السفير البريطاني منهِياً عمله: “بصيص أمل لايقاف الحرب” ولابديل من الحوار مع “الحوثيين”

متابعات | 6 فبراير | مأرب برس :

أثارت موجة الاقتتال التي شهدها معسكر «تحالف العدوان»، أخيراً، في مدينة عدن، ردود فعل لدى دوائر خارجية، كان أبرزها ما صدر أمس عن «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» الذي لمّح إلى أن تحالف العدوان يفكّر بـ«حماقة». جاء ذلك في وقت وجّه فيه السفير البريطاني لدى اليمن انتقادات غير مباشرة إلى حكومة هادي، داعياً ضمناً إلى رفع الحصار المفروض على هذا البلد .

 لم ينعكس الهدوء الذي خيّم على مدينة عدن جنوبي اليمن منذ يوم الأربعاء خفوتاً في التصريحات المتضادة بين طرفَي النزاع. إذ باتت المعارك الأخيرة التي شهدتها المدينة مادة دسمة للاتهامات المتبادلة والتراشق الكلامي. تراشق لم يقتصر على حدود الداخل، بل امتد ليشمل أطراف الأزمة الخليجية، الذين اشتعلت ما بين المنابر الإعلامية التابعة لهم حرب على «التوصيف» و«التصنيف» و«التحليل». في غضون ذلك، برز على المستوى السياسي موقف بريطاني لافت، شدد على أن لا حل للأزمة المندلعة في اليمن منذ قرابة 3 أعوام إلا «بالحوار مع الحوثيين».

وفي أعقاب الزيارة التي قام بها وفد عسكري سعودي – إماراتي لعدن، لمتابعة تنفيذ بنود الوساطة التي قادها «التحالف» بين مايسمى «الشرعية» و«المجلس الانتقالي الجنوبي»، تصاعدت وتيرة التقاذف بالمواقف على خط الحلفاء – الخصوم، خصوصاً بعد البيان الحاد الذي أصدرته حكومة الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، والذي وصف ما جرى في عدن خلال الأيام الماضية بأنه «محاولة انقلابية فاشلة». ورأى رئيس الدائرة السياسية في «الانتقالي»، ناصر الخبجي، أمس، أن ذلك البيان «يعبّر عن شعور بالنقص… ويؤكد أن الحكومة لم تقم وزناً أو اعتباراً لجهود التحالف وبيانات دول العالم ومساعيها لحل الأزمة». واتهم الخبجي حكومة أحمد عبيد بن دغر بـ«محاولة خرق التهدئة، والدفع بالأمور إلى المواجهة، بغية إفشال مساعي التحالف في التهدئة، والعمل على تحقيق مطالب الشعب الجنوبي بآلية مناسبة يتوافق عليها الجميع».
بالتوازي مع ذلك، هاجم الناطق باسم «الانتقالي»، سالم العولقي، تقريراً صادراً عن لجنة وساطة سلفية قيل إن «التحالف» شكّلها لفضّ النزاع في عدن. ووصف العولقي ما ورد في التقرير بأنه «كلام فارغ ولعب أطفال»، محتملاً أن يكون «مدسوساً لزعزعة هدنة التحالف العربي». وقال العولقي إن «قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي أكبر من هذا العبث». وكان التقرير المذكور قد حمّل نائب رئيس «الانتقالي»، القيادي السلفي هاني بن بريك، ومعه قائد «اللواء الرابع – حماية رئاسية»، مهران القباطي، المحسوب على «التجمع اليمني للإصلاح»، المسؤولية عن أحداث عدن. إلا أنه لم يتسنّ التأكد من صحة التقرير، وما إذا كان مُصدِروه قد كُلِّفوا الأمر فعلاً من قبل قيادة تحالف العدوان وحكومة هادي.
على المستوى الخارجي، برزت تصريحات لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، هاجم فيها قطر، مبطناً بقوله إن «من الضروري التأكيد لأصحاب الفتن، ولمحبي التصيد في المياه العكرة، أن الموقف الإماراتي مرآة للتوجه السعودي»، و«(إننا) نبني شراكة استراتيجية تشمل أزمة اليمن وتتجاوزها». ودعا قرقاش إلى ما سماه «حسن تدبير الأمور وتقديم الأولويات دون تناسي المطالب»، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة «المبادرة سياسياً في ضوء التصدعات الكبيرة في موقف التمرد الحوثي وشرعيته»، في موقف قرأ فيه البعض دعوة إلى الاستجابة لمطالب «الانتقالي» مع الحفاظ على «وحدة الجبهة بمواجهة الحوثيين». وتأتي مواقف الوزير الإماراتي هذه في وقت تحاول فيه المنابر الإعلامية التابعة لقطر تثبيت سردية مفادها تلقي الرياض ضربة من أبو ظبي في المعارك الأخيرة التي دارت في عدن. سردية بدا لافتاً أن الهجوم عليها جاء أيضاً من منابر إعلامية سعودية وصفتها بـ«الأسطوانة المشروخة التي تعتقد الدوحة أنها لو نجحت فيها لاستطاعت تفكيك تحالف الدول المقاطعة لها».

