ماذا حققت السعودية بعد 1000 يوم من المغامرة العسكرية في اليمن
مقالات | 24 ديسمبر | مأرب برس :
مضى اليوم الألف على التدخل العسكري السعودي في اليمن عبر تحالف يضم عددا من دول المنطقة والعالم.
على الأرض ، لم تتحقق الأهداف المبدئية المعلنة.. لا عاد هادي إلى صنعاء، ولا انهزمت حركة أنصار الله، لكن أمورا كثيرة تغيرت في اليمن، البلد الذي خرج من أزمة الربيع العربي ممزقا إلى طوائف وجماعات تظلها دعوات مناطقية تنزع إلى الاستقلالية أو إلى “أخذ حقها” من الموارد وفي إدارة الدولة.
تقسيم الأرض
أصبح اليمن الواحد مقسما فعليا.
يقول اليمنيون إن وحدة بلادهم تمثل تهديدا وجوديا للمملكة، انطلاقا من مخاوفها القديمة، التي تجعل استقرار اليمن الكبير دافعا للتفكير في استعادة الأراضي التي ضمها ابن سعود إلى مملكته في النصف الأول من القرن العشرين.
إذا كان هذا التهديد الوجودي موجها للسياسة السعودية فعلا، فإن تقسيم اليمن يعد بالنسبة للرياض إنجازا كبيرا يضاهي أي إنجاز عسكري.
بنظرة على الخارطة اليمنية، نجد أن الجزء الأكبر منها واقع تحت سيطرة التحالف السعودي وحكومة هادي، غير أنها سيطرة غير كاملة.
مناطق عديدة تدار من قبل زعامات محلية ذات توجه انفصالي (في عدن) واستقلالي (في حضرموت).
وثمة مناطق لا يزال ينشط فيها تنظيما القاعدة وداعش، وأخرى واقعة تحت تصرف دولة الإمارات كجزيرة سقطرة والمنشآت الحيوية في عدن.
أما شمال البلاد، فهو في الجزء الأكبر منه يدار من قبل حكومة صنعاء، وتستثنى منه مدينة مأرب التي جعلها التحالف السعودي عاصمة بديلة للعاصمة المؤقتة عدن، وتقع أيضا أجزاء من محافظات مأرب والجوف وتعز تحت سيطرة قوات هادي.
في الشمال كذلك، توجد أغلب جبهات القتال التي تعد بالعشرات بين القوات الموالية لحكومة صنعاء وقوات هادي، ويمكن تقسيمها إلى محاور:
* محور الشمال الشرقي، ويضم جبهات محافظتي مأرب والجوف
* محور الساحل الغربي في محافظات حجة، الحديدة، تعز، لحج
* محور تعز
* محور المناطق الوسطى ويضم جبهات البيضاء، شبوة، الضالع، وهذه الأخيرة تضم مديريات كانت ضمن دولة الشمال قبل الوحدة.
بعد الألف يوم، لا أمل يلوح في إمكانية إعادة توحيد البلاد، سواء انتهى التدخل العسكري السعودي بالهزيمة أو حقق الانتصار على الحوثيين. القوى التي فرضت نفسها أو تم فرضها بدلا عن مؤسسات الدولة، غير مستعدة للتخلي عما حققته من مكاسب، وبالذات ما تسمى المقاومة الجنوبية أو حركة أنصار الله.
عسكرة الشعب
بعد اليوم الألف، يلاحظ أن التحالف السعودي بإشراف من دولة الإمارات، قد أنشأت العديد من التشكيلات العسكرية والأمنية، سواء ما كان منها يتبع قوات هادي وحكومته أو ماهو خارج عن سيطرتها، ومن ذلك قوات الحزام الأمني في عدن، وقوات النخبة الحضرمية وغيرها.
ومع استمرار تأزم الأوضاع الاقتصادية في البلاد بشكل عام، لا توجد فرصة للحصول على عمل إلا بحمل السلاح، ولذلك اتجه آلاف الشبان حتى من خريجي الجامعات إلى التجنيد سواء في قوات هادي أو القوات التي أنشأها الإماراتيون وفتحوا للشبان العاطلين عددا من معسكرات التدريب.
وتجذب البطالة أعدادا أخرى من الشباب بينهم قاصرون، للالتحاق بقوات الحوثيين أو للإنضمام إلى تنظيمي القاعدة وداعش.
عسكرة اليمنيين ليس الهدف منها رمي المزيد من الحطب لنار الصراع المسلح فقط، وإنما لزرع بذور صراعات مستقبلية ستبدأ عندما يعلن التحالف السعودي انتهاء مهمته في اليمن، ويترك اليمنيين يواصلون تدمير بلادهم بأنفسهم.
كوارث إنسانية
من أهم إنجازات التحالف السعودي خلال الألف يوم الماضية، هي التسبب في كوارث إنسانية كبيرة، لم تشهدها اليمن طوال تاريخها:
* أوبئة وأمراض معدية
* مجاعة مستترة، وحالات سوء تغذية في مختلف المناطق.
* أزمة مياه تسبب فيها انقطاع الكهرباء.
* فقر مدقع مع انقطاع المرتبات وتخلي طرفي الصراع عن مسؤولياتهم في دفع مرتبات موظفي القطاع العام.
* نازحون ومشردون تعرضت منازلهم للتدمير سواء في مناطق المواجهات أو نتيجة لغارات طيران التحالف السعودي. وعالقون في الخارج، بينهم طلاب دراسات عليا تقطعت بهم السبل، منذ انقطاع صرف المعونة التي تقدمها الدولة.
* عدد كبير من الأسرى والمفقودين.
* تردي الخدمات الصحية، ونقص حاد في الدواء، وزيادة في حالات الإصابة بالأمراض القاتلة والأمراض النفسية.
كل ذلك وأكثر بات العنوان الوحيد الذي تهتم به المنظمات الدولية والصحافة العالمية، من كل ما يجري في اليمن، ولكن من دون تدخل يخفف من تلك الكوارث.
المصدر: الوقت .