أزمة بين الأردن والسعودية…القدس والإغداق على السيسي من بين الأسباب
تقارير | 14 مارس | مأرب برس :
يغيب السفير السعودي لدى الأردن الامير خالد بن فيصل عن الأضواء تماما في عمان ويحتجب عن المزاحمة خلافاً لعادته. لكن تغيبت معه ملاحظاته النقدية المحلية في المجالس التي دفعت شخصيات رسمية ومرات عدة للإنزعاج منه.
وتغيبت معه – وهذا الأهم – مساحات الزخم التي تطلب ضخها في عروق العلاقات بين المملكتين الجارتين تعيين سفير بمرتبة أمير أصلاً. ولم يعد السفير الامير يظهر في شريط الأنباء والأخبار الأردني لا بتعليقات سلبية ولا بتصريحات إيجابية من وزن تلك التي تستعيد المستودع العربي إياه عن كلاسيكات الأخوة والمصير المشترك والسهر الثنائي على قضايا وآمال الأمة.
آخر ما يتم تداوله بالخصوص ان السفير السعودي لم يعد يقيم في عمان حيث مقر عمله كثيراً وعندما يفعل يتصرف ضمن الأصول المتعارف عليها لكن بدون حماس.
تلك في رأي دوائر عميقة في القرار السعودي في حد ذاتها «رسالة سياسية ودبلوماسية» من الشقيق السعودي تقول في الحد الأدنى بأن العلاقات وكذلك الإتصالات بين البلدين «ليست على ما يرام» بالرغم من ما قيل خلال زيارة الملك عبدالله الثاني الأخيرة للرياض ومن ما حصل من تعهد إماراتي وأمريكي بنفض الغبار الذي اعترى اوصال العلاقة الأردنية- السعودية.
لماذا مثل تلك الرسالة بصورة محددة ؟.. ولماذا بدأ السفير الامير يفتقد للحماس والاستشعارات بين الطرفين يعتريها «الفتور»؟.
ثمة سيناريوهان عند بروز أي محاولة للإجابة على السؤالين المشار إليهما سابقاً الأول سعودي والثاني أردني.
في المسار السعودي وعلى مستوى السفارة والسفير لا بد من التوقف عند تلك الملاحظات التي تعكس بروداً في الفضاء الدبلوماسي حيث الإساءة التي تعرض لها السفير نفسه من قبل عضو في البرلمان الأردني مقرب من السلطات في حادثة معروفة هو النائب حسني الشياب مع إنتقادات لبرلماني آخر.
وحيث هتافات لبعض الأردنيين في الشارع خلال التضامن مع القدس ضد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وحيث تعبيرات إعلامية تنتقد السعودية ورموزها بصورة لا تليق بدولتين حليفتين.
واضح انه من وجهة نظر الجانب السعودي مثل تلك الأحداث الثلاثة..«النائب الشياب والهتافات والإعلام» مرتبطة وتوحي أن جهات رسمية أردنية لا تعارض على اقل تقدير مثل هذه التحرشات إن لم تكن مصدرها خصوصاً وأن السفير السعودي لا يصدق بأن النائب الشياب كان «يداعبه» عندما سأله عن آخر أخبار معتقل الريتز الشهير.
القراءة السعودية هنا مبنية على افتراض «سوء نية» مع العلم بأن لدى الجانب السعودي خبرات صديقة من الأردنيين يمكنها ان تشرح بأن أكثر معاناة مركز القرار في الدولة الأردنية تلازم تصرفات وحكايات وكلمات وسلوكيات «نواب الموالاة» الذين لا يمكن ضبطهم ومن الصعب توجيههم بسبب إفتقاد غالبيتهم للمهارة وبعضهم للإتزان السياسي اساساً.
بالتالي لا يمكن حساب أي تصرفات فردية لنواب في البرلمان الأردني على «الدولة الأردنية» حتى عندما تصدر عن نواب مقربين من السلطات أو محسوبين عليها.
«هتافات مزعجة»
وإذا كان مرجع القرار السعودي منزعجاً من تلك الهتافات التي صدرت عن مجموعة أشخاص ضد محمد بن سلمان يمكن إحالته اليوم للهتافات التي لا تترك صغيراً أو كبيراً في الأردن نفسه وسط الشارع رغم ان السفارة السعودية في عمان رصدت اصلاً أن عدد الذين استنكروا إطلاق هتاف ضد الأمير الشاب أكبر بما لا يقارن بعدد من أطلقوا الهتاف.
وعندما يتعلق الأمر بتعبيرات الإعلام لا تزال العقلية السعودية مصرة على الاعتقاد بان الإعلاميين الأردنيين تقودهم كما يحصل في السعودية المؤسسات الأمنية والبيروقراطية الاردنية، الأمر غير الصحيح إطلاقاً لأن الحكومة الأردنية نفسها تعاني من الإعلام أكثر بكثير من دول الجوار.
ولأن سفارة الرياض تعرف ايضاً أن حجم النقد للسعودية في الإعلام الاردني لا يكاد يذكر إطلاقاً حيث ان المملكة الشقيقة على العكس تماماً «محمية» جداً في مؤسسات الإعلام الأردني وإحترامها وعدم التعرض لها من القوانين المسكوت عنها والشاملة وحيث لا يمكن حساب رأي هنا او إنفلات هناك على الموقف الرسمي.
بطبيعة الحال هذا هو السيناريو السعودي الذي لا يكشف عند التدقيق العميق فيه عن أسباب حقيقية تبرر «إنزعاج السفير الأمير» مما يفتح المجال سياسياً في المقابل للقراءات التي تقول بأن تقصير كادر السفارة في عملها الإجتماعي وفي تسجيل إنجازات وإختراقات يمكن تبريره عبر التحدث عن «خصومة وهمية» من مؤسسات رسمية او تلك النظرية التي تقول بان الشقيق الكبير يطبق سياسة منهجية ضد الأردن ويحاول تبريرها بسبب هنا او ذريعة هناك.
السيناريو الأردني
السيناريو الأردني مختلف تماماً في القراءة ويقال فقط في الغرف المغلقة حيث إندفاعة لم تعد مفهومة في توفير كل أصناف المظلات المالية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر بالتوازي مع «تجاهل تام» للشريك الأردني. وحيث «شروحات سعودية» خلف الستارة في القضية الفلسطينية تقال للرئيس محمود عباس تارة وللأمريكيين والإسرائيليين تارة أخرى وبدون أي تنسيق من أي نوع مع «الخبرة الأردنية» في الصراع العربي الإسرائيلي. وحيث – وهو الأهم – محاولات للإختراق بعمق المجتمع الفلسطيني في معادلة القدس تحديداً وبدون إظهار اي اهتمام بـ«الوصاية الاردنية».
وآخر مسلسل الإستهداف هي تلك المحطة التي جعلت ثلاثة أطراف في الإقليم هي السعودية ومصر واسرائيل تندفع للتخطيط لمدينة العقبة جنوبي البلاد ضمن منظومة كاملة من المشروعات العملاقة وبدون أدنى تنسيق مع أهلها وحكومتها.
تلك رواية سريعة من «القدس العربي» لسيناريوهين متباعدين يحاولان تفسير الجمود والفتور الذي يتحول أحيانا لصيغة «أزمة صامتة» أما تفاصيل القصة الحقيقية للفتور فتكمن داخل الصيغتين وفيها على الأرجح خليط من الاتجاهين.
المصدر : فلسطين اليوم .