ترامب في 2017 يرمي شبكته في الخليج العربي ويحصد مئات المليارات
تقارير | 29ديسمبر | مأرب برس :
كان عام 2017 عاما ناجحا من الناحية الاقتصادية بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ وبالذات في مجال الشراكة والتعاون مع دول الخليج العربي، وفي مقدمها المملكة السعودية، حيث حصد مئات المليارات مقابل عقود بيع السلاح واستثمارات وهبات، محققا ما وعد به خلال حملته الانتخابية، حيث قال إنه سيجعل دول الخليج تدفع لبلاده مقابل حمايتها.
وحسب محللين سياسيين وخبراء اقتصاديين وعسكريين فقد حقق ترامب نجاحا كبيرا في رفد الخزانة الأميركية بالمليارات من الأموال الخليجية نظرا لتضافر عدة عوامل، يمكن جمعها في (استثمار المخاوف والصراعات في المنطقة).
فمن ناحية، كان تورط السعودية في حرب اليمن، وما نتج عنها من ضحايا مدنيين وتدمير للبنية التحتية ومآس إنسانية، ذريعة لتوقيع المزيد من العقود العسكرية، وهي مقابل الدعم العسكري والسياسي ومقابل الصمت والتغاضي عن الملفات الإنسانية وانتهاكات قوانين الحرب، إضافة إلى دعم ولي العهد محمد بن سلمان ضد منافسيه في الداخل، ومباركة إجراءاته في مكافحة الفساد وإزاحة الخصوم.
ومثلما كان ابن سلمان محتاجا للدعم مقابل ما سيدفعه، كان الموقف مشابها مع محمد بن زايد الذي أصبح بالفعل حاكما لأبو ظبي، بعد تواري رئيس الدولة خليفة بن زايد لأسباب قيل إنها صحية.
ومن ناحية أخرى، استغل ترامب الأزمة الخليجية لتزويد أطرافها الغنية بالسلاح والضغط عليها لتدفع مقابل الحماية التي تحدث عنها. وكان موقف واشنطن من الأزمة يشبه رمي صنارة صيد فيها طعمان، أحدهما وضعه ترامب للسعوديين وحلفائهم والآخر شبكه وزير الخارجية تيلرسون لحكومة الدوحة. وكان من الواضح اختلاف تصريحات ترامب ووزير خارجيته في بداية الأزمة، وقد نجحت هذه الخطة في الحصول على المزيد من الأموال. وكان النجاح أكبر من المتوقع بتدخل أنقرة، وإرسالها الآلاف من قواتها إلى قطر، إضافة إلى استغلال قضيتي دعم الإرهاب وحقوق العمالة الوافدة إلى أبعد حد.
ومن ناحية ثالثة، اجادت إدارة ترامب استخدام فزاعة إيران العدو الأول للرياض والمنامة.
وقد أعلن ترامب موقفا متشددا من إيران وعبر عن عدم رضاه على الاتفاق النووي المبرم في عهد أوباما، وتعهد بحماية دول الخليج من تهديدات طهران؛ ما دفع حلفاءه الخليجيين لتضخيم الخطر الإيراني ومن ثم تصديقه واستغلاله داخليا في الوقت نفسه.
وما يجعل الفزاعة الإيرانية مثيرة للمخاوف أكثر، انتصارات الجيش السوري على قوات المعارضة وعناصر الجماعات المتشددة، والدور الذي لعبه حزب الله وزيادة الدور الروسي والنفوذ الإيراني في المنطقة.
وتمثل طهران بالنسبة لمملكة البحرين تهديدا مباشرا، بخلاف الرياض وأبوظبي.
أعاد ترامب علاقات بلاده مع الحلفاء في الخليج إلى حالة الازدهار بعد أن طرأ عليها بعض الفتور والتوتر بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران.
ولم تقتصر إدارة ترامب على استخدام سياسة الملاينة مع دول الخليج، وإنما استخدمت أيضا لغة التهديد عبر الدوائر والمؤسسات القانونية في الولايات المتحدة من خلال قانون جاستا.
