وزير الاستثمار السودانيّ يدعم علنًا تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإسرائيل
متابعات | 24 اغسطس | مارب برس :
في شهر أيلول (سبتمبر) من العام الفائت، كشف المراسل السياسي لصحيفة (هآرتس) العبريّة النقاب عن أنّ إسرائيل تبذل جهودًا حثيثة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمساعدة السلطة في السودان، وأضاف باراك رابيد أنّ الطلب الإسرائيليّ تمّ توجيهه إلى واشنطن وبروكسل وعواصم غربية أخرى بغرض تحسين علاقاتها مع الخرطوم، وتقديم بعض الحوافز لها، وهو ما أخذ قسطًا واضحًا في مباحثات أجراها توم شانون مساعد وزير الخارجية الأمريكيّ للشؤون السياسية خلال زيارته الأولى إلى تل أبيب.
وجاءت الخطوة الإسرائيليّة، بحسب المصادر السياسيّة في تل أبيب، كمحاولةٍ لردّ الجميل للسودان على موقفه المُعادي لإيران، والمؤيّد للمملكة العربيّة السعوديّة، التي تقود، كما شدّدّت المصادر عينها، معسكر الدول السُنيّة الذي يعتبر إيران العدو الأوّل ويتحالف سرًا مع إسرائيل لدرء هذا الخطر.
موقع (المصدر) قال اليوم إنّ إسرائيل فوجئت عندما سمعت أنّ وزير الاستثمار السوداني، مبارك الفاضل المهدي، يقول في مقابلة معه إنّه يدعم علنًا تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإسرائيل، بعد مرور أربعة أشهر فقط منذ بدأ بممارسة مهامه.
ولم يبقَ الإسرائيليون لا مبالين، فنشر موقع “هآرتس″ تصريحات المهدي في عنوان رئيسيّ. وغرد أيوب قرا، وزير الاتصالات الإسرائيليّ في تويتر ردًا على ذلك أنّه يدعو المهدي لزيارة إسرائيل، وقال في التغريدة: تسرني استضافته في إسرائيل لدفع عملية سياسية قدما في منطقتنا، كتب قرا.
وقال المهدي في مقابلة معه للقناة السودانية 24، يوم الأحد الماضي، إن الفلسطينيين طبعوا العلاقات مع إسرائيل، حتى حركة حماس تتحدث مع إسرائيل، ويحصل الفلسطينيون على أموال الضرائب من إسرائيل والكهرباء من إسرائيل. يجلس الفلسطينيون مع إسرائيل ويتحدثون مع الإسرائيليين. صحيح أن هناك نزاعًا بينهم، لكنهم يجلسون معهم.
ولفت الموقع إلى أنّه في عام 2015، قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران وانضم إلى داعمي السعودية والدول السنية. منذ ذلك الحين، بدأ يظهر أحيانًا في مقابلات ومؤتمرات تطرقت إلى السياسة الخارجية، اهتمامًا بإقامة علاقات دبلوماسيّة مع الدولة الوحيدة التي يحظر على السودان دخولها وهي إسرائيل.
وقال رئيس حزب الوسط الإسلامي السوداني، يوسف الكودة، قبل بضعة أشهر إنّه لا مانع دينيّ في إقامة علاقات مع إسرائيل. وقال قبل أقل من سنة، وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، إنّ تطبيع العلاقات مع إسرائيل هو قضية يمكن طرحها للنقاش. وبرأي الموقع الإسرائيليّ فإنّ الكودة وغندور هما ليسا الوحيدين الذين يتحدثان هكذا من بين جهات مختلفة من الخارطة السياسية السودانية.
وبصفته وزير الاستثمار، تابع الموقع الإسرائيليّ، يبدو أنّ المهدي يعتقد أنّ السودان عليه أنْ يكون منفتحًا أمام أسواق جديدة للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي بدأ يتعرض لها في السنوات الأخيرة بسبب العقوبات الدولية والعزلة الدبلوماسية المستمرة من قبل الغرب. وفق الأمثلة التي طرحها المهدي يبدو أنّه فحص جيدًا قضية العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين قبل أنْ يبلور ادعاءاته. وشددّ الموقع على أنّ الوزير السودانيّ تطرق إلى المشاكل في هذه العلاقات، التي لا يتحدث عنها غالبًا السياسيون العرب عندما يتحدثون عن إسرائيل أو الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
حتى الآن، تعامل السودان مع طالبي اللجوء من دارفور والذين يقيمون في إسرائيل بصفتهم خارقي القانون وخونة، بسبب دخولهم إلى إسرائيل فقط. لقد مات الشاب محمد أحمد، طالب اللجوء السوداني الأخير الذي عاد إلى السودان برحلة جوية من إسرائيل إلى السودان عبر مصر وهو في غرفة التحقيقات التابعة للسلطات السودانية خلال أقل من 48 ساعة من وصوله إلى موطنه. ولكن يشير المهدي إلى أن سكان دارفور الذين وصلوا إلى إسرائيل هم أول من عرف أنه يمكنهم العيش إلى جانب الإسرائيليين وأكثر من ذلك يشكل هذا إثباتًا على أن السودانيين لا يعتقدون أن هناك مشكلة في العلاقات مع إسرائيل أوْ أنّها تشكل “خطا أحمر”.
وكما هو الحال في السودان، رأى الموقع الإسرائيليّ، فإنّ الحديث عن إسرائيل في الدول السنية الأخرى أصبح جديًا ومعقدًا أكثر، ويأخذ بعين الاعتبار إمكانية التعاون مع إسرائيل حتى وإنْ لم يصل بعد إلى علاقات رسمية وعلنية. لهذا، من المثير للاهتمام الإشارة إلى أنّ الاهتمام السوداني حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل آخذ بالازدياد بالتوازي مع عملية التقارب بين السودان والتيار المركزي السني الذي ما زال لا يقيم معظمه علاقات دبلوماسيّة رسمية مع إسرائيل، فيما عدا في الأردن ومصر.
واختتم الموقع الإسرائيليّ ما أسماه بالتحليل الخّاص بالتساؤل الذي تركه مفتوحًا: هل الحوار السوداني حول جعل التطبيع مع إسرائيل شرعيًا يمثل البراعم الأولى التي تعكس التغيير العقائدي الذي يحدث تدريجيًا في الدول السُنيّة الأخرى؟.
*رأي اليوم .