سقوط مؤامرة مليشيات الخيانة تكشف زعماء مافيا الآثار اليمنية

تقارير | 29 ديسمبر | مأرب برس :

عبدالرحمن مطهر :

أكثر من 230 قطعة أثرية تمثل أواني فخارية ومباخر ونقوشاً مسندية وأفاريز معمارية وأعواداً خشبية بخط الزبور وغيرها كانت جاهزة للتهريب بمنزلي مقولة وتوفيق صالح

 

كشفت الأحداث الأخيرةُ التي شهدتها العاصمة وأثارتها مليشياتُ الخيانة، أن عدداً من الشخصيات الكبيرة المقرّبة من زعيم المليشيات، كانت تتزعَّمُ مافيا تهريب الآثار والمخطوطات اليمنية إلى خارج الوطن ، فيما كانت تقدم تلك الشخصيات باعتبارها شخصياتٍ وطنيةً ، وذلك من خلال العثور على عدد كبيْر من القطع الأثرية والمخطوطات التأريخية النادرة مخزنة في مخازن خَاصَّة في عدد من منازل قادة الفتنة التي شهدتها العاصمة مطلع ديسمبر الجاري كمنزل اللواء الركن مهدي مقولة ، وأيضاً منزل توفيق صالح ، وَالتي كانت مُعدة ومجهزة لتهريبها لخارج اليمن ، ولا نعلم كم عدد القطع والمخطوطات التي قد تم تهريبها سابقاً.

 

 المتاحف الخليجية

ولمعرفة ذلك يكفي فقط مشاهدة متاحف الدول الخليجية المجاورة كمتاحف الإمارات والمتاحف السعودية والقطرية ، والتي لا تأريخ لها أَوْ تراث أَوْ حضارة؛ باعتبارها كانت تجمعات سكانية على سواحل الخليج تعيش من خلال الصيد واستخراج اللؤلؤ من البحار، أما نجد والحجاز فهي إلى عهد قريب مناطق صحراوية ليس بها أية مناطق حضارية ، واليوم تعج متاحفها بعدد هائل من القطع الأثرية والمخطوطات التأريخية اليمنية ، فضلاً عن المتاحف العالمية كمتحف اللوفر بباريس وغيره والذي توجد بها أهم وأغلى القطع الأثرية والتماثيل الحجرية والبرونزية اليمنية ، بل والعملات الفضية والذهبية ، كُلّ ذلك يؤكد لنا حجم التهريب التي كان سائدا خلال العقود الماضية من خلال مافيا تهريب الآثار اليمنية والتي كشفت الأحداث الأخيرة أن مثلَ هذه الشخصيات لم تكتفِ بنهب المال العام وتجويع الشعب، وتحويل مؤسسات الدولة إلى مِلك شخصي على مدى العقود الماضية ، بل هي مَن كان يتزعم عصاباتِ سرقة التأريخ اليمني.

صحيفة المسيرة التقت الأستاذ مهند السياني -رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف- للاستفسار عن أهميّة هذه القطع ، والذي أوضح أن “القطع الأثرية مهمة جداً سواءٌ أكانت القطع الكبيرة الحجم أَوْ الصغيرة؛ لأنها تضيف سطراً في تأريخ وحضارة اليمن”.

وبالنسبة لمعرفة عدد القطع الأثرية التي تم العثورُ عليها في منزل “مهدي مقولة” وكذلك في منزل “توفيق صالح” من قادة مليشيات الخيانة وما هي هذه القطع وما أهميتها وإلى أية حقبة تأريخية تعودُ ، يقول رئيس هيئة الآثار “القطع التي كانت في منزل مهدي مقولة لم تصلنا ولم نطلع عليها إلى الان؛ لأنها لا تزال قيد التحفظ لدى النيابة العامة للآثار والمخطوطات؛ لجمع الاستدلالات والتحقيقات الخَاصَّة بالقضية المرفوعة عليه ، وعندما تصل إلينا سوف نجري عليها الدراسات والفحوصات العلمية لنعرفها ونحدد عصرها الزمني ولأية حقبة حضارية وتأريخية تعود ..

أما بالنسبة بخصوص القطع الأثرية التي تم العثور عليها في منزل توفيق صالح فهي 9 قطع كبيرة ترجع لحقبة ما قبل الإسلام ، وتمثل أعمدة ومذابح مهمة جداً ونقشاً تأريخيًّا مكتوباً بخط المسند من جهاته الأربع ، ولم نحدد حتى الآن إلى أية حقبة تعود غير أنها لعصر الدول اليمنية القديمة قبل الإسلام ، ومن خلال القطع المشابهة نستطيع القول إنها تقريباً من محافظة الجوف وقد تعون للدولة السبأية أَوْ المعينية ، لكن لم نجر حتى الآن الدراسات العملية عليها لتحديد عمرها بدقة فهي تحتاج إلى دراسة؛ لأنها جاءت إلينا قبل أيام قليلة ، وهي اليوم محفوظة في مكانها الطبيعي ويجب على الجميع معرفةُ أن مكانها الطبيعي المتاحف , والآثار المنقولة مكانها الطبيعي المتاحف.

