زمن التحولات؛ “اسرائيل” تحتفظ بحق الرد والأسد يعتلي العرين
صحافة عربية ودولية | 11 فبراير | مأرب برس :
الوقت التحليلي :
صالت طائرات نتنياهو وجالت فوق الأجواء السورية لمدة زمنية ليست بالقصيرة دون أن تتعرض لأي ردع أو هجوم من قبل المضادات الجوية السورية، وأصبح الناس على وشك اليقين بأن الجيش السوري عاجز عن مواجهة الكيان الاسرائيلي أو على الأقل ردعه، إلى أن جاء يوم السبت “10/2/2018” ليرسم معه خارطة طريق جديدة في الصراع العربي الاسرائيلي ويقلب المعادلات رأسا على عقب لتدخل المنطقة بعد أن أسقطت دفاعات الجيش السوري طائرة “أف 16” اسرائيلية فوق الأراضي المحتلة، مرحلة جديدة لن تكون بردا وسلاما على الكيان الاسرائيلي.
إسقاط الطائرة “أف 16” (فخر الصناعة الأمريكية) بنيران سورية بعد أكثر من سبع سنوات على حرب داخل البلاد، شكل صدمة للكيان الاسرائيلي الذي كان يروج للجميع بأن سوريا أصبحت دولة هشة لا يمكنها الهجوم أو المباغتة ولا حتى الدفاع عن اراضيها، لذلك كانت الطائرات الاسرائيلية تنفذ طلعات على تخوم الحدود مع سوريا وتستهدف مواقع للجيش السوري دون رقيب او حسيب، وخلال الأشهر القليلة الماضية حذرت دمشق الكيان الاسرائيلي من ان أي اعتداء على سوريا سيتم الرد عليه وبشكل فوري، ولكن الصهيوني على مايبدو ظن هذا الكلام لا يعدو كونه “تصريحات إعلامية” إلى أن جاء الرد مدويا اليوم بإسقاط الطائرة التي وصل صداها إلى أروقة البيت الأبيض الذي لم ينبس ببنت شفة حتى اللحظة.
قبضة الأسد هذه المرة جاءت مُحكمة وموجعة مطبقة الخناق على القيادات السياسية والعسكرية ومراكز القرار في تل أبيب التي أوعزت للسكان في عدة مستوطنات شمالية بالتوجه إلى الملاجئ وفتح ملاجئ حيفا وتل ابيب، وكان لافتا تصريح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اليوم السبت أن “إسرائيل لا تسعى للتصعيد في المنطقة”، وان “مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أعطى أوامر لوزراء الحكومة بعدم التعليق على أحداث الشمال”.
ولكي يهرب الاسرائيلي من الإعتراف بأنه تلقى ضربة قاضية ستغير قواعد الاشتباك في المنطقة لامحالة، لجأ لاعتماد أمرين:
الأول: إطلاق ست صواريخ نحو سوريا بعد اسقاط الطائرة الاسرائيلية، كنوع من ردة الفعل ولحفظ ماء الوجه الاسرائيلي أمام الشعب الصهيوني الذي قد ينهار معنويا في أي لحظة، خاصة أن رُعب نتائج حرب تموز لا زالت تعصف بهم، وفي حال حدوث أي تجربة جديدة مشابهة لحرب تموز قد تُدخل شعب الاحتلال في فوضى عارمة تزلزل كيانه وتدفعه للعودة من حيث أتى دون رجعة.
الثاني: اتهام ايران بأنها السبب وراء هذا الاعتداء وإظهار أنفسهم بأنهم معتدى عليهم ومساكين لا يعتدون على أحد، ولكن على من يكذبون وإلى متى؟!، الكيان الاسرائيلي كان وما زال المهدد الوحيد لأمن واستقرار المنطقة منذ نشأته وحتى اللحظة، مئات الاعتداءات على السكان المدنيين الآمنين في سوريا ولبنان وفلسطين وغيرها من المناطق وارتكاب أشنع المجازر من صبرا إلى شاتيلا وغيرها واحتلال دولة بأكملها أمام أعين المجتمع الدولي ومن ثم يطالبون وبكل وقاحة بالاعتراف بهم.
والسؤال من أنتم ليتم الاعتراف بكم؟!، وبكل الأحول إن غداً لناظره لقريب.
أما بالنسبة لإيران فقد اثبتت هذه الدولة الإقليمية والصديقة الوفية لسوريا حرصها على وحدة سوريا ووقوفها إلى جانبها في أصعب الظروف، وما تحاول إيصاله اليوم “اسرائيل” للمجتمع الدولي بأن ايران هي السبب في زعزعة أمن المنطقة لن يمر على احد.
وجاء الرد الايراني على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي لوكالة فرانس برس الذي قال “إيران تؤمن ان لسوريا الحق في الدفاع المشروع عن النفس، ومن أجل التغطية على جرائمهم في المنطقة، يلجأ القادة الإسرائيليون إلى أكاذيب ضد الدول الأخرى”.
ونفت “غرفة عمليات حلفاء سوريا” التي تضم قياديين من ايران وحزب الله اللبناني وتتولى تنسيق العمليات القتالية في سوريا، ارسال أي طائرة مسيرة فوق الأجواء الاسرائيلية فجر السبت، واصفة الاتهامات في هذا الصدد بأنها “افتراء”.
وكان لافتا جدا طلب الكيان الاسرائيلي من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية التحرك بسرعة لاحتواء الموقف ومنع التصعيد على الجبهة مع سوريا، وفي الوقت نفسه تحدث نتنياهو بأن الكيان الاسرائيلي لايريد التصعيد وتوسيع العملية، وهذا وإن دل على شيء فهو يدل على تغير جذري في قواعد الاشتباك وسقوط القناع الاسرائيلي الذي أوهم العالم أجمع بأنه لا يهزم وبأن سلاح الجو لديه هو أعظم ما يملك، ليشهد العالم اليوم سقوط هذه الهنجعية والبروباغندا الاعلامية بصاوريخ سورية حطمت كبرياء من اعتدى على السيادة السورية لعدة سنوات وبضربة واحدة من الأسد الذي وصفته صحيفة هآرتس الاسرائيلية بأنه انتقل من مرحلة التهديد إلى مرحلة التنفيذ.