صراع القوى في جنوب اليمن: الشرعية المزعومة خارج الحسابات..
تقارير | 9 أبريل | مأرب برس :
فؤاد الجنيد :
في الوقت الذي تقيم قيادات العدوان السعودي والإماراتي في المحافظات الجنوبية بشكل دائم، وتحت حراسة كبيرة مشددة، يقيم هادي وحكومته بشكل دائم في العاصمة السعودية الرياض، بما في ذلك المحافظين والوزراء الجدد الذين تم تعينهم بقرارات رئاسية جديدة. وفي الوقت الذي نرى المقرات التابعة لدولتي السعودية والإمارات في هذه المحافظات ثابتة ودائمة، ويتناوب على التواجد فيها ضباط إماراتيين وسعوديين كقيادات لقوى تحالف العدوان، لم نجد حتى اللحظة مقرات ثابتة ودائمة لهادي وأعضاء حكومته، فضلا عن منعه من مجرد الزيارة، ليبات رهين محبسي أبو ظبي والرياض في زنزانة الإقامة الجبرية، وباتت هذه القيادات بشهادات ووقائع ووثائق تتحكم بالقضايا الإدارية، ومن خلالها تجري التعيينات للدوائر العسكرية والأمنية باعتبارها من يدير العمليات العسكرية.
ثمرة الإرتزاق
بعد تدخل قوى العدوان لغزو واحتلال اليمن، ومغادرة الجيش اليمني ولجانه الشعبية من عدن، ظن أبناء الجنوب أنهم تنفسوا الصعداء وسيبدأ الغازي في بناء ما دمرته الحرب، وستكون عدن عاصمة مؤقتة لجميع أبناء اليمن، لكن شيء من ذلك لم يحدث، حيث شرعت دولة الإمارات في تشكيل قوات موازية للجيش والأمن، وتمثل ذلك في قوات الحزام الأمني، والنخبة الحضرمية والشبوانية. وبإيعاز إماراتي لإرباك المشهد اليمني على الجنوبيين قامت قوات الحزام المدعوم إماراتيا بطرد أبناء الشمال من محافظة عدن وبعض المناطق الأخرى، مما زاد من الانقسام ووسع الهوة بين ابناء البلد الواحد وعمق الجراح ونشر العنصرية والمناطقية والطائفية المقيتة.
مخططات الإمارات وأهدافها
أصبحت مخططات الإمارات في جنوب اليمن مكشوفة، ولا يحتاج المتابع لعدسات مكبرة حتى تتضح له الصورة أكثر، وجميع اليمنيين بما فيهم من تدعمهم الإمارات، يؤمنون بضلوع الإمارات وراء أغلب المشاكل والصراعات في محافظات الجنوب لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب دماء اليمنيين وارضهم وعرضهم، ومن أبرز هذه الأهداف، أهداف إقتصادية واضحة، حيث تسعى الإمارات أن يكون لها موطئ قدم في ميناء عدن وباب المندب وبعض الجزر اليمنية في بحر العرب والبحر الأحمر، وأصبح مخططها لإنفصال جنوب اليمن عن شماله، كي يحلوا لها التمدد في الجزر والموانئ اليمنية من أجل مواجهة خطة باكستان المستقبلية في توسعة ميناء غوادر.
ميناء غوادر
تعدُّ توسعة ميناء غوادر في باكستان مشروعًا مُغيِّرًا لقواعد اللعبة، من شأنه أن يعيد صياغة الأجندة الاقتصادية للمنطقة بأسرها. ويعتقد العديد من المحللين الاقتصاديين أن غوادر هي دبي أخرى ناشئة على خريطة العالم، والأمر المقلق هنا هو أنَّ القوة الاقتصادية تعني تهديد التأثير الإستراتيجي لدبي في المنطقة، وقد تسببت هذه القضية المثيرة للجدل -في الآونة الأخيرة- في حربٍ اقتصادية صامتة في خليج عمان بين مجموعتين من البلدان؛ هم: باكستان، والصين، وقطر من جهة، والهند والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى. كما أن الإمارات خسرت ميناء دورلي الجيبوتي مما جعلها تتجه بقوة نحو اليمن مستخدمة القوة العسكرية لتحقيق أهدافها الاقتصادية. أما أهدافها بشكل عام في جنوب اليمن، هي الاستيلاء على ميناء بلحاف باعتباره أكبر مشروع يمني لتصدير الغاز المسال، وتسعى الإمارات للاستيلاء على هذا الميناء الهام لتستولي على الغاز اليمني، فضلا عن الاستيلاء على الجزر اليمنية الهامة مثل جزيرة سقطرى و جزيرة ميون التي تطل على باب المندب، وهناك تقارير تؤكد أن الإمارات قامت ببناء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون اليمنية وشردت السكان الأصليين من هذه الجزيرة.
الرياض في معزل
تبدو مملكة الشر غير مكترثة لما تقوم به الإمارات في جنوب اليمن، وتسعى فقط لتأمين حدها الجنوبي، ولا يهمها من يحكم الشمال اليمني بقدر ما يهمها سلامة حدودها الجنوبية التي باتت مسرحا للصواريخ اليمنية والقوات البرية. أما بالنسبة لجنوب اليمن فالسعودية تملك حدود شاسعة مع إقليم حضرموت الذي يمثل ثلث مساحة اليمن، ويوجد بهذا الإقليم ثروة نفطية وسمكية كبيرة. كما أن أبناء هذا الاقليم ساعدوا ولا زالوا في بناء الاقتصاد السعودي، وهناك الكثير من رجال المال والأعمال الذين يملكون شركات ومؤسسات ومصانع في السعودية وأصولهم حضرمية. ولذلك، لن تتخلى السعودية عن هذا الإقليم لصالح الإمارات العربية المتحدة، وقد نرى تطورات كبيرة وخطيرة في المشهد الجنوبي بين الدولتين، في حال حاولت الإمارات تعدي الخطوط الحمراء، وما نشر السعودية لقوات مدعومة منها في محافظة المهرة إلا دليل واضح على إستراتيجية هذا المشهد.