فلسطين في حسابات آل سعود.. ما بين الأمس واليوم!

مقالات | 23 يناير | مأرب برس :

الوقت التحليلي :

قد يعتقد البعض أن تخلي السعودية اليوم عن القدس وفلسطين هو أمر مستجد ومرتبط بالواقع السعودي المأزوم والذي يجبر آل سعود على استلطاف أعداء الأمة (والتقرب من الشيطان لو تطلب الأمر) لتأمين الحماية اللازمة لهم ولنظامهم. ولكن إليكم قصة السعودية وفلسطين منذ قرن إلى اليوم.

السعودية وكلمة السر الإنكليزية

عند الحديث عن فلسطين لا بد من تتبع آثار الإنكليز، ومن هنا لا بد من التدقيق في العلاقات السعودية البريطانية التي تخطت العقد من الزمن، حيث تبلورت بشكل رسمي عام 1915م من القرن الماضي باتفاقية دارين (معاهدة القطيف) ليليها اتفاقية جدة عام 1927.

السؤال ما علاقة هذه الاتفاقيات بفلسطين؟ نعم قد يقول البعض أنه ليس هناك من علاقة مباشرة وواضحة، ولكن وانطلاقا من المعرفة المسبقة بسياسات بريطانيا في منطقتنا ودورها المحوري في قيام الكيان الإسرائيلي نُدرك أن اختيارهم لآل سعود لحكم شبه الجزيرة وتقوية شوكتهم في وجه العثمانيين والهاشميين (الشريف حسين) ليس عبثي، بل هو خيار مبني على تسليم سعودي بغض الطرف عن تأسيس الكيان الإسرائيلي مقابل تقلّد حكم شبه الجزيرة العربية.

السعودية والحروب العربية على الكيان الإسرائيلي

بعد نكسة عام 67اتهم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر السعودية بأنها تقف وراء هزيمة العرب في حرب حزيران يونيو. كيف ذلك؟ عبر استنزاف الجيوش العربية في اليمن بوقوفها إلى جانب الملكية اليمنية في حينها مدعومة من قبل البريطانيين أنفسهم مجددا.

ما أشبه اليوم بالغد، هذا الكلام يُذكرنا بما يعانيه الشعب اليمني المظلوم من ويلات بسبب النظام السعودي، وكأن السعودية لا تريد لهذا الشعب العيش بكرامة خاصة أنه شعب رفع شعار الموت لأمريكا وإسرائيل. أمريكا الحليف الأهم للسعودية اليوم وإسرائيل العشق الذي بدأت تفاصيله تظهر للعلن.

حرب 1973م ضد العدو الإسرائيلي شاهد آخر على الدور السعودي المتخاذل اتجاه قضية فلسطين. السعودية لعبت دورا ضاغطا على مصر لوقف الهجوم وإنهاء الحرب بدل مساندة القوى المصرية والسورية التي استبسلت في هجومها لتحرير مرتفعات الجولان.

حرب تموز 2006م الإسرائيلية على لبنان، شاهد حديث العهد على الموقف السعودي من الكيان الإسرائيلي وحركات المقاومة التي وضعت نصب عينيها تحرير فلسطين والقدس. بدأت الحرب فما كان من آل سعود إلا الهجوم على حزب الله اللبناني وما ظهر فيما بعد كان أعظم، لم تكتفي السعودية باللوم بل أيّدت وشجّعت وساهمت في تمويل تلك الحرب والحروب التي تلتها على فلسطين وحركات المقاومة الفلسطينية.

حقيقة العداء لإيران

قصة العداء السعودي لإيران طويلة من عمر الثورة الإسلامية في إيران. قبل ذلك كانت السعودية وآل سعود كالأتباع لشاه إيران المخلوع.

أودّ هنا تقديم قراءة خاصة لأسباب العداء لإيران، وكيف لا تعادي السعودية دولة أعلنت دعمها ووقوفها إلى جانب حركات المقاومة ضد الكيان الإسرائيلي، ويتوعّد قادتها الكيان الغاصب بالزوال عن أرض فلسطين الأسيرة. لا يمكن لنظام يحمل الأيديولوجية السعودية والتاريخ الطويل من التآمر على فلسطين إلا أن يعادي إيران. ولكن استتارا من حقيقة أن كل عدوّ لإسرائيل هو عدو للسعودية يحاول آل سعود اليوم تصوير المسألة وكأن كلّ عدو لإيران هو صديق للسعودية. والمسألة هنا تختلف بشكل جذري.

تارة أصادق عدوّ عدوي دفاع عن نفسي (يمكن تبرير هذا الأمر إلى حدّ ما). وتارة أخرى ولكي أعلن حلفي مع عدوّ الأمة الحقيقي (إسرائيل) أختلق عدوّا آخر (إيران) من أجل تسويق التطبيع وبيع القضية الفلسطينية.

اليوم بتنا في مرحلة اللعب على المكشوف، فالسعودية لم تعدّ تجد نفسها مضطرة حتى لإدانة شكلية لقرار ترامب اعتبار القدس عاصمة الكيان الإسرائيلي. قرار كان له أصداء واسعة وغضب عارم من أقصى البلاد الإسلامية إلى أقصاها، باستثناء السعودية التي لم يجرؤ حتى شعبها على الخروج في مسيرات منددة، وكيف يمكن أن يُسمح بذلك والكيان الإسرائيلي هو الصديق والحليف والعم سام هو الأمان والاستقرار لآل سعود وحكمهم المتزعزع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى