التباكي على داعش.. قول فاحش!
مقالات | 11 اكتوبر | مأر برس :
د/ أسماء الشهاري :
لم يكن كلاماً اعتباطياً أو كلاماً قيل في حالة حمق وغيظ، بل هو كلام خارج مما يعتمل في النفس ويدور في خلجاتها.
لا أخفيكم أن هكذا كلام وهكذا تفكير يكون ناتج عن حالة كبيرة من الرفاهية واللا مبالاة واللا مسئولية!
وقد يتساءل البعض كيف يكون ذلك ونحن في حالة عدوان وحرب؟
ببساطة عندما يكون المرء بعيداً جدًا ونائيًا بنفسه عن كل ما يحصل ويدور حوله في ظل هكذا ظروف وأوضاع من تآمر وحصار وعدوان وتحالف لما يقارب من ثماني عشرة دولة أو أكثر من بينها كبريات الدول في العالم على بلد واحد يحاول أبناؤه الدفع والتصدي بكل ما أمكنهم حتى يفشلوا هكذا تآمر، ويبطلوا هكذا عدوان، وقد جعلوا من أجسادهم درعًا حامياً لمن تبقى من أبناء وطنهم، منذ ما يقارب الثلاثة أعوام وهم يضخون الدماء إلى الجبهات حتى سالت كالأنهار!
نجد أسرة واحدة تقدم شهيداً وشهيدين وأربعة وحتى أكثر!
إذا ما قارنا بين الأم التي تبذل فلذة كبدها الأول والثاني جريح والثالث في الجبهة، وهذه ليست مبالغة لأننا نعرف الكثير من هذه الأسر شخصيا.
أي أب وأي أم هؤلاء وفوق ذلك نجد أن ظهر هذه الأم قد احدودب من كثرة ما تقوم بتزويد الجبهات بالكعك والمؤون وإلى جانبها الكثير من النساء اليمانيات العظيمات اللاتي منهن من يستقبلن شهداءهن بالزغاريد بل وإطلاق العيارات النارية!
هؤلاء في نفس الوقت يعانون من الجوع والحصار وانعدام المرتبات وكل ما يعاني منه الآخرون لكنهم في حالة بذل مستمر وسباق مع الزمن في التصدي لهذا العدوان الكوني على بلدهم.
لكن في نفس الوقت نجد المنعمين الذين يعتبرون أنهم يعيشون في حالة ترف، ونجد من هم في الجبهات في العراء يتحملون أصناف الأهوال وفوق ذلك يسقط منهم الكثير من الشهداء والجرحى في كل لحظة ولا نسمع صوتًا لأحدهم وهم يقدمون هذه التضحيات الجسيمة، بينما الآخرون يضجون ويتأففون ويصرخون ويبكون بل يتطاولون على من يفديهم بنفسه ودمه!
أي قبح وسخف وانحطاط أكبر من هذا؟
المرأة التي تقدم ابنها وزوجها وأخاها شهداء وربما لم يعد معها من يعولها، تظل في حالة استنفار ضد العدوان، ونسمع أخرى تصفق لمن يتطاول على من هو مدين لهم بحياته وحياة أسرته وكرامة وطنه، إلا إذا كان ممن يحبون العيش بدون كرامة فهذا كلام آخر!
وتقول بالصوت العالي داعش أرحم!
ربما إذا كانت فعلاً لم تر داعش على أرض الواقع الذي عاشه وعايشه الكثير من اليمنيين بل والكثير ممن على هذه الأرض، أو أنها تعيش على كوكب آخر غير الذي نعيش عليه!
وفي كل الأحوال نحن مستعدون للتضحية ولا نبالي أبداً بمن لم يدفع معنا، ومن تخلى حتى عن تعليم أطفالنا الذين يقولون لماذا بعضهم في الجبهات، هم بدلاً عن أولئك الذين لا نسلم حتى من آذاهم في كثير من الأحيان!
نحن جاهزون للتضحية وليست عندنا أي مشكلة إذا لم يشاركنا أحد في ذلك حتى آخر رجل منا، فقط كفوا أذاكم.
واليمن لا تحتاج شعارات بالكلام لأن هناك رب يحميها ورجال صادقين حاضرين في كل الميادين ولا توجد أي مشكلة عندهم في ذلك.
ما فائدة الكلام إذا كانت الأعمال معاكسة لها؟
إذا كان من الحلول أن تأخذوا هذا أو ذاك إلى أقرب جبهة لكي يصدقوا أننا في حالة عدوان، مثلاً جبهة نهم التي تبعد فقط عدد من الكيلومترات، ليلة واحدة فقط تكفي ليعرفوا ماذا يلاقي غيرهم من أجل سلامتهم وراحتهم، والتي إن سقطت سقطت العاصمة وسقطت اليمن بكلها لا قدر الله. هذا إذا لم يكونوا يسمعون الطائرات أو يعلمون شيئاً عن الضحايا من بداية العدوان!
نطالب الجميع أن يتحملوا مسئولياتهم وعلى رأسهم الحكومة في اتخاذ كل الإجراءات والحلول الممكنة وتفعيل القضاء ومحاربة الفساد، وأن تتحمل الأحزاب الوطنية مسئوليتها إن لم يكن في الدفع فعلى الأقل في إسكات الأصوات النشاز، والرجال في متارسهم والمعلمون في مدارسهم.
و بالمختصر حب الوطن ليس بالادعاء والكلام فقط، إذا لم تتحمل اليوم وإذا لم تضحِ فمتى ستضحي ؟
وإذا لم تثبت اليوم، فمتى ستثبت حقيقة حبك وانتمائك لوطنك؟