الحقن القاتلة، النهج الإنساني الأمريكي لتنفيذ عمليات الاعدام!

تقارير | 30 مارس | مأرب برس :

عُرفت عقوبة الإعدام في الكثير من المجتمعات البشرية منذ قرون عديدة وتم الاستعانة بها للتعامل مع بعض الأشخاص الذين قاموا بجرائم كبيرة كالقتل والاغتصاب وخلال تلك الفترة أيضاً كانت بعض المجتمعات الغربية والشرقية تقوم بتنفيذ هذه العقوبة أيضاً على أشخاص قاموا بجرائم صغيرة مثل خيانة صديق أو أستاذ أو زوج! وفي وقتنا الحاضر لا تزال العديد من دول العالم ولاسيما البلدان الإسلامية تقوم بتنفيذ هذه العقوبة على المجرمين والقتلة حيث نرى بأن بلداً مثل اليابان، يوافق 80٪ من سكانه على تنفيذ هذه العقوبة بحق المجرمين والقتلة وبالمقابل في بلدٍ مثل الولايات المتحدة، يوافق 60٪ من السكان على هذا النوع من العقاب، ولكن يبدو أن هناك الكثير من الجدال حول نوع وطريقة تنفيذ هذه العقوبة في الأجهزة القضائية، فقبل عدة قرون كان يتم تنفيذ هذه العقوبة بالشنق أو باستخدام غرف الغاز وفي سبعينيات القرن الماضي تم استخدام طريقة الحقن القاتلة في الأجهزة القضائية الأمريكية.

ولسنوات عديدة كانت الولايات المتحدة تتغنى بأنها إحدى الدول القلائل التي تراعي الضوابط والقوانين المتعلقة بحقوق الإنسان وكثيراً ما كنا نراها تندد وتتباكى على عمليات الإعدام بحق المجرمين والقتلة التي كانت تقوم بها العديد من دول العالم ولاسيما البلدان الإسلامية بما فيها جمهورية إيران الإسلامية وتصفها بأنها عمليات وحشية تتعارض مع الأسس المتينة لحقوق الإنسان، في حين أن 31 ولاية من أصل 50 ولاية في الولايات المتحدة تقوم بتنفيذ عقوبة الإعدام على الكثير من القتلة والمغتصبين ومنذ عام 1608 ميلادي، عندما وصل المهاجرون من أوروبا إلى هذه البلاد المكتشفة حديثاً “الولايات المتحدة”، كان يتم تنفيذ عقوبة الإعدام على أشخاص قاموا بجرائم مثل التجارة مع الهنود والسرقة والتجسس وانتقاد القوانين الدينية وفي أوائل السبعينيات، تم إعدام أكثر من 14000 شخص وفي عام 2016 تم إعدام أكثر من 2000 شخص في البلد.

ووفقاً لما صرّح به مركز عقوبات الإعدام في الولايات المتحدة، فإن عمليات الإعدام تختلف تبعاً لقوانين كل ولاية، فبعض الولايات، مثل ولاية “ميسوري” و”وايومنغ” و”أريزونا”، تقوم بتنفيذ عقوبة الإعدام مستخدمه في ذلك الغاز السام وفي ولايات “واشنطن” و”نيو هامبشاير” و”ديلاوار” يتم استخدام المشنقة لتنفيذ هذه العقوبة وفي ولاية “ألاباما” و”فلوريدا” يتم الاستعانة بالكرسي الكهربائي لتنفيذ هذه العقوبة وفي مقاطعتي “يوتا” و”أوكلاهوما” تُستخدم طريقة إطلاق النار القديمة لإعدام المجرمين!

ولكن الطريقة التي يتم استخدامها على نطاق واسع في هذا البلد هي الإعدام باستخدام الحقن القاتلة وذلك لأنهم يعتقدون أن هذا النوع من الإعدام لا يصاحبه الكثير الألم وينتهي بسرعة دون نزيف وحول هذا السياق، كتبت مجلة “الإيكونوميست” شرحاً مفصلاً لطريقة الإعدام بالحقنة القاتلة، حيث قالت: “إن الإعدام باستخدام الحقن القاتلة يتم بمزج ثلاثة محاليل كيميائية وهي “صوديوم البينتوثال” الذي يسبب فقدان الوعي و”كلوريد البوتاسيوم” الذي يؤدي إلى توقف القلب و”برميد البانكورونيوم” لإيقاف عملية التنفس ولكن نتائج استخدام هذه الأدوية الثلاثة غالباً ما تكون كارثية وقد تؤدي إلى حدوث ألم رهيب وإطالة عملية التنفيذ لأكثر من ساعتين”.

