تقرير.. علاقات تل أبيب مع الرياض من منظور إسرائيلي
تقارير | 20 ديسمبر | مأرب برس :
قال تقرير لوكالة «الأناضول» التركية، إنه رغم التلميحات الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين حول وجود علاقة ناشئة مع السعودية، إلا أنهم يمتنعون عن الكشف عن طبيعة هذه العلاقة الناشئة، ومستواها، وإن كانوا يقرون ضمنا بأن تطبيع العلاقات بين البلدين سيكون صعبا، قبل تحقيق اتفاق سلام فلسطيني ـ إسرائيلي.
وأكد المسؤولون الإسرائيليون إن إيران هي العنوان الأبرز للعلاقات السعودية الإسرائيلية.
بوادر التطبيع
وتطرق التقرير إلى لقاءات سعودية مع مسؤولين إسرائليين بعد أن كان ذلك محرما، فلقاءات المدير العام للاستخبارات العامة السعودية الأسبق الأمير «تركي الفيصل» مع مسؤولين إسرائيليين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية باتت مألوفة، فضلا عن زيارة ضابط الاستخبارات الأسبق اللواء «أنور عشقي»، على رأس وفد من رجال الأعمال والأكاديميين السعوديين إلى (إسرائيل) في يوليو/تموز 2016، ومن ثم استضافة كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين بات مألوفا في موقع «إيلاف» الخاص السعودي.
ورأى «عوزي رابي» المحاضر في جامعة تل أبيب والمتخصص في الشؤون السعودية في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، الأحد: أن «الدول العربية تعترف بخجل أن إسرائيل ليست بالسوء الذي تم تقديمها فيه في القرن العشرين، وأن يقوم وفد بحريني بزيارة إسرائيل علنا في الآونة الأخيرة، وأن يجري رئيس الأركان (غادي إيزنكوت) مقابلة مع موقع إعلامي سعودي (إيلاف)، وأن يقول رئيس معهد أبحاث سعودي إن لإسرائيل واليهود حقوقا في القدس، ليس سوى بعض المؤشرات على ذلك».
ولفت إلى أن «التفكير بمنطق عدو عدوي صديقي، هو الأساس لتغيير مهم بالنسبة إلى إسرائيل».
توثيق التعاون
ودعا وزير الدفاع الإسرائيلي «أفيغدور ليبرمان»، إلى توثيق التعاون بين (إسرائيل) والسعودية، بعد أن هاجم إيران والمجموعات التي وصفها بـ«فروعها في المنطقة».
وكتب «ليبرمان» في مجلة «ديفنس نيوز» الأمريكية، يوم الثلاثاء الماضي: «نرى أدلة كثيرة على التفكير الرصين في أماكن أخرى في المنطقة، ولا سيما بين دول الخليج، ولعل أوضح مثال على ذلك هو المملكة العربية السعودية التي تقود قيادتها سياسة جريئة ورؤيا لا تتوانى عن تعريف إيران باعتبارها التهديد الإقليمي الأكبر، وهي تواجه صراحة فروعها الإرهابية، الحوثيين وحزب الله وحماس، ومن خلال إعطاء الأولوية للتحديث والحرية والاستثمار في البنية التحتية، تركز الحكومة السعودية على مصالحها الحقيقية والحيوية. كل هذا يمثل في الواقع مصالح إقليمية رئيسية».
وأضاف «ليبرمان»: «كلما وحدنا، نحن القوى البراغماتية في المنطقة، طاقاتنا لهزيمة أعدائنا المتعصبين، كنا أكثر قدرة على توفير الأمن والاستقرار في المنطقة والنهوض بمصالحنا الوطنية».
وتقول (إسرائيل) إنها قادرة وحدها على مجابهة إيران لو اقتضت الحاجة منعها من امتلاك أسلحة نووية.
تلميحات «نتنياهو»
وبحسب التقرير، لطالما لمح رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» في الأشهر الأخيرة، إلى أن الشعور الذي يسود بعض الدول العربية بأن إيران هي العدو، قد قرب (إسرائيل) من الدول العربية «المعتدلة».
ففي الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تحدث «نتنياهو» في مراسم إحياء ذكرى رئيس الوزراء الأول لـ(إسرائيل)، «دافيد بن غوريون» في القدس، عن علاقات سرية تربط بلاده مع دول عربية دون الكشف عن أسماء هذه الدول.
ولكنه في الحادي والعشرين من الشهر ذاته، كان «نتنياهو» أكثر تحديدا بشأن هوية هذه الدول بتأكيده أن الحديث يدور عن دول تعتبر إيران عدوا.
كما أن «نتنياهو» قال في الرابع عشر من الشهر ذاته في جلسة خاصة في الكنيست: «لا يسعنا سوى الإشارة إلى أننا نقف كتفا إلى كتف مع دول تنتمي إلى المعسكر المعتدل في العالم العربي، وذلك أيضا في وجه المخاطر التي يشكلها الإسلام المتطرف، سواء كان مصدره إيران أو داعش وغيره».
وفي الرابع من الشهر الجاري، قال «نتنياهو» في جلسة للجنة الخارجية والأمن البرلمانية الإسرائيلية: «دعوني أجزم أن التغيير الذي نشهده يحمل بين طياته أكبر نعمة وأكبر أمل، خصوصا في ضوء ما نشهده من بوادر تغييرات في الوطن العربي التي أعتبرها غير مسبوقة حقا، وقد يشكل ذلك أملا للانطلاق إلى طريق جديدة ستأتي في نهاية المطاف بثمارها في مجال السلام».
ولكن التصريح الأبرز لـ«نتنياهو» كان في السادس من سبتمبر/أيلول، عندما قال في وزارة الخارجية الإسرائيلية: «أود أن أذكر كتلة دول في سياق دخول إسرائيل إلى ساحات جديدة، ألا وهي كتلة الدول العربية، فالذي يحدث بالفعل معها أمر لم يسبق حدوثه في تاريخنا».
الأمر ذاته أشار إليه وزير الطاقة الإسرائيلي «يوفال شتاينتس»، الذي قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي الأحد الماضي: «لدينا علاقات سرية جزئية مع العديد من البلدان العربية والإسلامية، إن علاقاتنا مع الدول المعتدلة في العالم العربي تساعدنا في عرقلة المشروع الإيراني».
الوزير ذاته كان قال للإذاعة ذاتها في التاسع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني عن علاقات (إسرائيل) مع السعودية: «دائما يكون الطرف الذي يرغب في إبقاء هذه العلاقات سرية هو الطرف الآخر، نحن نحترم رغبة الطرف الآخر عندما تكون الاتصالات تتطور سواء مع السعودية أو دول عربية وإسلامية أخرى».السعودية تريد أولا اتفاقا فلسطينيا ـ إسرائيليا.
وعلى الرغم من التعاون الاستخباري الذي يبدو أنه قائم بين السعودية و(إسرائيل)، إلا أن الحكومة الإسرائيلية تدرك أن تطبيع السعودية للعلاقات معها سيتطلب اتفاقا بين الفلسطينيين والإسرائيليين أولا.
وفي هذا الصدد، قال «نتنياهو» في كلمة أمام المؤتمر السنوي لصحيفة «جروزاليم بوست» الإسرائيلية بالقدس في 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري: «لا يمكن تحقيق السلام مع العالم العربي دون حدوث زحزحة ما مع الفلسطينيين».
وأقر «نتنياهو» بأن ذلك «سيستغرق بعض الوقت».
لكن مساعدا سابقا لرئيس الوزراء الإسرائيلي، لفت إلى أن ما يهم السعودية هو اتفاق فلسطيني ـ إسرائيلي، وليس فحوى هذا الاتفاق.
ففي الثالث والعشرين من الشهر ذاته، قال الجنرال «يعقوب إيغل» الذي عمل مستشارا للأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي في الفترة بين يناير/كانون الثاني 2016 ومايو/أيار 2017، إن السعوديين «لا يهتمون حقا بتفاصيل الاتفاق».
وأضاف في كلمة في لقاء نظمته مؤسسة «مشروع إسرائيل» (غير حكومية)، إنهم يريدون فقط أن يقولوا «إن هناك اتفاقا بين إسرائيل والفلسطينيين، لا يهمهم فحوى الاتفاق، إنهم لا يحبون الفلسطينيين أكثر أو أقل منا، إنهم يحتاجون أن يقولوا إن هناك اتفاقا لإفساح الطريق أمام الخطوة التالية، ولذا فما زال هذا الأمر عقبة».
عدم الاستعجال
ودعا الجنرال المتقاعد «مردخاي كيدار»، محاضر الدراسات العربية والشرق أوسطية في جامعة بار إيلان، (إسرائيل) إلى «عدم الاستعجال بإظهار فرحتها بتطور العلاقات مع السعودية».
واعتبر في دراسة نشرها مركز بيغين ـ السادات للدراسات الاستراتيجية، إن السعوديين «يحتاجون إلى إسرائيل بسبب الإيرانيين».
وقال: «ينبغي لإسرائيل أن تبقي لنفسها (وجه البوكر) حتى يشعر السعوديون بأن عليهم العمل الجاد لإقناعها بمنحهم ما يريدون على شروط إسرائيل».
وتابع «كيدار»: «الخوف من إيران يدفع الرياض باتجاه إسرائيل ويوفر للدولة اليهودية، وربما للمرة الأولى، فرصة لإملاء الشروط».
وسرد «كيدار» بعض هذه الشروط التي يقترحها، وهي: «مفاوضات سلام مباشرة فقط مع السعوديين دون أي تدخل أجنبي، سفارة سعودية في القدس، الاعتراف بحق اليهود في العيش في كل مكان في إسرائيل، تمييز واضح بين السلام الإسرائيلي ـ السعودي والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تعهد سعودي بالامتناع عن التصويت ضد إسرائيل في المحافل الدولية، التطبيع الكامل بما في ذلك التعاون العلمي والثقافي والتجاري والصناعة، وقبول رفع الأعلام والأناشيد الوطنية في المناسبات الرياضية، وإذا رفضت الرياض رؤية السلام هذه، فيجب ألا تتوقع دعم إسرائيل الكامل في الحرب ضد طهران».
واعتبر أنه «في اليوم الذي يدرك فيه الإسرائيليون حجمهم الحقيقي، فإن جيرانهم سيتعاملون معهم بشكل صحيح، وحتى ذلك اليوم، فإن الاحتفالات سابقة لأوانها».
ويبقى أنه رغم الحديث الإسرائيلي المتصاعد عن إمكانية تطبيع العلاقات مع الرياض، إلا أن المملكة، على المستوى الرسمي، تبقى متحفظة على ذلك.
فعندما تحدث الإعلام العبري عن زيارة أجراها أمير سعودي (لم يسمه) إلى (إسرائيل) في سبتمبر/أيلول الماضي، خرجت الرياض على لسان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، لتؤكد أن «هذا الخبر عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلا ولا يمت للحقيقة بصلة».
وأضاف المصدر دون أن تذكر وكالة «واس» السعودية الرسمية اسمه، بأن المملكة كانت دائما واضحة في تحركاتها واتصالاتها، وليس لديها ما تخفيه في هذا الشأن.