عوامل الانتصار خلال ثلاثة أعوام من العدوان
مقالات | 26 مارس | مأرب برس :
بقلم / د. يوسف الحاضري :
ونحن نقتحم العام الرابع من الصمود والثبات والصبر الأسطوري اليماني في وجه أعتى وأشد وأفجر وأبغض وأوسع عدوان على الإطلاق والذي انطلق في الـ26 من مارس 2015م من داخل واشنطن (عاصمة أمريكا) بلسان سعودي (متقمص دور القيادة والتي أطلق عليها) عاصفة الحزم ( سنتكلم في هذا الجانب عن أمور عديدة تتعلق بما حدث خلال ثلاثة أعوام منصرمة وما سيحدث خلال هذا العام الرابع أن شاء الله وذلك كالتالي:-
– يعلم الجميع سواء كان في صف العدوان أو في وجه العدوان أن هذا التحرك تقوده (ظاهريا وماديا) السعودية وتشارك فيه 17دولة عربية وغربية وأن العمليات العسكرية لم تكن وليدة الصدفة أو ردة فعل لإعادة شرعية مزعومة أو توجسا من خطر على دول المنطقة منبعه اليمن ، حتى وإن لم يدرك هذه الفكرة الجميع عند انطلاق العدوان فقد كان 3اعوام منه وما حدث فيه كفيل لتوضيح كل مبهم وشرح كل معقد حتى أصبحت الأمور كلها جلية وبينة تنافس في وضوحها ضوء الشمس في منتصف النهار لا يعمى عند إدراكها إلا أعمى بصر وبصيرة ومعدوم الإحساس البدني والفكري والثقافي والأخلاقي والديني والإنساني ، فالمخطط للعدوان كان ضمن منهجية صهيوماسونية قديمة أثبتته الأحداث والتصريحات والوثائق والتي اندثرت للجميع نتيجة صمودنا وصبرنا وما رافقهما من نتائج استفزت الآخرين فاتضحت أهدافهم ومخططاتهم, ولعل أهم هذه الأهداف مالتالي:-
إسكات وإخماد وإيقاف أي فكر او كلام أو توجه يرى في الكيان الصهيوني المغتصب عدوا دائما للأمة كمشروع خطير وحساس يهدد ما قامت به الماسوصهيونية خلال عقود من الزمن لترسيخ فكرة الحب والود للكيان المغتصب والقبول به كصديق ودود منتهجين في ذلك وسائل واساليب عديدة .
القضاء على الثقافة الدينية القرآنية الحقيقية التي تهدد تلك الثقافة الدينية المغلوطة الماسوصهيونية والتي ترسخت في النفوس المسلمة حتى أندثر بشكل كبير منهجية القران السوي والسليم واستطاعت ان تؤسس مجتمعات اسلامية خانعة ذليلة محبطة تائهه تتوارث هذه النفسية جيلا بعد جيل مما هيأ المجتمع الاسلامي ليكون لقمة سائغة لأطماع الأخرين سواء كانت هذه الاطماع مرتكزة على فكر ديني أو على فكر اقتصادي ، ولعل أهم تلك الأفكار الباطلة) الفكر الوهابي( الذي يقود نجد والحجاز منذ حوالي قرن من الزمن .
3.سعى اليمانيون للتحرر من الاحتلال الأجنبي له والذي يتمثل في الاحتلال الحديث عبر قيادات من نفس الدولة تحكم هذه الدول المستعمرة والذي انتهجه المستعمر البريطاني ثم الأمريكي منذ منتصف القرن الماضي حيث أن الدول العربية كان يحكمها خلال هذه الفترة وحتى اليوم حكاما ينتمون للماسونية الخاضعة للهيمنة الغربية وكما نشاهد اليوم كيف ان المشاكل والحروب فقط في تلك البلدان التي تخلصت او تسعى للتخلص من هكذا هيمنة واحتلال ومنها اليمن.
4.الثروات الهائلة التي مازالت تحتويها اليمن في أرضها وتحت أرضها وفي مياهها وجبالها وصحاريها وجغرافيتها والتي يطلق عليها (دولة بكر) والتي يسيل لها لعاب كل المستعمرين خاصة في ظل نضوب ثروات البلدان العربية الأخرى التي تخضع للوصاية الغربية على رأسها السعودية والإمارات ولن يتسنى لها ذلك في ظل قيادة وطنية متحررة من الوصاية الماسوصهيونية .
سارعت الدول المتحالفة تحت ادارة وتوجيه أمريكا والكيان الصهيوني في عدوانها على اليمن بعد أن أعدت كل العدة المالية الهائلة التي جمعتها معظم دول الخليج خلال عقود من الزمن وحشدت كل الجيوش المنظمة والعصابات والمرتزقة من داخل اليمن وخارجه وخارج الاوطان العربية مستخدمة كل الأسلحة المعروفة وغير المعروفة بضخامتها وكثرتها ببرها وبحرها وجوها ، مشترية في ذلك كل الأصوات الإعلامية ومذللة في ذلك كل القوانين والتشاريع السماوية والوضعية ومهيأة لذلك التحرك الأممي والمنظمات الدولية والغير دولية على رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الاوروبي ومنظمة التعاون الاسلامية والجامعة العربية ، حتى ظن القائمون على العدوان ان الامر لن يستغرق أياما معدودة لذا وضعوا شهرا من منظور أي مفاجآت قد تحدث او طارئ يحدث.
هيأت دول العدوان الوضع في الداخل اليمني قبل عدوانها من جميع الجوانب ففككت ترسانتها التسليحية المتواضعة التي كانت متوفرة على رأسها الدفاع الجوي والصواريخ الباليستية وأسقطت طائراتها الحربية المتواضعة خلال ما اسموه(خلل فني) فوق ابناء العاصمة صنعاء لتدعيم الفكرة مجتمعيا من منطلق (رأي العين للأحداث) حتى وان سقط ضحايا من الناس جراء ذلك ، فككوه مجتمعيا مرتكزين على أفكار طائفية ومناطقية ومذهبية وحزبية حتى اصبح الخلاف والنزاع في كل بيت وكل حارة وكل مسجد وكل مديرية وكل محافظة ، عوضا عن التفقير الذي مارسوه على الاقتصاد اليمني امتدادا للمخطط الممتد من عقود ، فأصبح المجتمع اليمني من جميع الجوانب مهيأ ليحتلوه, او حسب ما أثبتته الدراسات الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية والسياسية الخاصة بهم.
كل هذه الأوضاع التي كان اليمن يعيشها أرضا وإنسانا أغرت المعتدين بشكل كبير جدا فأنطلق عدوانهم بذلك الشكل الإجرامي الخبيث الذي يعكس مدى إجرامه ودمويته حيث ارتكب في أول يوم له 26مارس2015م أكثر من مجرزة بحق المدنيين على رأسها مجزرة )بني حوات( شمال العاصمة صنعاء والتي راح ضحيتها 80 مواطناً معظمهم اطفال ونساء كانوا نائمين مطمئنين في بيوتهم ظنا منه أن ذلك سيعجل في عملية الأستسلام من الشعب اليمني جراء عامل الرعب الذي زرعوه بذلك ، ثم استخدموا قنابل نيترونية وفراغية وعنقودية بشكل هستيري خاصة في العاصمة صنعاء كقنبلتي عطان ونقم اللتين هزتا العاصمة كاملة هزاً .
فشل العدوان وفشلت مخططاته الأولية سواء السابقة للعدوان او التي تزامنت مع اول ايام العدوان ، فلجأوا الى تحركات ومخططات أخرى اكثر إجرامية وعلى رأسها الحرب الاقتصادية من خلال الحصار الخانق برا وبحرا وجوا فأغلقت موانئه ومطاراته ومنافذه البرية ونقلوا البنك المركزي اليمني من صنعاء الى عدن بعد 17شهرا من العدوان والذي ادى الى انقطاع الرواتب على مئات الآلاف من الموظفين منذ تلك اللحظة وحتى اللحظة ، عوضا عن الحرب الاعلامية التي مارسوها وانفقوا عليها مليارات الدولارات وشراء الذمم الداخلية وغير ذلك فاتحين بذلك اكثر من 40 جبهة قتالية داخلية وخارجية تنصل جزء كبير من الجيش السابق الذي بني خلال 40عاما من مهمته لأنه بني على ولاءات شخصية ضيقة وليس على أسس وطنية دينية .
