كاتب عماني: المشهد الیمني بعد ثلاثة أعوام من عاصفة الحزم
مقالات | 3 ابريل | مأرب برس :
بتاریخ 26 مارس 2015 م، وبدون مقدمات تم إنشاء تحالف إقلیمي یضم دول عربیة وأخرى إسلامیة، یحمل أجندات سیاسیة وعسكریة موجهة لضرب أنصار الله وحلفائه في الیمن.
أرید من هذا التحالف وبدعم أمریكي تغییر المسار الیمني بعد سیطرة أنصار الله على القرار السیاسي فیه، وإعادته إلى الحضن السعودي إن صح التعبیر ، وإبعاده عن الخط السیاسي الإیراني.
في هذا التاریخ بدأت حملة كان عنوانها البارز إرجاع الرئیس عبد ربه منصور هادي إلى سدة الرئاسة في الیمن، فهو حلیف السعودیة الأول بعد خلافها مع الرئیس الیمني السابق علي عبدالله صالح.
تحت هذا الشعار تم قصف الیمن، والأسباب المعلنة تختلف عما كان یراد من هذه الحملة، التي جعلت من إرجاع الرئیس هادي الذریعة في التدخل المباشر، وخوض حرب مشتعلة إلى الآن ضحایاها بعشرات الآلاف من المدنیین، مع دمار كبیر في البنیة التحیة، وتفشي الأمراض المعدیة التي لم تكن موجودة قبل هذه الحرب.
السؤال الذي یطرح بعد ثلاثة سنوات من عاصفة الحزم ، واستنزاف أموال قادته، والتي یقال أنها فاقت 100 ملیار دولار أمریكي، هل هي من أجل عیون السید هادي فقط؟؟؟؟ هنا تكمن القضیة.
لنقرأ المشهد السیاسي والعسكري الیمني بعد هذه الأعوام الثلاثة
أولا: سنجد أن عدد الدول التي كانت مشاركة في حملة عاصفة الحزم قد تقلصت إلى أدنى مستوى، وهذا یعني غیاب التأثیر السیاسي والاقتصادي، الذي یعتقد الكثیر من المتابعین لحرب الیمن أنها العامل الرئیس في مشاركة هذه الدول.
ثانیاً : قبل ثلاثة أعوام، وبعد أول وجبة قصف صاروخیة مكثفة على العاصمة صنعاء، ومراكز القوة الصاروخیة فیها تحدَّث الناطق الرسمي لحملة عاصفة الحزم في ذلك الوقت العسیري” بأن الضربات الجویة قضت على القدرة الصاروخیة للحوثیین وأنصارهم بنسبة تفوق التسعین بالمئة، وبالمقابل على أرض الواقع وبعد ثلاث سنوات من القصف المستمر یذكر المتحدث الرسمي لقوات تحالف دعم الشرعیة في الیمن العقید الركن تركي المالكي “أنه وفي مساء الأحد رصدت قوات الدفاع الجوي للتحالف عملیة إطلاق 7 صواریخ بالیستیة من داخل الأراضي الیمنیة باتجاه أراضي المملكة، هذا یعني أن الحلف لم یستطع تحیید القدرة الصاروخیة الیمنیة كما قال متحدثة السابق “العسیري”.
ثالثاً : مشهد الجماهیر الغفیرة التي زحفت إلى میدان السبعین بالعاصمة الیمنیة صنعاء، والتي قدرت بمئات الآلاف تقف خلف قیادتها السیاسیة. هذه كانت رسالة للداخل والخارج بأن المزاج الشعبي الیمني وبعد سنوات الحرب الثلاث مازال وراء قیادته السیاسیة في صنعاء، وفیه مدلولات سیاسیة یقرأها جیداً الحلفاءُ الغربیون لعاصفة الحزم . لذلك نرى مؤسسات الأمم المتحدة بدأت تفیق من سباتها العمیق، وتتحدث بلغة الأرقام عن ضحایا حملة الحزم، وتحمل المسؤولیة الكبرى لقادة هذه الحملة، عندما نرى هذه المؤسسات تتحرك یعني أن حل الأزمة بات في الأفق القریب .
رابعاً : ضبابیة المشهد السیاسي في جنوب الیمن ، حیث أننا أمام سلطات مختلفة، ولیس سلطة واحدة موحدة في جنوب الیمن، وهذا ناتج عن اختلاف الإیدیولوجیات والأهداف السیاسیة والاقتصادیة، وتبعیة الشارع الجنوبي لهذه الفئة وتلك ، وما رأیناه مؤخراً من نزاع مسلح بین مسلحین محسوبین على الرئیس هادي وآخرین على دولة الإمارات یوضح لنا حجم التباین في التوجه السیاسي للجماعات المسلحة في الجنوب، وهذا ما لا نراه في الشمال الیمني رغم الحصار والقصف الیومي ، وهذا التباین في وجهات النظر السیاسیة والعسكریة انسحب إلى مدینة ( تعز) كذلك بین مسلحیها، خاصة بعد تفجر أزمة الخلیج الأخیرة(بين قطر والدول الاربع).
خامسا: فشل شق صف الشمال الیمني في ما یسمى فتنة دیسمبر 2017 ؛ فقد تم التعویل على فصل التحالف بین أعداء الأمس وحلفاء الیوم أنصار الله والمؤتمر الشعبي بإغراء زعیم المؤتمر الشعبي السابق علي عبدالله صالح بانقلاب على الحوثیین، والذي نتج عنه فشل المخطط ومقتل زعیم المؤتمر مع بعض القیادات الفاعلة، كما فشل مشروع التغییر من الداخل بسبب وقوف الشارع الیمني مع القیادة السیاسیة التي تدعو إلى مجابهة قوى العدوان على الیمن. هذه الإخفاقات السیاسیة والعسكریة لحملة الحزم خلال السنوات الثلاث الماضیة خلقت لنا معادلة مغایرة في العقل السیاسي الغربي، مفادها أن أنصار الله وحلفاءهم في الداخل الیمني وفي الخارج قوة لا یستهان بها ، وتأخر الحسم العسكري الذي بشَّر به قادة حملة الحزم دلیل على أن المعادلة الجدیدة التي أوجدتها الصواریخ البالیستة غیرت المزاج الأمریكي تجاه الأزمة الیمنیة وطرحت من جدیدة فكرة الحل السلمي مجددا عبر الوسیط العماني.
في هذا السیاق ذكرت صحیفة “ناشیونال إنترست” الأمریكیة أن السعودیة لا یمكن لها أن تنتصر في حربها بالیمن ، ولكن یمكن تسویة الصراع بشروط ممكنة ویجب على الولایات الأمریكیة المتحدة مساعدة السعودیة على فعل ذلك ” وذكرت الصحیفة كذلك أن هذه الحرب أضرت بسمعة السعودیة على الصعید الدولي وفشلت في تحقیق أهدافها في تحجیم النفوذ الإیراني بالیمن”.
فهل سنرى أفاقا جدیدة لحل هذه الأزمة تحت عنوان المشاركة السیاسیة لجمیع فرقائها ؟ تحقن فیها الدماء ویوقف هذا الدمار المتبادل في الجغرافیا الیمنیة نرجوا ذلك.
*جمال الكندي – كاتب عماني