صواريخ اليمن والزج بإسم إيران..قصة شعب كسر الحصار
مقالات | 23 فبراير | مأرب برس :
لا نعتقد بأن العلم تطور لدرجة يمكننا فيها أن نكتب عبارات معينة على الصواريخ الطائرة، وإلا لكانت السعودية اشترت هذه التقنية مهما كان ثمنها علها تستطيع أن تكتب على الصواريخ التي يقصفها فيها أنصار الله بين الفينة والأخرى “صُنع في إيران”، ولكن للأسف ليست موجودة حتى الآن هذه التقنية.
يمكن أن نفهم جيدا لماذا تريد السعودية زج إيران في هذه المعمعة التي بدأت تظهر نتائجها السلبية داخل القصور الملكية، لكن لا يمكننا أن نفهم كيف يمكن لصواريخ إيرانية الصنع أن تصل إلى اليمن في ظل حصار “بري وبحري وجوي” يفاخر فيه القادة السعوديون ليل نهار.
وللتذكير.. مع بدء شن التحالف العربي بقيادة السعودية الحملة العسكرية على اليمن، خرج علينا حينها المتحدث باسم التحالف، اللواء أحمد عسيري، قائلا بالحرف إلى صحيفة “الجريدة” الكويتية إن ” عمليات “عاصفة الحزم” نجحت في القضاء على 90% من مصادر أسلحة “الحوثيين” الثقيلة، وقضينا على كل الصواريخ المهددة لدول الجوار، ومنها الصواريخ الباليستية التي يمتلكها “الحوثيون”، إضافة إلى تدمير معظم القدرة العسكرية “للحوثيين” والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي صالح”. وخلال نفس الفترة تحدث العسيري الذي سلمه الملك السعودي العام الماضي منصب نائب رئيس الاستخبارات العامة، عن شن 2500 غارة نفذها التحالف على مدى الـ 25 يوما.
طبعا هذا الكلام حدث قبل ثلاث سنوات من الآن، ليرافقه بعد ذلك تصريحات للعسيري نفسه يتحدث فيها كل يوم عن تدمير شيء جديد لـ”أنصار الله” وأنصار علي عبدالله صالح قبل مقتله، والغريب في الموضوع كيف لدولة تصرف مليارات الدولارات سنويا لشراء الاسلحة ألا تتمكن حتى اللحظة من القضاء على التهديد الذي يطالها بين الحين والآخر من قبل مجموعة من المقاتلين اليمنيين المحاصرين ومن اين لهم هذه الصواريخ بعد ثلاث سنوات من الحرب والقصف والتدمير، وهل حقا إيران هي من ترسل لهم الصواريخ؟!.
ولكي نقطع الشك باليقين دعونا نمر على النقاط التالية علها توضح لنا أو على الأقل تعطينا طرف خيط عن هذا الموضوع الشائك:
أولاً: الصواريخ التي بحيازة “أنصار الله” هي إيرانية الصنع كما تدعي “واشنطن والرياض”، ولكن إذا اخذنا بعين الاعتبار الحصار المطبق على اليمن من جميع الاتجاهات وقطع طريق وصول “أنصار الله” إلى السواحل الجنوبية، سنجد انه من الصعب جدا بل من المستحيل ان تستطيع دولة إرسال هذه الصواريخ إلى هناك.
أما السواحل الغربية فيمكننا أن نعرف وضعيتها من أحد تصريحات العسيري، حيث قال في احدى التصريحات: “أن باب المندب تحت سيطرة البحرية العربية، وهناك قطع من البحرية المصرية والسعودية لمنع وصول إمدادات عسكرية للحوثيين عبر البحر، لذلك فإن هناك سيطرة كاملة على كل الموانئ في اليمن”، فضلا عن ذلك فإن البوارج الحربية السعودية مواظبة على الدوام في مياه البحر الأحمر لمنع وصول أي أسلحة أو مساعدات انسانية من البحر.
ولكن دعونا نفترض جدلا بان إيران أرسلت الصواريخ لليمنيين قبل بدء الحرب، هل من المعقول أن يبقى صاروخ واحد منها بعد ثلاث سنوات من الحرب؟!.
ثانياً: البعض يقول ومنهم اصدقاء لنا بأن الصواريخ التي يملكها “أنصار الله” هي من مخازن الأسلحة التي كان يسيطر عليها علي عبدالله صالح عندما كان رئيسا لليمن، ولكن هذا الكلام يتناقض مع تصريحات السعودية ومتحدثها الأسمر بأنهم دمروا جميع هذه المخازن مع بداية الحرب على اليمن. وقد يكون صحيحا بأن انصار الله حصلوا عليها بطريقة ما ولكننا نعتقد بأن أغلبها قديم وقسم كبير منها سيكون غير قادر على إحداث أي تاثير.
ثالثاً: وهو الاحتمال الأرجح ان تكون القوات اليمنية نجحت في تحويل التهديد إلى فرصة، أي أن العدوان على اليمن والحصار قد فرض عليهم اللجوء إلى خيار تطوير الصواريخ الموجودة منذ زمن الرئيس السابق علي عبدالله صالح عبر تفكيكها من قبل مهندسين ومعرفة آلية انتاجها.
الحصول على نتيجة أكيدة في هذا الموضوع ليس بالأمر السهل نظرا لتعقيدات الأوضاع وغياب وسائل الإعلام العالمية عن الساحة اليمنية، لكن ما يمكن التأكد منه حاليا هو أن أنصار الله أصبحوا مكتفيين ذاتيا من ناحية القوة الصاروخية سواء بمساعدة إيران ام بدونها، كما تمكنت هذه القوة بعد ثلاث سنوات من الحرب من إحداث تغيير حقيقي في طبيعة المعركة مع السعودية وخلق قوة ردع لا يستهان بها.
ورغم هذا الصمود الكبير الذي يظهره اليمنييون يوما بعد يوم، إلا أننا لا نستطيع إنكار الضربات الموجعة التي وجهها التحالف العربي بقيادة السعودية إلى اليمن على المستوى الانساني والسياسي، فنحن اليوم امام بلد عربي يقاوم هجوم بلدان عربية عليه ومع ذلك لا يزال صامدا بالرغم من كل الجراح والتضحيات التي قدمها.