نحو المعادلة الشاملة: برا وبحراً وجوّاً
مقالات | 9 يناير | مأرب برس :
يسير اليمن شيئاً فشيئاً نحو ترسيخ المعادلة الكبرى. سياسة الصبر الاستراتيجي بدأت باتخاذ منحى تصاعدي بعد أشهر قليلة على العدوان لتبدأ من حدود خميس مشيط، وتمرّ عبر حدود جدّة والرياض، وصولاً إلى معادلة ذات أبعاد برّية وبحرية وجوية.
ويبدو أن السعودية التي استباحت اليمن بأرضه وسمائه وشعبه خلال السنوات الثلاث الماضية على موعد مع معادلة جديدة، كتلك التي حملت عنوان “معادلة الرياض” إلا أنّها شاملة هذه المرّة.
معادلات البرّ
بدأت المعادلة الأولى بين قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية من خلال صاروخ سكود السوفياتي الذي استهدف قاعدة خالد بن عبد العزيز الجوية في مدينة “خميس مشيط” جنوب السعودية والتي تعتبر من أهم القواعد الجوية، ليشكّل علامةً فارقة في مجرى الحرب عبر تأسيسه لمعادلات جديدة.
توالى العدوان، وتوالت معه المعادلات البريّة التي جاءت نتيجة للجهود الجبار للقوة الصاروخية اليمنية التي نجحت في تعديل صاروخ سكود البالستي عبر زيادة مداه إلى أبعد من 800 كيلومتر، ليشكّل الصاروخ الجديد الذي حمل اسم “بركان 1” عنواناً لمرحلة بالستية جديدة طالت قاعدة الملك فهد الجوية في منطقة الطائف جنوب السعودية والتي تبعد أكثر من 500 كلم عن الحدود اليمنية.
استمرّ العداون، فتوالت معه المعادلات التي طالت العاصمة السعوديّة هذه المرّة عبر صاروخ “بركان2” المطوّر من “بركان1” مستهدفاً قاعدة عسكرية سعودية في منطقة المزاحمية غرب الرياض. لم تقتصر المعادلة على أطراف الرياض، بل أدخلت المجازر السعودية بحقّ الشعب اليمني مطار الملك خالد الدولي، ولاحقاً قصر اليمامة في معادلة الرياض عبر صاروخ “بركان أتش2”.
معادلة البحر
بما أنّ العدوان لم يكن برّياً فحسب، بل استخدمت قوات التحالف العربي البحر الأحمر لمهاجمة الأراضي، فضلاً عن محاصرة موانئ الإغاثة، كان لا بدّ من ردّ بحري يردع العدوان.
بدأ الرد اليمني من خلال استهداف سفن وزوراق حربية تابعة لكل من السعودية والإمارات، ليشكّل استهداف الفرقاطة السعوديّة “مدينة” منعطفاً في المعادلة البحرية، كونها وهي من بين أربع فرقاطات تمتلكها البحرية السعودية صنعت في فرنسا جميعها مزودة بحزمة تسليحيه وتقنيات حرب إلكترونيه وتخفي و بمهبط طائرات لمروحية متوسطة الحجم مثل يوروكوبتر دوفين ويوروكوبتر بانثر وطائرة إن إتش90.
حاولت السعوديّة إظهار الأمر على أنّه تهديداً للملاحة في البحر الأحمر، إلا أن الجانب اليمني أكّد أن الأمر يقتصر على السفن والبوارج التي تستهدف الأراضي اليمنية، لكنّ التطورات الأخيرة المتمثّلة باستمرار تصعيد التحالف العربي الذي تقوده السعودية باتجاه مدينة الحديدة على الساحل اليمني، دفعت بالجانب اليمني للحديث عن خيارات استراتيجية، منها خيارات قطع البحر الأحمر والملاحة الدولية، وفق ما أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد، خلال لقائه نائب المبعوث الأممي إلى اليمن معين شريم.
سريان هذه المعادلة سيشكّل عامل ضغط كبير على الجانب اليمني، إلا أنّه ليس للأخير ما يخسره في حال استمرّ العدوان، وبالتالي سيرتد هذا الأمر على الجانب السعودي بضغوط دولية تمنعه من استهداف الحديدة ومحاصرةميناءها.
نحو معادلة الجوّ
بقيت معادلة الجوّ هي الأصعب على القوّات اليمنية نظراً للتفوّق التسليحي الذي تمتلك السعودية بسبب صفقاتها مع واشنطن. ورغم نجاح القوّات اليمنية في إسقاط طائرتين حربيتين سعوديتين من نوع F-16، وطائرة مقاتلة من نوع F-15 و14 واثنين من مروحيات الأباتشي وعدد من الطائرات بدون طيّار، إلا أن القوات انها لم تتحدّث عن معادلة ردع.
مؤخراً، وبعد ساعات قليلة على إسقاط طائرة حربية لتحالف العدوان من طراز تورنيدو شمال شرق محافظة صعدة، أعلنت الدفاعات الجوية عن إصابة طائرة إف15 تابعة للعدوان في سماء العاصمة صنعاء بصاروخ أرض جو، ليتمّ الحديث عن مفاجأة من شأنها تغيير قواعد الحرب مع السعودية ودول التحالف.
هذه المفاجأة ظهرت على لسان مساعد ناطق الجيش اليمني العقيد عزيز راشد الذي تحدّث عن تفعيل وشيك لمنظومة دفاعات جوية جديدة للجيش واللجان الشعبية، قائلاً: “نستطيع أن نقول بأن مسألة تحييد طائرات العدوان دخلت حيز التنفيذ”.
يبقى الرهان على نجاح هذه المعادلة رهن الميدان، إلا أن الإعلان عنها بعد أكثر من عامين ونصف يشي بنجاح جزئي على أقلّ تقدير، كون المعادلات البريّة والبحرية لهذه القوّات أذهلت الصديق قبل العدو الذي لم يأخذها على محمل الجدّ ابتداءً.
المعادلات اليمنية ورغم قفزاتها النوعيّة خلال أقلّ من ثلاثة أعوام، إلاّ أنّها تبقى معادلات دفاعيّة وإن حملت طابع هجومي، وهذا ما ظهر في كلام الرئيس الصماد الأخير عندما قال “هم يمرون من مياهنا ببواخرهم وشعبنا يموت جوعا، وإن أرادوا أن نعود إلى طاولة المفاوضات نحن جاهزون ومستعدون للتفاهمات وسيجدون منا ما لم يجدوه في الماضي ليس تنازلا وإنما حرصا على حقن دماء الشعب وعلى أمن واستقرار المنطقة”، فهل ستفسّر الرياض هذا “الحرص” بالعجز؟ الإجابة برسم الميدان.
المصدر | موقع الوقت .