وحول كيفية حصول هذه الشخصيات على هذا العدد الكبير من القطع الأثرية يقول رئيس الهيئة الأستاذ مهند السياني “مصدر الحصول على هذه الآثار يعود لعدة أسباب أبرزها عمليات النبش والتهريب الموجودة لدينا؛ بسبب اتساع الرقعة الجغرافية ، وَأَيْضاً هناك مواقع أثرية كثيرة جداً بدون حماية ، لهذا من الصعب تحديد مصادرها ومن أين جيء بهن وعبر من , ولن نستطيع أن نحكم على هؤلاء الأشخاص بأي شيء؛ لأن هذا عمل الأجهزة الأمنية , ومهمتنا محصورة في تحديد الأهميّة التأريخية لهذه الآثار”.

في ختام تصريحه دعا السياني كُلّ مَن لديه قطع أثرية إلى تسليمها للجهات المختصة ممثلة بالهيئة العامة للآثار والمتاحف وسوف تكتب باسمه وتعتبر هديةً منه للدولة وللشعب اليمني ..

 

 متحف متكامل بمنزل مقولة

كما التقت صحيفة المسيرة بالأستاذ / عَبدالكريم البركاني -مدير عام الحماية بهيئة الآثار والمتاحف- والذي تحث لنا عن هذه القطع الأثرية وعددها خَاصَّة انه كان رئيسَ الفريق الأثري الذي ذهب مع الجهات الأمنية لمنزلي مهدي مقولة وتوفيق صالح والذي قال “إن القطع التي تم العثور عليها في منزل مهدي مقولة تمثل أهميّة تأريخية وحضارية للتأريخ اليمني والحضارات اليمنية وتعود إلى حقبة وفترة زمنية من تأريخ اليمن ، وتتمثل في أجزاء من نقوش مسندية وَقطع برونزية ما بين ألواح ومباخر برونزية غاية في الأهميّة ، أَيْضاً أعواد خشبية منقوشة بخط الزبور نادرة جداً ، وكذلك قطع فخارية كبيرة وصغيرة من أهم القطع الفخارية في اليمن والجزيرة العربية بشكل عام، خَاصَّة أن هذه الأواني الفخارية هي أوانٍ مكتملة”.

وبالنسبة لمصادر هذه القطع الأثرية والأواني الفخارية يقول البركاني “مصادر هذه القطع غير معروف لدينا حتى الآن ، لكن حسب مقارنة بعض القطع الأثرية خَاصَّة الأواني الفخارية يرجح أنها من قرية مقولة بمديرية سنحان محافظة صنعاء ، وهذه المنطقة تعتبر من أبرز المناطق التي وجدنا بها قطعاً أثرية فخارية” .

وبالنسبة لعدد القطع الأثرية التي تم العثور عليها في منزل مقولة يقول البركاني مدير حماية الآثار بالهيئة العامة للآثار والمتاحف “إجمالاً القطع الأثرية هي قطع في غاية الأهميّة ، وقد فوجئنا بأن يكون هذا الكم الهائل والذي يُقدَّرُ بحوالي 222 قطعة أثرية موجودة في منزل مهدي مقولة ، هذا يعتبر متحفا متكاملا ، ولا شك أن هذه القطع الأثرية سيتم توثيقها توثيقا علميا صحيحا وترميم الأجزاء المكسرة من النقوش غير المكتملة؛ كي تمثل قطعا متكاملة ، وهي لا شك ستضيف الكثيرَ للتأريخ اليمني القديم ، وستعمل على اكتمال بعض الحلقات المفقودة في تأريخنا ، ومثل هذه القطع الأثرية يجبُ أن تعود إلى حواضنها الأصلية وهي المتاحف التي تعاني من نقص كبير من بعض القطع الأثرية لحقب زمنية معينة ، لهذا القطع الأثرية التي تم العثورُ عليها سترفد المتحف اليمني بشكل كبير وستضيف الكثيرَ للدارسين والباحثين للتأريخ اليمني والتراث والحضارة اليمنية القديمة , وهو موروثٌ ثقافي وحضاري كبير يتوجب علينا جَميعاً كيمنيين حمايته وصونه وعرضه في الأماكن المخصصة.

 

أفاريز معمارية ضخمة

وتحدث الأستاذ عبدُالكريم البركاني عن القطع الأثرية التي تم العثور عليها في منزل المدعو توفيق صالح فقال: “هي عبارة عن كتلٍ حجرية كبيرة تمثل جزءً مهماً من الحضارة اليمنية ، المتمثلة في عناصر أفاريز معمارية وكذلك أفاريز لمعابد ، وهي ضخمة الحجم عليها كتابات مسندية مهمة جداً ، فهذا الفن المعماري القديم والكتابة بخط المسند يحكي لنا تأريخ تطور الشعوب اليمنية القديمة ، أمّا بالنسبة لأعمار وأزمنة هذه القطع لن تُحددَ إلا بعد فك الرموز والنقوش ، أي بعد الدراسة العلمية المعمقة لها، أما بالنسبة لمصادر هذه القطع فهي لا شك تم الحصولُ عليها عن طريق النبش من الأماكن الأثرية كالمعابد في الجوف ومأرب ومن بعض الأماكن الزاخرة بالحضارات اليمنية القديمة ، أما بخصوص التماثيل والقطع الصغيرة أَوْ العُملات الذهبية فلم نجدَ منها شيئاً ، ومن الممكن انه قد تم نقلُها بحكم أنها صغيرة الحجم”. ويضيف البركاني قائلاً كما انه لم يتم التأكد بعد بأن هذه الآثار قد تمت سرقتها من المتاحف التي في الجنوب كمتحف أبين أَوْ المكلا واللذين تعرَّضَا للسرقة من تنظيم القاعدة ، لكن سيكون ذلك في الاعتبار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى