ما هي تداعيات إشراك القوات الباكستانية في عدوان السعودية على اليمن؟
مقالات | 21 فبراير | مأرب برس :
الوقت التحليلي :
في نيسان / أبريل 2015، هاجمت السعودية، جمهورية اليمن بهدف هزيمة الثوار فيها، ولا سيما قوات أنصار الله، وسعت الى تحقيق النصر في غضون أسابيع قليلة، ولكن على الرغم من مرور ما يقرب من ثلاث سنوات، لم يتحقق هذا الانتصار، ويبدو أن السعودية فقدت أمل النصر بشكل كامل في هذه الحرب.
وفي الآونة الأخيرة، قالت بعض المصادر إن المملكة تسعى نوعا ما للانسحاب من اليمن، وان تحل محلها قوات من أمريكا اللاتينية. وأخذ هذا الخبر أهمية كبرى عندما سعت السعودية فيما سبق، الى تجنيد قوات سودانية وسنغالية ومرتزقي بلاك ووتر للقضاء على الثوار اليمنيين وهزيمتهم.
ونقلت وكالة انباء الاناضول التركية عن مسؤول عسكري كبير قوله ان من المحتمل ان تنشر باكستان أكثر من ألف جندي آخر للانضمام الى القوات التي كانت متمركزة في السعودية بموجب معاهدة أمنية بين الطرفين في عام 1982. وجاءت هذه الخطوة بعد اجتماع عقد مؤخرا بين الجنرال قمر جاويد باجوا، رئيس الجيش الباكستاني، وولي العهد المملكة، محمد بن سلمان. ووفقا لتقرير وكالة رويترز، يوجد حاليا ما بين 750 الى 800 مخيما باكستانيا في السعودية، جزء منها لحماية الأماكن المقدسة، لكنهم ليسوا قوات عسكرية.
وقد أدى القرار الأخير الذي اتخذته باكستان، بإرسال مزيد من القوات إلى السعودية لأغراض استشارية وتدريبية، إلى نشوب نزاعات داخلية بسبب إمكانية استخدام هذه القوات في الحرب اليمنية.
مبادرة الجيش ومعارضات محلية واسعة النطاق
منذ بداية الحرب اليمنية، كانت السعودية تبذل قصارى جهودها من أجل إدخال القوات المصرية والباكستانية إلى هذه الحرب. وقد عارضت الحكومة المصرية بشدة التدخل العسكري في الحرب اليمنية لأن تجربة هزيمة هذا البلد في شمال اليمن في ستينيات القرن الماضي تسبب في هذا الأمر.
ومن ناحية اخرى، فشلت الحكومة الباكستانية في الحصول على موافقة برلمانها للتدخل العسكري في الحرب اليمنية. وأصدر البرلمانيون الباكستانيون قراراً يدعمون فيه الجهود الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية من خلال المفاوضات، كما حثوا الحكومة على الامتناع عن نشر وحدات عسكرية في الحرب اليمنية.
وعقب اعلان اتفاق ارسال قوات باكستانية الى السعودية لتدريب الجيش السعودي، استدعى السيناتور رضا رباني، رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني، وزير الدفاع “خرم دستغير” يوم الجمعة 16 فبراير لتقديم إيضاحات حول خلفية القرار السالف.
كما تسبب اعلان هذا الخبر الى معارضة واسعة من الاحزاب الباكستانية الكبيرة، حيث قالت شيرين مزاري، النائب عن حزب حركة-انصاف، في جلسة برلمانية: “لقد تم نشر القوات العسكرية في السعودية دون اكتساب ثقة المجلس الوطني الباكستاني، لذلك لا ينبغي أن نصمت تجاه هذه المسألة”.
كذلك أعلن عمران خان، رئيس هذا الحزب ان اسلام اباد يجب الا تتدخل في الحرب اليمنية، بيد ان عليها ان تساهم في إيجاد حلول سلمية. كما دعت “نفيسة شاه” النائب عن حزب الشعب الباكستاني الجيش الى إيضاح أهدافه من ارسال قوات عسكرية الى السعودية، وانتقدت هذه المبادرة بقولها “يجب ان تُحدد في البداية المكاسب التي ستجنيها باكستان من هذه الخطوة “
من ناحية أخرى، قال عضو مجلس الشيوخ فرحت الله بابر، عضو آخر في حزب الشعب الحاكم في مجلس الشيوخ، إن نشر القوات العسكرية في المملكة العربية السعودية خطوة حساسة وينبغي أن يتم تنفيذها بعناية ودقة أكبر. وفي ذات السياق اعترض السناتور حاجي أديل من حزب الشعب الباكستاني، وحسين حقاني، السفير السابق لباكستان لدى الولايات المتحدة، وأشرف جهانغير قاضي الرئيس السابق لجهاز المخابرات بالجيش الباكستاني (ISI)، وعبد السعد سبهبد، المتقاعد في الجيش الباكستاني، بشدة على انضمام باكستان الى العدوان المناهض لليمن.