أثمرت أول زيارة خارجية لترامب بعد توليه الرئاسة للسعودية، في مايو الماضي، مئات المليارات من الدولارات، حيث وقع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالات العسكرية والتجارية والطاقة والبتروكيماويات، وكذلك توقيع مذكرة تفاهم لمراقبة مصادر تمويل الإرهاب.
وقُدرت قيمة تلك الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بحوالي 350 مليار دولار في 10 سنوات، فضلا عن اتفاقيات دفاعية تقدر قيمتها بحوالي 110 مليارات دولار.
وفي الشهر نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة بصدد بيع الإمارات 160 صاروخ باتريوت، بقيمة إجمالية تقارب ملياري دولار.
وحققت البنتاغون أرقاما قياسية في العقود التي وقعتها مع الإمارات في معرض ومؤتمر إيدكس 2017 في فبراير، حيث انتزعت الشركات الأمريكية الجزء الأكبر من العقود التي بلغت 90 عقدًا بقيمة إجمالية بلغت 5.6 مليارات دولار.
ومنح البنتاغون الأمريكي شركة «أوربيتال إيه تي كيه» للدفاع التقني عقدًا لتزويد كل من البحرين ومصر بمحركات دافعة لصواريخ سايد وايندر، وبلغت قيمة العقد 67 مليون دولار.
وتعاقدت قطر مع شركة رايثيون الأمريكية، رابع أكبر شركة مقاولات دفاعية في العالم، لتزويد القوات المسلحة القطرية برادار للإنذار المبكر، بعقد وافقت عليه البنتاغون وبلغت قيمته مليار دولار.
قوة ترامب دفاعات دول الخليج، وحاول فرض التوازن أمام إيران، ومنح اقتصاد بلاده دعائم قوية.
وإضافة إلى العقود العسكرية، زاد رصيد استثمارات دول الخليج في أذون وسندات الخزانة الأمريكية، ووصلت قيمة تلك الاستثمارات في نهاية أكتوبر الماضي إلى 257.1 مليار دولار بنسبة زيادة 5.1% مقارنة بالشهر السابق.
السعودية فقط رفعت رصديها منها بنسبة 50.2 في المائة، وقيمة 48.5 مليار دولار، خلال عام واحد، مقارنة برصيدها في أكتوبر 2016، البالغ نحو 96.7 مليار دولار.
ويضاف إلى كل ذلك استثمارات أخرى لدول الخليج في الولايات المتحدة، منها ما هو حكومي ومنها خاص.
وأعلنت دول خليجية الاستثمار في خطة «ترامب» للبنية التحتية في الولايات المتحدة التي تقدر بقيمة تريليون دولار.
وتتولى الصفقة السيطرة على مشاريع إعادة بناء الطرق والجسور الأمريكية عن طريق القطاع الخاص وبلدٍ أجنبي.
وأعلنت قطر استثمار 30 مليار دولار في مشروع تطوير البنية التحتية في الولايات المتحدة.
كما تعتزم السعودية بناء صندوق استثمار بقيمة 40 مليار دولار لخصخصة البنية التحتية الأمريكية، .تسعى الهيئة العامة للاستثمار الكويتية، إلى الاستثمار في مشروعات البنية التحتية الأمريكية.
وأنعشت صراعات المنطقة العلاقات العامة، فتأسيس مكاتب جديدة لجماعات الضغط لصالح دول الخليج التي زادت نفقاتها في عقد اللقاءات والمؤتمرات والندوات، وتم تحويل مبالغ مالية خليجية إلى العشرات من مكاتب استشارات العلاقات العامة في واشنطن، على أمل المناورة السياسية لصالحها لدى وزارة الخارجية والكونغرس، وتحسين صورتها لدى الرأي العام الأمريكي.
في المجمل، من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، نجح ترامب في اللعب على الأوتار الحساسة في المنطقة، ورمى شبكة الصيد التي حصل من خلالها على مئات المليارات من الدولارات.
المصدر : الميدان .