استراتيجية آل خليفة الجديدة لقمع المُحتجّين
صحافة عربية ودولية | 12 فبراير | مأرب برس :
الوقت التحليلي :
مع حلول شهر شباط / فبراير والذكرى السابعة لانتفاضة الشعب البحريني ضد حكومة آل خليفة، تزداد الضغوط على الشعب البحريني يوما بعد يوم. البحرين بمساحتها وقلة سكانها، يكون الجزء الجنوبي منها صحرائي غالبا، وجزؤها الشمالي مكتظ بالسكان. ومن بين 82 في المئة من سكان البحرين المسلمين، فان حوالي 70 في المئة منهم من المذهب الشيعي. لذلك، نظرا للكثافة السكانية في الشمال، فبإمكان أصغر الاحتجاجات أن تتوسع بوتيرة متصاعدة على نطاق البلاد.
وقد توصلت الحكومة البحرينية إلى حلول طويلة الأجل لهذه القضية. فكانت طريقة إلغاء جنسية المواطنين المحتجين، احدى حلول آل خليفة بشأن الاحتجاجات. إضافة لمحاولتهم محاكمة المعترضين والمحتجين في محاكم عسكرية من أجل محاكمتهم بشكل أسرع وبشكل غير علني.
واعتقلت الحكومة البحرينية أكثر من 1300 مدني في عام 2016، وفقا لتقارير حقوق الإنسان حول البحرين. وغالبا ما يكون المعتقلين من عوائل القتلى المشاركين في الاحتجاجات الشعبية. وتشعر حكومة آل خليفة بالقلق إزاء تواجد هؤلاء الناس في المجتمع ولفتهم الرأي العام.
ولذلك، ومنذ عام 2016، أدخلت الحكومة البحرينية تعديلات على الدستور البحريني لقمع هؤلاء الأفراد وأحد القطاعات القوية للاحتجاجات الشعبية. فان سحب الجنسية البحرينية تعني سلب حقوق المواطنة من الناس وحظر خروجهم من البلاد وان مصير المواطن هو السجن، وما شابه من هذه الامور.
وفي بُعد آخر، مهّد البرلمان البحريني –الغير مُنتخب من قبل الشعب- شروط محاكمة المواطنين في المحاكم العسكرية في آذار / مارس 2017 وذلك بإجراءات بتعديلات على المادة 105 من دستور البحرين الفقرة “ب”.
وينص التعديل على ما يلي: “إن المحكمة العسكرية هي وحدها المسؤولة عن التعامل مع الجرائم العسكرية التي ترتكبها قوات الدفاع والحرس الوطني والأمن العام، وليس لهذه المحاكم صلاحية معالجة ومتابعة مسائل غير تلك التي يحددها القانون”.
ولذلك، من خلال تعديل الدستور والفقرة المذكورة، تُمنح صلاحيات واسعة للأجهزة القضائية العسكرية، بما في ذلك صلاحيات إجراء تحقيقات مباشرة في الشؤون المدنية ومحاكمتهم في المحاكم العسكرية. وتستخدم الحكومة البحرينية هذه الفقرة، بتفسيرات خفية وتبريرات مُقنعة، لمتابعة الجرائم الإرهابية، وقد بدأت في أوائل الأمر باعتقال 20 شخص، من بينهم أيضا شخصيات معارضة للحكومة البحرينية.
وفي كانون الأول / ديسمبر 2017، حُكم على ستة أشخاص بالإعدام في المحكمة العسكرية البحرينية بتهمة ارتكاب أعمال إرهابية. ووفقا لتقارير دولية لعام 2017، ازدادت ملفات قضايا حقوق الإنسان في البحرين بشكل هائل.
وقد احتج مركز البحرين لحقوق الإنسان مرارا على نظام آل خليفة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان الحاصلة في البلاد. وفي تقريرها الأخير، دعت جولي جرملين، مديرة العلاقات الدولية في مركز البحرين لحقوق الإنسان، إلى وقف الخسائر في صفوف المدنيين وإيقاف محاكمة المدنيين. وقد اختُطف العديد من المُحاكَمين البحرينيين في العام الماضي وحوكموا في المحاكم العسكرية البحرينية في نوفمبر تشرين الثاني في ظل ظروف ناجمة عن المرض والتعذيب.