ثلاثة أعوام مرت على هذه الحرب الدموية الشيطانية العالمية على هذا البلد بما يمتلك من اوضاع فشل العالم الإجرامي بكل أسلحته وأساليبه وأمواله ومنظماته وجيوشه ومرتزقته بشكل كبير جدا, بل ان فشله امتد ليصل الى خسائر كبيرة تكبدها العدوان على المستويات الجغرافية والاقتصادية والبشرية والتسليحية حتى اصبحت اليوم مملكة الشر السعودية وجبة دسمة تتكالب عليها كلاب الأرض المسعورة كأمريكا ودول أوروبا والدول العربية وغيرها، بل أيضا التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش ومرتزقة اليمن الذين بدأوا مع بداية العدوان او بدأوا مؤخرا خاصة بعد احداث فتنة ديسمبر2017م وسقطت أراض كبيرة التي تحت الحكم السعودي واستهدفت كثيراً من المناطق الاستراتيجية والاقتصادية وحتى قصر اليمامة التي يحكم منها قرن الشيطان السعودي وبالمقابل تطورت القدرات العسكرية اليمنية فأدى الحصار الى الاعتماد الكلي على الذات وتطوير وتصنيع اسلحة كالصواريخ البالستية والطائرات بدون طيار والقناصات المتنوعة والذخائر وغيرها عوضا عن اتجاه كثير من الشباب اليمني والرجال ايضا الى تطوير مهاراتهم القتالية والتدريب حتى اصبحت شريحة كبيرة من اليمنيين متدربين على الأعمال العسكرية واستخدام الأسلحة وغير ذلك .
ايضا تطورت نفسية الصبر والصمود للمجتمع اليمني فأصبح الانسان اليمني الوحيد في العالم الذي لا يستلم شعبه راتبا ومع ذلك مثابر وصابر وعايش ومعتمدا على نفسية التكافل الاجتماعي للانسان اليمني ، كما ادى العدوان الى نزوح كبير حتى وصل عدد النازحين الى 3ملايين يمني الا اننا لا نشاهد مخيمات نازحين ولم نسمع عن لجوء مجتمعي، وهذا يعكس تلك المبادئ العظيمة التي يمتلكها الانسان اليمني من تكافل وتكاتف وتعاضد وتعاون كان للعدوان سبب في تعجيل إحيائها من منطلق ان الانسان اليمني قد يصبر على الجوع والفقر ولكنه لا يمكن ان يفقد كرامته وعزته وحريته ولا يمكن ان يساوم فيها حتى لو تناثر ذرات في الهواء ..
نفسية عظيمة كانت للمسيرة القرآنية بقيادة السيد عبدالملك الحوثي الدور الأساسي لهذا الصمود والنجاح والانتصار والتي استطاعت توحيد الجهود اليمنية العظيمة وأحيت دور القبيلة اليمنية العظيمة التي أخمدها العدوان خلال عقود من الزمن سابقة كل ذلك مرتبطين بالثقة بالله ومنهجية الله يراهن عليها الانسان اليمني المقاوم المناهض للعدوان والمعادي لكل اعداء البشرية والانسانية ليواصل مسيرة الصمود والنضال في عامه الرابع والتي سيكون فيها الانسان اليمني أشد بأسا واقوى فعلا وتاثيرا من عامه الثالث المنصرم وسيكسب خلال العام الرابع عوامل اضافية تعينه في عامه الخامس وهكذا ، فمن يمتلك سلاح العون الإلهي يزداد قوة وبأسا وهو الموعود بالنصر في نهاية المطاف وبهذا نثق وعلى الله نتوكل هو مولانا نعم المولى ونعم النصير.