وأياً تكن حقيقة ما يدور داخل معسكر تحالف العدوان ، الذي رأى فيه زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، أمس، «لعبة بين قوى العمالة يحرك أوراقها العدوان بما يخدم مصلحته»، فإن من شأن ذلك أن ينعكس سلباً على محاولات السعودية والإمارات إحراز تقدم على جبهات الشمال، خلافاً لما تأمله الدولتان. وفي هذا السياق، حذر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية من أنه «من دون حل سياسي واسع النطاق، ستنمو للصراع اليمني دائماً أطراف جديدة»، لافتاً إلى أن «الكثير من القوى الأساسية اعتقدت أن بإمكانها فحسب تنحية المظالم السياسية لدى حلفائها، والتركيز على قتال الحوثيين، فيما كل الأمور الأخرى ستحل نفسها»، معتبراً أن الاعتقاد المتقدم «يظهر حماقة في التفكير».
على خط موازٍ، وفي وقت يستعد فيه بريطاني لتسلم منصب المبعوث الأممي إلى اليمن خلفاً لإسماعيل ولد الشيخ أحمد، سُجلت تصريحات لافتة للسفير البريطاني لدى اليمن، سايمون شيركليف، بينما كان يعلن انتهاء عمله في هذا المنصب، واستعداده لتسلم منصب رفيع في الخارجية البريطانية. وأكد شيركليف، بالمناسبة، أن بلاده «ستعمل من دون كلل للتوصل إلى تسوية سياسية، معتبراً أن «هذا الصراع سينتهي بتسوية سياسية، وما يعنيه ذلك، باختصار، هو الحوار مع الحوثيين». وشدد شيركليف على ضرورة «أن يكون هناك أولاً نوع من الاتفاق السياسي لإنهاء الصراع، وثانياً يجب أن يتوافر التزام من جميع الأطراف بالعمل معاً لمصلحة بلدهم»، مؤكداً أن «ثمة بصيص أمل الآن» في وقف الحرب. ودعا حكومة هادي إلى «تحديد رؤية قوية وواضحة عن مستقبل اليمن، شيء يمكن جميع اليمنيين تصديقه»، وكذلك إلى «إثبات التزامها هذه الرؤية بمحاربة الفساد، تحسين إيصال الخدمات، إقرار موازنة وخطة تنفيذ، والأهم… التزام مشاورات السلام، والعمل بفاعلية لتحقيقها». وانتقد شيركليف الحصار المفروض على اليمن، لافتاً إلى أنه «غير ضروري، ولا يحقق الأهداف التي من المفترض أن يحققها»، مضيفاً أنه «يجب مواجهة التهريب من طريق تعزيز أفضل، وليس من طريق إيقاف أي شيء يأتي إلى البلاد».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى