المؤامرات تحقق أطماع أبوظبي في اليمن والقرن الأفريقي
متابعات | 6 يناير | مأرب برس :
لا تبدو لأطماع الإمارات ومؤامراتها حدود فهذه الدويلة الصغيرة ذات العدد المحدود من السكان والتي لطالما كانت تحت حماية القوى العظمى لا تفتأ تنفق بسخاء من أجل شراء الذمم وحياكة المؤامرات حتى ضد حلفائها لتحقيق رغبة نظامها الطموحة في السيطرة.
استغلت دويلة الإمارات تحالف العدوان بقيادة السعودية وقراره بالتدخل في اليمن تحت ذريعة ما سماه “إعادة الشرعية” لتنفيذ أجنداتها الخاصة ببسط نفوذها على مضيق باب المندب الذي يعد أهم المضايق الاستراتيجية في العالم.
ودون أن تأبه للنظام السعودي أو حكومة هادي سارعت أبوظبي لتنفيذ أجنداتها من خلال السيطرة على جنوب اليمن عن طريق المال وشراء الذمم أو المرتزقة والمليشيات المحلية التي تأتمر بأمرها. وبعد ثلاث سنوات من انطلاق العدوان والحرب على اليمن باتت الامارات تسيطر على أهم الجزر والموانئ والقواعد الحاكمة لمضيق باب المندب.. ولم تكتف الإمارات باليمن وحدها وإنما امتدت قواعدها من أريتريا الى الصومال على الساحل الشرقي لأفريقيا في منطقة القرن الأفريقي.
وفيما يلي نظرة للقواعد العسكرية الإماراتية ونوفذها في تلك المنطقة:
جزيرة ميون “بريم”
ولعل هذه القاعدة العسكرية أخطر قواعد الإمارات في البحر الأحمر فالجزيرة التي هجّرت القوات الإماراتية مواطنيها ومنحت الجنسية الإماراتية لـ (86 عائلة) تحوي قاعدة أكبر وأوسع للإمارات في فوهة مضيق باب المندب وفي فبراير من العام الماضي كشفت مجلة “جاينز” الأسبوعية المتخصصة بالأبحاث العسكرية أن دولة الإمارات شرعت في بناء قاعدة عسكرية في الجزيرة.
ونشرت المؤسسة صورة فضائية ليوم 14 يناير 2017م والتي تبين وجود البناء الجديد لمدرج طائرات بطول 3200م على جزيرة ميون الواقعة في باب المندب ولم تكن حكومة هادي القابعه في فنادق الرياض والدوحة ودبي وأسطنبول على عِلم بالقاعدة الإماراتية في الجزيرة التي تقع في فوهة باب المندب وحسب مسؤول يمني أن المخابرات الأمريكية هي من أعطت صوراً للقاعدة المذكورة وهو ما زاد من حدة التوتر بين أبوظبي ومنصور هادي.
“ذوباب” و”المخا”
وحوّل الإماراتيون بلدة “ذو باب” القريبة من باب المندب إلى قاعدة عسكرية يتحكمون فيها بالكامل، وهجروا جميع سكان البلدة البالغين نحو عشرة آلاف مواطن، ونقلوهم إلى خيام في منطقة صحراوية وفي ظروف قاسية، وحوّلوا مساكنهم إلى ثكنات عسكرية. كما حوّلوا ميناء المخا إلى قاعدة عسكرية لهم، ووضعوا فيها نحو أربعمائة من قواتهم ومنعوا اليمنيين من الاقتراب منها، وأصبح الميناء حكرا عليهم تصل إليه سفنهم الحربية وإمداداتهم العسكرية.
وحسب تقرير لتلفزيون الجزيرة تمنع القوات الإماراتية صيد الأسماك — الذي يعتبر مصدر رزق معظم السكان — على طول الشريط الساحلي من باب المندب وحتى ميناء المخا. وشكل الإماراتيون قواتٍ محلية تضم مئات من سكان الساحل الغربي من الموالين لهم بشكل كامل ولم يتم إدراجهم أو اعتمادهم في ميليشيات هادي وهم يشكلون — إلى جانب آخرين في جنوب اليمن — “الحزام الأمني” الذي تشرف عليه الإمارات.
جزيرة سقطرى
كانت جزيرة سقطرى أبرز الأهداف الإماراتية في اليمن وهي عبارة عن أرخبيل من أربع جزر صغيرة تتمتع بأهمية استراتيجية كبرى بسبب موقعها على المحيط الهندي بالقرب من خليج عدن ففي 2016 وقع رئيس حكومة هادي المقال خالد بحاح اتفاقًا مع الإمارات لإعمار وتنمية سقطرى ومنذ ذلك الوقت أحكمت الامارات سيطرتها الكاملة على الجزيرة، حيث يسير طيران الاتحاد ثلاث رحلات يوميًّا بين أبو ظبي وسقطرى مع ربط الجزيرة بشبكة اتصالات إماراتية كما دربت ابو ظبي قوات من سكان سقطرى ودُفعت بعشرات الآليات العسكرية الإماراتية إلى الجزيرة.