من جهة اخرى اعتبر العلّامة، رجا ناصر عباس جعفري، الامين العام لمجلس وحدة المسلمين (MWM) والتابع لشيعة باكستان، ان عدوان الرياض على اليمن هو مؤامرة بين السعودية والولايات المتحدة لحماية مصالح الكيان الصهيوني في المنطقة.
وبعد موجة الانتقادات الواسعة من قبل الأحزاب والشخصيات والتيارات السياسية في باكستان، قال الجنرال “آصف غفور” المتحدث باسم الجيش الباكستاني، ان القوات الباكستانية لن تشارك في أي عملية خارج السعودية. وأفاد مدير العلاقات العامة للجيش الباكستاني ان الجنود الباكستانيين لن يدخلوا الحدود اليمنية، وان مخاوف البرلمان ومجلس الشيوخ في هذا الصدد لا محل لها.
الآثار المترتبة على دخول باكستان في الحرب اليمنية
ومن ناحية أخرى، فإن الحضور المُحتمل لباكستان في الحرب اليمنية مسألة مهمة وخطيرة جدا بالنسبة لإسلام أباد لأن التنوع العرقي والقومي في باكستان سيتسبب بإدخال التيارات السياسية المُعارضة للحكومة في توتر وصراع مع مؤيدي الوحدة الإسلامية وسيؤدي هذا الأمر الى إدخال بيئة باكستان المُلتهبة في فوضى جديدة.
ومن جانب آخر، لا ينبغي تجاهل تأثير هذه القضية على العلاقات بين إيران وباكستان لأنه على الرغم من بعض الاختلافات، كانت العلاقات بين البلدين دائما ودية وتعاونية، ولكن قضية اليمن يمكن أن تقوض هذا النوع من التعاون بين البلدين، وان تؤثر بشكل كبير على العلاقات الإيرانية الباكستانية.
من ناحية أخرى، على مدى السنوات الثلاث الماضية، تسبب حجم جرائم التحالف السعودي في اليمن باتخاذ مواقف ضد السعودية حتى من قبل بعض المؤسسات والدول الغربية، بحيث تأجلت زيارة ولي العهد لبريطانيا بسبب هذه القضية. وفي هذا السياق، فإن دخول باكستان في هذه الحرب يمكن أن يجعل هذا البلد شريكاً في جرائم السعودية في اليمن، وهذا سيقوض بشكل خطير سمعة إسلام آباد في العالم الإسلامي.
وبالإضافة إلى ذلك، أظهر الثوار اليمنيون أنهم أشداء ومقاومون في الحرب، مما قد يزيد من خسائر باكستان البشرية في الحرب اليمنية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة الباكستانية.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد بعض أصحاب الرأي، أن انضمام باكستان الى التحالف العدواني السعودي في اليمن هو خيار صعب جدا، لأن التدخل في الحرب اليمنية يمكن أن يزيد من الفجوة بين السنة والشيعة في باكستان، والتي تسببت الى الوقت الراهن بمقتل آلاف المدنيين، وهذا سيُسفر عن زعزعة الأمن بشكل مطرد في باكستان.
الجيش السعودي والدولارات غير الفعالة
بشكل عام، يبدو أن السعودية تتطلع لجذب المزيد من القوات من دول مختلفة بالاعتماد على الدولارات النفطية. وفي الوقت نفسه، تُعتبر السعودية أحد أكبر مستوردي الأسلحة في العالم. وكانت المملكة في طليعة مُشتري الأسلحة في الشرق الأوسط على مدى السنوات القليلة الماضية.
في عام 2015، تصدرت السعودية الدول المستوردة للسلاح في العالم، ومعظم هذه الأسلحة المستوردة من صنع أمريكا. وفي حزيران / يونيو الماضي، وقعت الرياض صفقة اسلحة بقيمة 110 مليارات دولار لشراء أسلحة واشنطن. كل هذا يشير إلى أن سياسة شراء الأسلحة فشلت في الانتصار على اليمن وأن المملكة اضطرت الى اللجوء الى أساليب أخرى.