أشياء تُخيف الأمريكيين اكثر من الهجمات الإرهابية، فما هي؟+ صور وإحصائيات
متابعات | 7 اكتوبر | مأرب برس :
لقد كتب العالم السياسي الأمريكي “صموئيل هنتنغتون ” نظرية “صراع الحضارات” في عام 1992،عندما ألقاء خطاباً في أكاديمية “انتربرايز الأمريكية” والتي كانت رداً على أطروحة تلميذه “فرانسيس فوكوياما” التي جاءت تحت عنوان “نهاية التاريخ والإنسان الأخير”. ولقد قام ” هنتنغتون” بمناقشة هذه النظرية بشكل مفصل في عام 1993 وبعد ذلك قام في عام 1996 بكاتبة كتابه الذي جاء تحت عنوان “صراع الحضارات وإعادة النظام العالمي” وتجدر الإشارة هنا بأن هذا الكتاب واجه الكثير من الانتقادات من قِبل العديد من السياسيين والناس في جميع أنحاء العالم.
يعتقد “دومينيك موسيز” مؤسس نظرية “العاطفة الجيوسياسية”، بأن الشعوب الغربية تعيش في “ثقافة الخوف”.
في عام 2007، قام “دومينيك موسيز” الباحث في العلاقات الدولية الفرنسية وكبير مستشاري “المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية”، بنشر مقالاً بعنوان “صراع المشاعر” في مجلة “فارنهوبيز” الأمريكية ولقد كتب في ذلك المقال: ” نظرا لكل هذه الظروف، فإن الشيء الذي لا يزال غير معروفا بشكل جيد في وقتنا الحاضر هو أن عالمنا اليوم يواجه ظاهرة يمكن تسميتها ب”صراع المشاعر”.
بعد ذلك قام “موسيز” بفصل الثقافات الغربية والعربية الإسلامية والآسيوية عن بعضها البعض وقام بدارستها وبعد ذلك صرح بأن: “العالم الغربي يمتلك خصائص “ثقافة الخوف” والعالم العربي والإسلامي محاصرين في ثقافة “الازدراء والإحباط” وجزء كبير من العالم الآسيوي لديه ثقافة “الأمل”. وفي الوقت نفسه، لفت قائلا: “بالطبع، إن الثقافات المعنوية المذكورة أعلاه لا تشمل جميع المناطق في تلك العوالم، فهناك بعض المناطق، مثل روسيا وجزء من أمريكا اللاتينية، تملك كل تلك الثقافات في وقت واحد “.
“ثقافة الخوف”: نقطة الاشتراك والاختلاف بين أوروبا والولايات المتحدة
أشار “موسيز” بعد قيامه بمقارنة ثقافة “الإحباط” بثقافة “الخوف” إلى أن ثقافة “الإحباط” المنتشرة في العالم العربي والإسلامي (التي كانت نتيجة لتراجع ثقافة هذه المجتمعات بعد العصر الذهبي للعلوم والثقافة التي عاشت فيه في القرون الأولى للإسلام)، أدت إلى إيجاد تحالفات مبنية على أفكار التطرف في تلك البلدان ومن جهة اُخرى أدت ثقافة الخوف المنتشرة في البلدان الأروبية والأمريكية إلى ابتعادهما اكثر عن بعضهم البعض.
ومن جهته صرح أستاذ جامعي في جامعة “هارفارد” بأن العمليات الإرهابية والتفجيرات التي يقوم بها الإسلاميون المتطرفون تُعد من أحدى اهم المخاوف الأخرى التي يعاني منها الأوروبيين، حيث قال: “بعد التفجيرات التي حدثت عام 2004 في مدينة مدريد وتلك التي حدثت عام 2005 في مدينة لندن، واجه الأوروبيون الحقيقة المريرة واصبحوا على يقين بأن بلادهم ليست فقط أهدافا للإرهابيين ولكنها أيضا تُعد من اهم قواعدهم”.
يعتقد “موسيز”، بأن الخوف من التخلف الاقتصادي منتشر في أروبا: “فبالنسبة للعديد من الأروبيين، فأن العولمة تعادل عدم الاستقرار وقلة الوظائف. فهم يخشون من أن تصبح أروبا متحفا أكبر وأكثر حداثة من مدينة البندقية، التي تعد مكانا للسَياح والمتقاعدين، وليست مركزاً للإبداع والنفوذ “.
وفي سياق متصل يعتقد هذا العاِلم والمختص في الشؤون الدولية بأن الشعوب الأروبية تخاف من أن تهيمن عليها قوة أجنبية، حتى ولو كانت صديقة (مثل الولايات المتحدة) أو قوة غير قوية (مثل المفوضية الأوروبية). وأضاف: “أن تلك المخاوف يمكن حصرها في الخوف من فقدان السيطرة على الأرض والأمن والهوية (وباختصار المصير)”.
الأمريكيون يعيشون في مخاوف فقدان الهوية والهجمات الإرهابية
اكد مدير قسم الجغرافيا السياسية التابع “للجامعة الأوروبية” (المؤسسة التعليمية الأكثر تقدما في القضايا الأوروبية والتي تتخذ من العاصمة البولندية “وارسو” مقراً لها) على أن ثقافة الخوف تهيمن على الشعب الأمريكي، حيث قال: “هناك أيضا مخاوف من فقدان السيطرة في الولايات المتحدة، على الرغم من أن هذه المخاوف قد تضاءلت مع الاندماج الناجح للسكان الأسبان في أمريكا (بالمقارنة مع مشكلة اندماج المسلمين في أوروبا)، ولكن هذه المخاوف لا تزال واضحة بشكل كبير.
اعرب احد مستشاري معهد العلاقات الدولية في فرنسا، بأن “الوسواس ألامني” ازداد بين الأمريكيين بعد حادثة 11 سبتمبر بشكل ملفت ولكنه تسائل: كم دفعت الحكومة الأمريكية للسيطرة على هذا “[الجنون الأمني] وماذا قامت به ؟ واردف قائلا: “فمن جهة، خلقت الكثير من المشاكل للمسافرين الأجانب عند دخولهم إلى الأراضي الأمريكية ومن ناحية أخرى، كشفت تلك الأعمال التي تقوم بها الولايات المتحدة المنافية لحقوق الإنسان في “غوانتانامو” بأن أمريكا تفتقر للكثير من الأخلاق وان مزاعمها حول حقوق الإنسان ما هي إلا شعارات واهية.
“الجغرافيا السياسية للعواطف” ومستقبل العالم
لقد قام “موسيز” في عام 2009 بتوسيع مقاله الذي كان يدور حول “صراع العواطف” وبالتالي تم كتابة نظرية “الجغرافيا السياسية للعواطف” في شكل كتاب بعنوان “الجغرافيا السياسية للعاطفة: كيف تؤثر ثقافات الخوف والإحباط والأمل في تشكيل هذا العالم”. وفي هذا الكتاب، أشار “موسيز” إلى مفاهيم جديدة مثل “متعدد الأقطاب الغير متوازنة “. فمفهوم متعدد الأقطاب الغير متوازنة، تشير إلى أن هنالك جهات غير متكافئة تمتلك وجهات نظر مختلفة حول العالم، تتفاعل مع بعضها البعض. فعلى سبيل المثال، العولمة تسببت في انتشار الثقافة الأمريكية على نطاق واسع في العالم، ولكن من ناحية أخرى، أدت تلك العولمة إلى ازدهار الاقتصاد في البلدان الآسيوية وأصبحت تلك الدول رائدة في العالم.
يعيش الكثير من الشعب الأمريكي تحت تأثير الهجمات الإرهابية فهم لا يمانعون من إجراء المزيد من التدابير الأمنية ويخافون من السفر إلى الخارج.
لقد وصف “موسيز” ثقافة الخوف في الولايات المتحدة بشكل مفصل في كتابه وأشار إلى أن “جون ماكين” كان مرشحا للخوف في تلك الانتخابات الرئاسة التي أجريت في عام 2008، في حين كان “باراك أوباما” مرشحا للأمل. وفي رأيه، إن الأمريكيين يولون الكثير من الاهتمام بالمستقبل. وعلى الرغم من أن أحداث 11 سبتمبر، لم تكن هي المسبب الأساسي لانتشار ثقافة الخوف في أمريكا، إلا أن الكثير من الأمريكيين يلقون اللوم عليها ويتذكرون تلك الحادثة بشكل مستمر. ولقد اقر “موسيز” بأن أمريكا أصبحت رمزا للاضطهاد على مدى العقود الماضية، ولقد فقدت الصورة التقليدية لها وأسلوب الحياة الجيدة فيها.
من ناحية أخرى، اكد “موسيز” بأنه إذا استطاعت ثقافة الآمال الآسيوية أن تهيمن على العالم، فإن السلام سوف ينتشر في الشرق الأوسط ، وسوف تكون هناك إصلاحات كبيرة في الأمم المتحدة، وسوف تصبح أمريكا “شريك كبير” في العالم بدلا من كونها “مسيطر” وسوف تقوم روسيا برسم خريطة مفيدة لمستقبلها قي الغرب وسوف يُعم الحكم بالقانون في الصين وسيتم تطوير أفريقيا وستصبح “ميركوسور” (الاتحاد الاقتصادي والتجاري في أمريكا الجنوبية) مؤسسة متكاملة في المنطقة.
بعد خوفهم من “الغرباء”، يخشى الأمريكيين في الدرجة الثانية من “المسلمين”
أكبر المخاوف الأوروبية والأمريكية
تؤيد الإحصاءات الحالية بشأن المخاوف المنتشرة في أوروبا والولايات المتحدة، إلى حد كبير نظرية تفشي “ثقافة الخوف” في المجتمعات الغربية. وعلى العموم، فإن الأوروبيين (كبريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى إيطاليا وإسبانيا) يخشون من التهديدات الإرهابية أكثر من أي شيء آخر. وبطبيعة الحال، فإن نسبة المخاوف لكل بلد أوروبي تختلف عن الأخر، فعلى سبيل المثال، في المملكة المتحدة، تصدر الإرهاب الدولي بنسبة (77 في المئة)، والصراع المسلح بنسبة (60 في المئة) والأوبئة بنسبة (52٪)، وتغير المناخ بنسبة (39٪) وانتشار الأسلحة النووية بنسبة (31٪)، قائمة أكبر مخاوف ذلك الشعب.
المخاوف من المخلوقات الفضائية والمنازل التي تسكنها الأشباح، شائعة في أوساط الشعب الأمريكي
الأميركيون يخافون من القتلة ومن السفر للخارج
الأمريكيون لديهم إحصاءات مختلفة بالنسبة للأوروبيين. فوفقا للأرقام الأخيرة، فإن الناس في الولايات المتحدة للسنة الثالثة على التوالي قد حددوا الفساد بنسبة (59.66٪) كأكبر شئ يخافون منه وفي المرتبة الثانية جاءت الأسلحة والذخائر بنسبة (38.5 في المئة)، وبعد ذلك جاءت مخاوفهم بالترتيب التالي، وفاة أحبائهم بنسبة (38/1 في المئة)، والخوف من الانهيار المالي أو الاقتصادي بنسبة (37.5 في المئة) وسرقة الهوية بنسبة (37.1٪) ومرض أحبائهم بنسبة (35.9 في المئة) و قانون الرعاية الصحية / “أوباماكار” بأسعار معقولة بنسبة (35.5٪).
النتيجة
تبين الإحصاءات الواردة أعلاه أن ثقافة الخوف السائدة في البلدان الغربية ظاهرة حقيقية. وبغض النظر عما إذا كانت هذه الظاهرة ناجمة عن أحداث حقيقية مثل الأحداث الإرهابية التي وقعت في وقت سابق أو نتيجة لوسائل إعلامية مثل الروايات المستهدفة أو أفلام هوليوود، فإن الناس في الغرب لديهم “ثقافة الخوف” وتخلق هذه الثقافة فرصاً لا حصر لها للحكومات الغربية لتوجيه هذه الثقافة، لكسب الكثير من المنافع في الداخل وعلى الصعيد الدولي.
*الوقت التحليلي .