ميناء عصب الأريتري
في أعقاب خلافات دبلوماسية أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وجيبوتي البلد الذي كانت تطمح أبو ظبي إلى الاستفادة منه عسكريًا واقتصاديًا لتأمين طموحاتها في القرن الأفريقي توجهت الأنظار إلى جارتها اللدود أريتريا فعقدت الإمارات اتفاق شراكة مع أسمرة قامت بموجبه بالاستفادة من عقد إيجار مدته 30 عامًا تسلمت بموجبه ميناء عصب العميق ذا الموقع الاستراتيجي ومطار عصب المجاور حتى تنشئ هناك قاعدتها العسكرية، وفي المقابل، منحت حزمة مساعدات اقتصادية للبلد الأفريقي، وتعهّدت بتحديث مطار أسمرة الدولي وإنشاء بنيةٍ تحتية جديدة وزيادة إمدادات الوقود إلى أريتريا.
وتعد قاعدة عصب أحد أهم خطوات الإمارات لإحكام قبضتها حول باب المندب فضلًا عن خدمة طموحاتها في المنطقة وقد لعبت دورًا في مساعدة القوات اليمنية وقوات تحالف العدوان في احتلال مدينة عدن فيما عُرف بعملية “السهم الذهبي” وفي ديسمبر 2016م نشر مركز “ستراتفور” للدراسات الاستراتيجية والمخابراتية الأمنية (أمريكي) تقريراً يفيد بأن الإمارات تقوم بتطوير تلك القاعدة العسكرية لتضيف لها طائرات حديثة، ونشرت صوراً بالأقمار الصناعية تؤكد ذلك التطوير.
ويقول المركز: “وبالإضافة إلى العتاد الجوي الذي ركزته الإمارات في قاعدة عصب هناك أيضا وحدة برية كبيرة تضم على الأقل كتيبة مدرعة مجهزة بدبابات لوكلير القتالية فرنسية الصنع. ومع ذلك فإن الأصول الجوية هي الأسرع في الانتشار، حيث تعطي طائرات ميراج 2000 فرنسية المنشأ المتمركزة في القاعدة لأبوظبي ليس فقط القدرة على إجراء عملياتها في اليمن بكل سهولة ولكن أيضا القدرة على إبراز قوتها في أماكن أخرى حول البحر الأحمر وخليج عدن”.
قاعدة بربرة.. المال والاعتراف السياسي
في الجزء الشمالي من الصومال ثمة إقليم له حالة فريدة يُدعى «أرض الصومال»، مساحته أكثر من مليون كيلومتر مربع، وقوام سكانه أكثر من 4 ملايين ونصف المليون وفقًا لإحصاءات العام 2013 أعلن الإقليم انفصاله عن الصومال بعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991، لديه شرطة وجيش وحكومة وبرلمان ودستور لكنه يعاني من مشكلة كبرى وحيدة: لا أحد يودّ الاعتراف به باعتباره دولة على الإطلاق.
لكن يبدو أن الجغرافيا قد أهدت إلى الإقليم مفتاح فك العقدة أخيرًا إذ تلقى حكام الإقليم عرضًا مغريًا من الإماراتيين، سرعان ما تُرجم إلى اتفاقات متعددة الجوانب وحيدة الهدف إذ وقّعت شركة موانئ دبي العالمية اتفاقًا بقيمة 442 مليون دولار يقضي بالاستغلال الحصري لميناء بربرة أكبر موانئ البلاد وأهمها الميناء الذي وصفه يومًا سفير بريطاني سابق بأنه مفتاح السيطرة على البحر الأحمر.
وعوضًا عن الأموال التي ستتدفق على الإقليم الفقير كانت الإماراتيون يجرون مفاوضاتهم مع «صومالي لاند» مباشرةً غير عابئين بالاعتراضات الصومالية والأثيوبية الأمر الذي كان يعني لـ «صومالي لاند» أكثر من مجرد صفقة تجارية فها هو أخيرًا اعتراف دولي بسيادة الإقليم وحكومته وما هي إلا أسابيع قليلة حتى كشف الستار عن الأوجه الأخطر من الصفقة حين وافق برلمان الإقليم بشبه إجماع على إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية — بحرية وجوية — قريبة من الميناء ووفق ما تسرب من بنود الاتفاق فإن القوات الإماراتية لها أن تستخدم تلك القواعد ذات الموقع الاستراتيجي المتميز دون أية قيود على مهامها.
المصدر | صحيفة الشرق القطرية .