وأشارت هذه المجلة إلى أحد أسباب الخطأ في هذا النوع من عمليات الإعدام، حيث قالت: “إن الولايات المتحدة تستخدم مركبات مماثلة، وخلال الفترة ما بين عامي 2010 و 2013، رفضت العديد من شركات الأدوية المصنّعة لهذا النوع من المركبات، بيعه للحكومة الأمريكية وذلك بسبب الاحتجاجات التي قام بها الكثير من المواطنين الأمريكيين ضد هذه الشركات، نظراً لاستخدام هذا النوع من الأدوية والمركبات في عمليات الإعدام ونظراً لأن استيراد هذا النوع من الأدوية من بلدان أخرى سيكلف الولايات المتحدة تكلفة عالية وسيكشف عن إحصائيات مهولة عن الأشخاص الذين تم إعدامهم بهذه الحقن القاتلة، وقد قامت الحكومة الأمريكية باستخدام مركبات دوائية بديلة ولكن استخدام هذه الأدوية البديلة مثل “Automat“، كان له الكثير من المخاطر والأخطاء الكبيرة لذلك حذّر الأطباء مراراً وتكراراً من أن استخدام هذه الأدوية لتنفيذ الإعدام سيسبب الشلل التدريجي للمجرمين وسيجعل عملية الموت طويلة جداً ومؤلمة”.

وفي أعقاب احتجاج العاملين في شركات الأدوية والمعارضين لهذا النوع من الإعدام في الولايات المتحدة، تم استخدام “البنتوباربيتال”، الذي يستخدم كثيراً في التخدير البشري والحيواني وكذلك “الميدازولام” (المرخّص لعلاج العضلات)، كبديل أكثر ملاءمة عن تلك المركبات الخطرة وكانت ولايتي “أوهايو” و”فلوريدا” في عام 2014 أول الولايات التي تستخدم هذا النوع من العقاقير لتنفيذ أحكام الإعدام.

ولكن الدكتور “غرنر”، أستاذ الطب السريري بكلية الطب في جامعة ولاية “أوهايو”، يعتقد أن تنفيذ الإعدام باستخدام جرعات كبيرة من هذا النوع من الأدوية مثل “الهيدرومورفين”، يسبب الكثير من الآلام ويستغرق وقتاً طويلاً، وفي سياق متصل يرى بأن الولايات المتحدة تقوم باستخدام الكثير من المركبات الدوائية لتنفيذ هذا النوع من الإعدامات التي يكون لها غالباً الكثير من الآثار الجانبية كالإحساس بالحرقة الشديدة والتشنج والهلوسة والتقلصات العصبية والتقيؤ والأوجاع العضلية ولفت إلى أن هذا النوع من الأدوية مؤلم للغاية ومزعج.

من جهتها ذكرت صحيفة “ميركوري نيوز” الصادرة من ولاية “كاليفورنيا” الأمريكية، في تقرير مفصل لها، أسماء العديد من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وأعلنت بأن الإعدام باستخدام تلك المركبات الفتاكة التي يتم حقنها عن طريق الوريد، قد يؤدي إلى حدوث أعراض مختلفة عند المحكوم عليهم، فبعضها قد يسبب ألماً شديداً والبعض الآخر قد يسبب الشلل ولفتت هذه الصحيفة إلى أن تلك العقاقير التي تستخدم في عمليات الإعدام لا يكون لها نفس التأثير على جميع السجناء وهذا يرجع إلى قلة خبرة المتخصصين في تنفيذ هذا النوع من الإعدامات بالإضافة إلى أنه في بعض الحالات لا يمكن العثور على وريد ظاهر في جسم المحكوم علية لحقنه بهذه الحقنة القاتلة، لذلك تكون نسبة الخطأ في هذا النوع من الإعدامات التي يعتبرها مؤيدوها “أكثر إنسانية” من الطرق الأخرى، لا تقل عن 8 في المئة وفقاً لما صرّح به بعض المختصين ومن جهة أخرى يرى المنتقدون لهذه الطريقة بأن معدل الخطأ الفعلي في هذه النوع من الإعدامات هو أكثر بكثير مما تم نشره.

تجدر الإشارة هنا إلى أن قانون عقوبة الإعدام باستخدام الحقنة القاتلة، تم اعتماده رسمياً في الجهاز القضائي الأمريكي منذ عام 1977، وفي وقتنا الحاضر يتم استخدام هذا النوع باعتباره “الطريقة الأولى” في جميع الولايات الأمريكية ومع ذلك، فإن هذه الطريقة لديها العديد من المعارضين في هذا البلد ولهذا فلقد قامت إحدى الجمعيات الأمريكية المعارضة لهذا النوع من الإعدامات بمحاكاة عملية تنفيذ إعدام باستخدام الحقنة القاتلة، مستعينة في ذلك بالكثير من المستندات من أجل كشف أخطاء هذه الطريقة الوحشية. 

المصدر : موقع الوقت .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى