أين الرد العربي على اعتراف غواتيمالا بالقدس عاصمة للعدو؟
مقالات | 6 يناير | مأرب برس :
الاخبار اللبنانية :
أن تكون ملكياً أكثر من الملك هو حال غواتيمالا تلك الدولة التي تعيش في محور الاتباع للولايات المتحدة الأميركية قلباً وقالباً، مبتعدةً في جغرافيتها السياسية في اميركا الوسطى عن منطقة ملتهبة في الشرق الأوسط تشكل “اسرائيل” أصل الاستكبار فيها والشر القابع في بلادها، لكنها لم تنأَ بدولتها – التي تحدها المكسيك من الشمال والغرب والمحيط الهادي إلى الجنوب الغربي، وبليز من الشمال الشرقي والكاريبي وهندوراس إلى الشرق والسلفادور إلى الجنوب الشرقي – عن الحريق الذي سيحصل في منطقتنا نتيجة القرار الأميركي والسير معه.
البلاد التي تزعم في دستورها أنها ديمقراطية تمثيلية سقطت في هذه التمثيلية بالمشاركة بمصادرة حقوق شعب باكلمها لمصلحة محتل عانت من أمثاله غواتيمالا نفسها قبل نيل استقلالها عن إسبانيا في عام 1821. وللأسف لم يمرّ إعلان رئيس غواتيمالا جيمي موراليس السير على خطى نظيره الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني مرور الكرام. وتعد غواتيمالا واحدة من سبع دول صوتت ضد قرار الأمم المتحدة الذي يدعو الولايات المتحدة إلى سحب اعترافها بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”.
المؤسف أن هذه الدولة لم تراع ما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع من قرار أكدت فيه أن أي قرارات أو إجراءات يقصد بها تغيير طابع مدينة القدس أو وضعها أو تكوينها الديمغرافي ليس لها أثر قانوني وتعد لاغية وباطلة ويتعين إلغاؤها امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهي تخالف إرادة المجتمع الدولي.
لم تراع غواتيمالا ايضاً الدول العربية، وإمكانية توتر العلاقات معها من خلال اتخاذ خطوة مماثل للقرار الأميركي، إلا اننا حتى الان لم نشهد خطوة عملية ضد هذه الخطوة الغواتيمالية من قبل الدول العربية، ما خلا بعض تصريحات من الأردن وقطر والسلطة الفلسطينية بإدانة القرار الغواتيمالي الذي أتى إرضاء لدونالد ترامب.
لكن الدول العربية نفسها لم تتحرك، في وجه هذا الموقف الغواتيمالي الذي يعتبر بمثابة اعتداء صارخ على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية الثابتة، ويبدو حالها هي الأخرى مثل مقولة “أسمع كلامك يعجبني.. أشوف أفعالك أستغرب”، فمن يقرأ ما تنص عليه القمم العربية من قمة نواكشوط وصولاً إلى قمة عمان، فالقمة الأخيرة في 9/ 12 /2017 في القاهرة من أجل تباحث ما صدر عن دونالد ترامب، يظن أنه لن يسمح لأحد أن يعتدي على سيادة فلسطين ولو بكلمة.
وعلى قاعدة الحديث الذي يقول “ألزموهم بما ألزموا به انفسهم”، يجب أن تلتزم الدول العربية بما الزمت نفسها في مقررات الجامعة العربية بالعمل وفق دبلوماسية فاعلة للضغط على غواتيمالا، والقيام بما الزمت به نفسها، فقد ورد في مقرارات قمة عمان في اذار 2017 أن على الدول العربية الأعضاء مطالبـــة جميـــع الـــدول بــالالتزام بقـــراري مجلس الأمن 476، 478، اللذين يعتبران القرار الاسرائيلي بضم القدس الشرقية لاغيا وباطلا، وعدم إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس أو نقل تلك البعثات إليها، وغيرها من بنود نظرية هامة جداً في حال طبقت في هذا المضمار فضلاً عما أكدت عليه قمة نواكشوط، وقد أتت القمة الأخيرة بعد قرار ترامب لتؤكد على ما تقدم، وقد أتت بفقرات جديدة تتبنى ضرورة التحرك لوقف مفاعيل القرار الأميركي وبالتالي منع تمدد هذا القرار إلى دول أخرى والتحرك بجدية في هذا الصدد، لكن للأسف إن أحداً من هذه الدول لم يحرك ساكناً، بل إن بعضها لم يعد لديه مشكلة أن يهادن الصهاينة والأميركيين بكل ما يريدون، فإذا لم تتمكن الدول العربية بما تدعيه من علاقات دبلوماسية وقانونية من ردع غواتيمالا فكيف ستردع الولايات المتحدة الأميركية وتمنعها من تنفيذ قرار ترامب؟