها، وهنا يمكن القول بأن البروباغندا الإعلامية الأمريكية وبالرغم من تمكنها من اختراق دول بأكملها والسيطرة عليها فكرياً وسلوكياً إلا أنها في الوقت الحالي لم تعد ترتقي إلى ذاك المستوى الذي يجعل الناس “ضحية للكذب الأمريكي” الذي انفضح في سوريا عدة مرات وكان بارزاً في موضوع الكيميائي هناك، وآخرها كيماوي الغوطة الشرقية الذي لم يستطع أحد أن يثبت وجوده بل على العكس جميع الخارجين من الغوطة تحدّثوا للإعلام العالمي بأن موضوع السلاح الكيميائي كان مسرحية مفبركة ولا يوجد أي دليل على استخدامه هناك، واليوم يريد السعودي استنساخ التجربة الأمريكية في هذا المجال ليبرر جرائمه التي لم تعد تطاق ولا يمكن السكوت عنها، مثال ذلك المجزرة الأخيرة في عرس حجة لحرف الأنظار عن هذه المجازر لدى الرأي العام العالمي عموماً، والأمريكي على وجه الخصوص.
ثانياً: السعوديّة بعد كل مجزرة تحاول حرف الأنظار على طريقتها فبعد مجزرة الصالة الكبرى التي راح ضحيّتها 700 شهيد وجريح، نفت ذلك في البداية، ولكن بعد الصور والفيديوهات التي انتشرت اتهمت جيش هادي وعملت على فتح تحقيق لا يزال مغلقاً وداخل الأدراج السعودية حتى كتابة هذه السطور.
وبعد المجزرة التي ارتكبتها بحقّ لاجئين صوماليين عند قصف مركب يقل 150 شخصاً بينهم نساء وأطفال قبالة الحديدة، ما أدّى إلى مقتل 42 لاجئاً صومالياً، عمدت إلى اتهام القوات اليمنية باحتجاز المساعدات الإنسانيّة محاولة بذلك حرف الأنظار عن مجزرتها وخلط الأوراق عبر دعوتها الأخيرة بوضع ميناء الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة رغم أن السعودية نفسها هي التي رفضت أن يكون هذا المرفأ تحت إشراف أممي سابقاً من خلال اشتراطها توجّه السفن بداية للتفتيش في جيبوتي، ولاحقاً التوجّه إلى الموانئ اليمنيّة، وتهديد السفن المخالفة بالقصف.
ثالثاً: في إطار الكذب، نذكرّ بالكذبة الثالثة للتحالف، عندما استهدفت القوّات اليمنية الفرقاطة السعودية “مدينة” حيث أعلنت الرياض بدايةً أن العملية تمّت بقوارب انتحارية، بخلاف الرواية اليمنية، إلا أن الفيديو الذي نشرته القوات اليمنية سريعاً دحض الرواية السعودية وأثبت كذب بيان التحالف.
كذب التحالف لا يتوقف ومحاولة تشويه الحقائق ممكن أن تنجح مرة أو حتى ثلاث مرات لكنها ستكشف لا محالة، كما تنكشف اليوم في موضوع “ناقلات النفط”، حيث لاحظ موقع “TankerTrackers“، الذي يتبع خط السفن، ومقره السويد، وجود ناقلات بعد ساعات من تغريدة السفير الجابر، ومن خلال صور التقطت في الفضاء، وتحويل البيانات، تم تحديد عدد من القوارب الراسية على ميناء الحديدة، وتم البدء بمراقبة حركتها، مشيراً إلى أنه جاء في التغريدة التي نشرها الموقع: “لقد حددنا وسجلنا القوارب المذكورة كلها، وفي حال تحركها فإننا نعلم ذلك، وكلها جاءت من الإمارات العربية المتحدة عبر جيبوتي، وتحمل الوقود للسكان”.
وبحسب سنايدر فإن الممرات البحرية التي تقود إلى الميناء يتحكم بها ويغلقها التحالف الذي تقوده السعودية، وبالتالي هي من يتحكم بحركة الملاحة هناك وهي من أغلقت هذه الممرات وأطبقت الخناق على اليمنيين حتى أصبحوا على حافة المجاعة، وحول هذا يضيف سنايدر قائلاً: ” التحالف يقود حملة جوية ضد الحوثيين، وأدّى الحصار إلى ظروف كارثية ومجاعة، حيث حثت جماعات الإغاثة وجماعات حقوق الإنسان وإدارة ترامب على تخفيف الحصار عن الحديدة”.
حتى أن شركة يونانية كذّبت ادعاءات السعودية، حيث عبّر متحدث باسم شركة ملاحة يونانية، ورد اسم واحدة من ناقلاتها على القائمة السعودية، عن دهشته من الاتهامات السعودية، قائلاً: “حتى الآن لا توجد أي قضية لها علاقة بالشاحنات”.
ومن المهم جداً أن ننقل لكم كلام الكاتبة إلين وولد” التي تحدثت عن خلفيات القصة التي اختلقتها السعودية، قائلة:” تركيز الانتباه على قيام الحوثيين بمنع الملاحة الدولية هو محاولة لإظهار أنهم خطر على المجتمع الدولي”، وتضيف: “هناك منطق وراء تبني السعوديين هذا الأسلوب، خاصة بعد تعرّض أساليبهم في اليمن للفحص والتدقيق، بالإضافة إلى أنهم يتطلعون لدفع الأمم المتحدة لتتحرك ضد إيران بسبب تمويلها الحوثيين، والإشارة إلى أدلة عرقلتهم لخطوط الملاحة البحرية”.
تحليل السيدة وولد يعتبر في مكانه خاصة أن الرئيس الأمريكي على موعد مرتقب مع مواجهة إيران من خلال بتّه بالاتفاق النووي، وبالتالي لا بدّ لـ”ابن سلمان” أن يقدّم خدمة للرئيس ترامب ولو على طبق من فضة، المهم بالنسبة إليه إثبات الطاعة وليس إنهاء الحرب أو قتل الأطفال والنساء أملاً بالوصول إلى العرش دون عراقيل.