الطلاق بين آل سعود و آل الشيخ .. السيناريوهات المتوقعة
مقالات | 15 فبراير | مأرب برس :
الوقت التحليلي :
لایختلف اثنان علی ان نشأة الكيان السعودي كانت معقدة جدا وفي الحقيقة فإن الحكم الحالي في السعودية يعتبر الثالث من نوعه والذي يستمر منذ 3 عقود.
وقد انهار الحكم الاول والثاني لاسباب عدة، ففترة الحكم الاول (1818-1744) شهدت نجاح آل سعود في تشكيل حكومة محدودة في مناطق من نجد لكن القوى الدولية المؤثرة في الشرق الاوسط رفضت وجود هذا الحكم وقد هاجمه والي مصر محمد علي باشا (ممثل العثمانيين) ما ادى الى انهياره، اما فترة الحكم السعودي الثانية كانت بين عامي 1824 و 1887 في وسط السعودية ونجد وتميزت هذه الفترة بهيمنة الوهابية على الدولة وهذا ما ادى الى نشوب صراعات داخلية وانهيار الدولة في النهاية. وبعد انهيار الحكم السعودي الثاني بدأ عبدالعزيز بن سعود منذ عام 1902 بالسيطرة على اراضي داخل السعودية ومنها منطقة الرياض واستمر في السيطرة على المزيد من الاراضي حتى عام 1925 وحين سيطر على كامل الحجاز في عام 1932 اعلن قيام المملكة السعودية، وفي الحقيقة فإن عبدالعزيز قد حظي بدعم الوهابية في بناء حكمه.
ان الوهابية ومنذ نشأة السعودية لعبت دور الداعم الايديولوجي في تشكيل حكومة واحدة، وفي الحقيقة يعتبر الدعم الايديولوجي احد ادوات الحكومات الحديثة للاستمرار والبقاء وقد وجدت السعودية هذا الدعم في الوهابية، وقد شكل التحالف بين الوهابية وآل سعود خلال العقود الـ 8 الماضية أهم اسباب تماسك الحكم الملكي السعودي.
ان التحالف غير المكتوب بين آل سعود وآل الشيخ ادى الى سيطرة آل سعود على المؤسسة السياسية وسيطرة آل الشيخ على المؤسسة الدينية، وقد حافظ الطرفان على هذا التحالف وهذه القسمة في العقود الماضية لكن في العهد الجديد ومع استلام بن سلمان لولاية العهد بدأ هذا الاخير بتنفيذ ما اسماه سلسلة من الاصلاحات الاجتماعية ما يهدد مستقبل ذلك التحالف غير المكتوب، ففي اصلاحات بن سلمان تعتبر قضايا الشباب و المرأة و انطباع بن سلمان عن الاسلام خلافا لتعاليم الوهابية وهذا ما ادى الى احتمال حدوث مواجهة بين المؤسستين الدينية والسياسية.
ان اصرار بن سلمان على ما يسميه الاسلام المعتدل وكذلك الحريات التي منحها للمرأة أفرغ فتاوى المفتين السعوديين القدماء حتى الان من محتواها. كما قام الملك سلمان بتقليص صلاحيات شورى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر محذرا هذه المؤسسة من التدخل في الشؤون الشخصية للمواطنين، وقد تسببت كل هذه الامور بأن يصبح التحالف غير المكتوب لآل الشيخ وآل سعود في مهب الريح، وكتبت صحيفة واشنطن بوست الامريكية مقالا تحت عنوان “نهاية تحالف اصحاب السياسة والدين”، والسؤال المطروح الان هو : ما هو مصير هذا التحالف وهل يجب اعتبار الوهابية مؤسسة معرضة لآل سعود في المستقبل؟
هناك عدة سيناريوهات فيما يخص ذلك:
السيناريو الاول: هو ان الوهابية ستكيف نفسها مع اصلاحات محمد بن سلمان وستظهر نسخة جديدة ومعدلة عن الوهابية في السعودية رويدا رويدا.
السيناريو الثاني : هو ان يلتزم المفتين الوهابيين الصمت ازاء هذه الاصلاحات و يتبعوا سياسة الصبر والانتظار، ان هذه السياسة ستكون مؤقتة بالتأكيد وستستمر حتى مجيء ملك جديد متناغم مع الوهابية.
السيناريو الثالث: في هذا السيناريو يمكن ان نشهد ظهور معارضة مسلحة مثل ما فعله جهيمان العتيبي في نوفمبر 1979 في السعودية، وسيقوم المفتين وعلماء الوهابية المعارضين لاصلاحات بن سلمان بشن هجمات شاملة على آل سعود.
السيناريو الرابع: في هذا السيناريو هناك احتمال قوي بحدوث انشقاقات بين الجماعات الوهابية وفي هذه الحالة سنجد ان المفتين المعارضين للاصلاحات سيقفون الى جانب العلماء المعارضين لآل سعود.
الجدير بالقول ان الوهابية الحالية قد عدلت نفسها كثيرا مع مرور الزمن والان اصبحنا نرى وهابية شبه حكومية في السعودية، ان المفتين الوهابيين يقومون بكل ما يفعلونه بهدف اكتساب السلطة وحفظها ولذلك نجد بأن هؤلاء ليست لديهم ردة فعل قوية على عدول الملوك السعوديين عن اصول الوهابية لأن المؤسسة الدينية تفتقر الى مقومات الحياة والبقاء من دون دعم آل سعود.
ولذلك يمكن القول ان مزيجا من السيناريو الاول والثاني هو الاحتمال الاكبر، و هذا يعني ان المؤسسة الدينية ستكيف نفسها مع اصلاحات بن سلمان وفي نفس الوقت تتحين الفرصة لتعزيز سلطتها و احياء المبادئ التي نقضها بن سلمان، ان هذه السياسة التي اتبعها آل الشيخ خلال العقود الـ 8 الماضية هي السبب الرئيسي لبقاء الوهابية وعلى سبيل المثال نجد ان هيئة كبار العلماء يثني على اجراءات بن سلمان خاصة في مجال قيادة المرأة للسيارات في حين كانت هذه الهيئة قد حرمت قيادة المرأة للسيارات فيما مضى.