التسابق على شراء جزر البحر الأحمر ..صراع نفوذ لا ينتهي
مقالات | 11 يناير | مأرب برس :
بقلم / أمة الملك الخاشب :
تاريخ حافل بالعمالة والخيانة والذل خطت سطوره زعامات عربية منبطحة كانت السلطة والبقاء على كرسي الحكم هو أقصى طموح كانوا يحلمون به ولو كان ذلك على حساب إذلال شعوبهم وإهانتها وسلب مقدراتها وثرواتها وحتى لو تم احتلال أراضيهم تحت عدة مسمياتومبررات ما كان ذلك ليعنيهم .
الانبطاح الغريب والولاء العجيب الذي أبدته بعض الزعامات العربية انتهت بهم إلى بيع أجزاء من أراضيهم والتنازل عنها ومنها بعض الجزر بمقابل أو دون مقابل رغم تيقنهم أن تنازلهم عن تلك الجزر يعني مزيد من التوسع والسيطرة الأمريكية الصهيونية في المنطقة والسعي الحثيث للسيطرة على جزيرة سقطرى اليمنية وجزيرتي تيران وصنافير المصريتان وجزيرة سواكن السودانية كل هذا السعي تقف وراءه نفس الجهة وتخفي خلفها نفس الأطماع ولو ظهرت في الواجهة دول مختلفة لكن خلف الستار تحركهم نفس الجهة ونفس المصالح فلا النظام السعودي يملك القرار ولا دويلة الإمارات ولا حتى أردوغان
من يقف خلف سيطرة الامارات على جزيرة سقطرى اليمنية ؟
بحسب العقيدة العسكرية الأمريكية فإن من يسيطرعلى هذه الجزيرة على وجه الخصوص يحكم قبضته بصورة كبيرة على البحارالسبع الرئيسية في العالم انطلاقًا من المحيط الهندي ومن باب المندب وبحرالعرب لذا كانت الجزيرة محط أنظار القوى الدولية منذعشرات القرون وحتى الوقت الراهن ففي 1893 احتلت القوات البريطانية أرخبيل سقطرى لضمان تجارتها حول العالم كذلك البرتغاليون في عام 1507 لاستمرار نفوذهم البحري في المحيط الهندي وشرق آسيا بعد اكتشاف طريق رأس الرجاءالصالح عام 1488.
ونظرا لما تتمتع به جزيرة سقطرى بموقع استراتيجي غاية في الأهمية كونها نقطة التقاء المحيط الهندي مع كل من بحرالعرب مع باب المندب قبالة شاطئ المُكلا جنوب اليمن (300 كم) وشواطئ الصومال (80 كم) مما يضفي عليها أهمية إستراتيجية بحرية لاتتوفر لكثير من الجزرالمجاورة لها في تلك المنطقة ولكل ما أسلفت كانت سقطرى محل أطماع المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة .
فلم يجدوا أنسب من دويلة الامارات لتنفيذ مشاريعهم ومخططاتهم فتم الزج بتلك الدويلة لتحتل سقطرى اليمنية لتوهم العالم أن الإمارات هي الطامعة في موقع سقطرى وحقيقة الأمر أن الامارات مجرد أداة للمشروع الأمريكي الصهيوني وصحيح أن التمويل في بناء القواعد العسكرية الأمريكية والاسرائيلية هو تمويل خليجي اماراتي لكن الآمر والناهي والمتواجد على أرض الواقع هم الجنود الأمريكان والإسرائيلون والضباط الاماراتيون مجرد عبيد لأسيادهم وما هم إلا تابع ذليل للسيد الأمريكي في واشنطن و فقط عليهم تنفيذ ما تتلقاه من أوامر. وما مشاركة السعودية والامارات في حرب تدميرية على الشعب اليمني واحتلال أراضيه ليس إلا من باب خدمة المصالح الأمريكية الاسرائيلية في المنطقة وتنفيذا للضغوطات المفروضة عليهم ..
فالإمارات دخلت بشكل لافت على خط صراع النفوذفي البحرالأحمر،حيث أنشأت قاعدةعسكرية في بربرة عاصمة ماتعرف بجمهوريةأرض الصومال وتمتلك أيضا قاعدة عسكرية في إريتريا كما تسعى للسيطرة على بقية موانئ البحرالأحمر تحت غطاء حرب التحالف العربي. فسيطرتها على جزيرة سقطرى والمسارعة في تغيير ملامحها والاستيلاء على اراضي السوقطريين ومعاملتهم بإمتهان يأتي تحت بند أنها أصبحت تحت ملكيتهم بعد أن أعلنت الامارات أن الفار هادي كان قد منحها لهم لمدة مائة عام ودون مقابل وكأنه يمنح أرض هي من ملكه الخاص فغباء هادي وعمالته وانبطاحه تفوق بها في المرتبة الأولى على نظراءه ..
لماذا ذهب البشير لبيع جزيرة سواكن السودانية ؟
مجرم الحرب عمر البشير بعد أن لم يجد ما يطمح اليه من أموال بعد متاجرته بالجانجويد بالزج بهم في معارك مدفوعة الثمن لا ناقة لهم ولا جمل فيها حيث أشارت الاحصائيات إلى مصرع أكثر من ألف سوداني في اليمن وبعد نكث السعودية بتعهداتها له هاهو ذهب لبيع إحدى أهم جزر السودان وهي جزيرة سواكن وكان الشراء هذه المرة من نصيب الأتراك محاولين استعادة ماضيهم حيث وكان قد اختارهاالسلطان العثماني سليمان لأول في 1517 مقرالحاكم “مديرية الحبشة العثمانية” التي تشمل مدينتي حرقيقو ومصوعف يإريتريا الحالية.
وتكمن أهمية جزيرة سواكن تاريخيا في أنها أقدم ميناء سوداني على ساحل البحرالأحمر ورغم صغر حجم سواكن (20 كلم) إلا أن الأحداث تؤكد على استمرار المطامع التركية للتواجد في البحرالأحمر.
وكذلك يعتبر ميناء سواكن أقرب الموانئ إلى ميناء جدة ولا تبعد المسافة بين الميناءين سوى ساعتين . وقبل سواكن تواجد تتركيا في الصومال،حيث أنشأت قاعدة ومطارا عسكريا في مقديشو.
وبغض النظر عن شعارات محاولة “إحياء التراث العثماني” فإن إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موافقة نظيره السوداني عمرالبشيرعلى خطة بلاده لتطوير جزيرة سواكن يعتبر فصلا جديدا في صراع النفوذ المتنامي بالبحرالأحمر ومحاولة من اوردغان من امتصاص القلق السعودي المصري بعد سيطرة تركيا على جزيرة سواكن فقد أوضح أن استئجاره للجزيرة سيكون مؤقت فقط وأن أقصى ما يطمح اليه فقط أن تكون الجزيرة بمثابة قاعدة انطلاق الأتراك نحو الديار السعودية في طريقهم لأداءالحج والعمرة “ضمن سياحة مبرمجة”.
وفي الحقيقة أن سيطرة تركيا على جزيرة سواكن يعتبر من باب التسابق على السيطرةعلى موانئ البحر الأحمر بين عدة قوى اقليمية مختلفة اختار الاتراك أن يكونوا بينها .وقد انتقد بعض الناشطين المصريين سكوت الحكومة المصرية وعدم اصدارها شجب او إدانة لسيطرة الأتراك على سواكن التي تقع على بعد حوالي 100 كيلو من الحدود المصرية
وفي الفترة الأخيرة اشتد الصراع على البحرالأحمر الذي يعتبر ممر النحو 3.3 ملايين برميل من النفط يوميا كما أنه يعتبر الممر الرئيسي للتجارة بين دول شرق آسيا، ولاسيماالصين والهند واليابان مع أوروبا.
فأحد مبررات حرب تحالف العدوان على اليمن منذ مايقارب ثلاثة أعوام كان الصراع على النفوذ في البحرالأحمر بعد أن أعلن نتنياهو قلقه جراء سيطرة من أسماهم الحوثيين على باب المندب واعتبر تحالف العدوان أن موانئ اليمن الغربية التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله تقع ضمن محاولات إيران للتواجد القوي في البحرالأحمر ورغم يقين التحالف أن أنصار الله قوة يمنية خالصة لا تأخذ قراراتها من أي كان إلا أن استمرار عزفهم على سمفونية الخطر الايراني يأتي أيضا من باب الهجمة الاعلامية التي تنفذها أمريكا على ايران ومحاولة تصويرها أنها هي العدو الحقيقي للعرب وأن الامريكان والصهاينة هم الأصدقاء .
تيران وصنافير :
وشهدت قواعدا لنفوذ في البحرالأحمر تغيرا هذا العام بعدأن تنازلت مصرعن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وهوماحول مضائق تيران إلى ممرات دولية ستفتح – برأي مراقبين- أبواب التعاون سعودي إسرائيلي تحت بند تنظيم الملاحة في شمال البحرالأحمر ..
وبحسب مدير وحدةالبحوث في قسم السياسة الاستراتيجية بمركز هرتسيليا الجنرال شاؤول شاي فإن إسرائيل تؤيد سيطرة مصر والسعوديةعلى البحرالأحمر.
وقال في مقال نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم” مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن سيطرة مصر شمال أعلى قناة السويس والسعودية جنوبا على مضيق باب المندب تساهم في الحد من السعي الإيراني الحثيث للتواجد في البحرالأحمر عبر الحوثيين في اليمن وعبر اتفاقات مع إريتريا والسودان.
وهذا ما يؤكد أن اسرائيل تشتري ولاءات الأنظمة العربية خدمة لمصالحها العامة والخاصة ويؤكد أن النظام السعودي والمصري والتركي ماهم إلا أدوات وغطاء لتمرير ما يطمح إليه الكيان الصهيوني في السيطرة على كل المنافذ البحرية في البحر الأحمر ليكون هو القوة الفاعلة والمتحكمة في أهم المواقع الاستراتيجية في العالم ويحقق كل طموحاته الجنونية التي لا تنتهي…