ومن الأمثلة على المحاكمات في المحاكم العسكرية في البحرين، عدم وجود محامي، وعدم امتلاك حق التكلم عن التعذيب، وتبادل المعلومات السرية عن المتهمين، الذي يعتبر انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان.
مُخالفة سحب الجنسية ومحاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية للقانون الدولي
أهم سند قانوني دولي يتعلق بمنع سحب الجنسية هو اتفاقية عام 1961 بشأن الجنسية. وأهم اللوائح المتعلقة بالحرمان من الجنسية هي الفقرة الأولى من المادة 8 والمادة 9 من هذه الاتفاقية. ووفقا للائحة الأولى، ينبغي للدول المتعهدة أن تمتنع عن تجريد الأفراد من الجنسية، إذا أدت هذه الخطوة إلى سحب الجنسية عنهم.
والمادة 9 نوعا ما مكملة للفقرة 2 من المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على وجوب عدم حرمان الأفراد من جنسيتهم، وأن الدول المتعهدة ملزمة بالامتناع عن سحب جنسية شخص أو مجموعة من الأشخاص لأسباب قومية أو دينية أو سياسية.
وقد أدى إلغاء جنسية المُحتجين من قبل الحكومة البحرينية إلى ضرب القوانين والالتزامات الدولية عرض الحائط، وقد تسبب قلق وخوف هذه الحكومة من المحتجين إلى سحب جنسية من مواطنيها على حساب الإساءة الى سمعتها الدولية.
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966
تنص المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 على أن “الجميع متساوون امام المحاكم القضائية. ولكل شخص الحق في أن يتعامل معه في محكمة عادلة وعلنية في محكمة مستقلة ونزيهة وحيادية وفقا للقانون، وأن تقرر المحكمة صحة التهم الجنائية الموجهة إليه أو الخلافات المتعلقة بحقوقه والتزاماته فيما يتعلق بالمسائل المدنية.”
وتنص المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، من حيث الأصل الخامس على ما يلي: “لكل شخص الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية ووفقا للإجراءات القانونية.
ضرورات التغيير الإجرائي
لقد وضعت حكومة آل خليفة نفسها في موقف أكثر صعوبة من خلال اتخاذ اجراءات تُخالف المعايير الدولية في قمع المعارضين. والكثير من المنظمات غير الحكومية تقدم تقارير متواصلة ومستمرة عن انتهاكات الحكومة البحرينية. وقد ادت التوترات والتجاذبات السياسية في البحرين الى الإضرار بالاقتصاد البحريني بأكثر من ملياري دولار امريكي. ووفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية، فإن البحرين تشهد منذ عام 2011 نموا كبيرا في الفساد الاقتصادي.
وحتى الآن، تم صرف 30 في المئة من ميزانية البحرين لأجل القضاء على المحتجين وقمعهم. كما انخفض حجم الاستثمار الأجنبي بشكل كبير وفقا للإحصائيات الدولية في البلاد، وكان للأضرار التي لحقت قطاع السياحة تأثير سلبي على اقتصاد البحرين.
ويعتمد جزء هام من إيرادات البحرين واقتصادها على السياحة والاستثمار في البنوك. وقد أدى نشر تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين إلى إلحاق أضرار بالغة بالسياحة في البحرين، فضلا عن تراجع الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع.
وقد صنفت شركة “ستاندرد ان بورز” للخدمات المالية، مصرف البحرين المركزي باعتباره واحدا من أسوأ البنوك في العالم. وانخفضت البحرين الى المركز 17 من حيث الحرية السياسية وكانت من بين أسوأ البلدان.
مما لا شك فيه أن البحرين بحاجة ماسة إلى إجراء إصلاحات سياسية جذرية، والسماح لمجموعات أخرى بالمشاركة في العملية السياسية في رأس السلطة من خلال خلق بيئة سياسية مفتوحة، وإلا فإنها ستستمر بنظام قمعي يعتمد على المساعدات الاقتصادية السعودية، والذي سيؤدي بلا شك الى تحمل البحرين تكاليف باهظة. مثلما كان عليه الحال في السنوات الأخيرة.