ما لا تعرفه عن جزيرة غوام الهادئة ..وهل ستكون بوابة الحرب العالميّة الثالثة؟
تقارير | 12 اغسطس | مأرب برس :
على وقع ارتفاع حدّة التهديدات العسكريّة بين أمريكا وكوريا الشماليّة، تتّجه أنظار العالم في الأيام الأخيرة إلى جزيرة غوام الصغيرة غرب المحيط الهادئ، وذلك بعد أن هددت كوريا الشمالية بشن ضربة على قاعدة أمريكية تقع هناك.
اسم الجزيرة الأمريكية، الأسبانيّة الأصل، التي تفصلها عن كوريا 3300 كيلومتر فقط برز على الشاشات الإعلاميّة الأسبوع الماضي بعد وعيد “النار والغضب” المدوّي للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
كوريا الشمالية ردّت على تهديدات ترامب بقصف قاعدة عسكرية في الجزيرة الأمريكية، ليعود بعدها الرئيس الأمريكي ويردّ بعنف على كوريا الشمالية إن استهدفت جزيرة غوام الأمريكية في المحيط الهادئ، فما هي حقيقة هذه الجزيرة؟ ما هي أهميتها بالنسبة لواشنطن؟ وهل ستكون الشرارة الأولى في الحرب العالميّة الثالثة؟
جزيرة غوام
تنتمي جزيرة غوام إلى الأراضي الأمريكية منذ عام 1898، وهي أكبر جزر أرخبيل ماريانا، وتقع بين جزر هاواي والفلبين، ويبلغ تعداد سكانها، حسب تقييمات عام 2016، نحو 162 ألف شخص، يشكل السكان الأصليون 37 في المئة منهم، ويتحدثون عدة لغات على رأسها الإنكليزية والفلبينية وتشامورو (لغة السكان الأصليين ومعظمهم من هذه القوميّة).
وتشير دراسات علمية إلى أن جزيرة غوام كانت مأهولة منذ 4 آلاف عام، واكتشفها في عام 1521 البرتغالي فرديناند ماجلان، وأصبحت منذ عام 1561 ملكية إسبانية، حتى انتزاعها من قبل أمريكا خلال الحرب بين الدولتين، وقد تعرضت الجزيرة للاحتلال الياباني أثناء الفترة ما بين عامي 1941 و1944 خلال الحرب العالمية الثانية.
وتكتسب الجزيرة، التابعة أمريكا والبعيدة عن أراضيها الرئيسية جغرافيا، أهمية عسكرية كبيرة رغم أن مساحتها تزيد ثلاث مرات فقط عن مساحة العاصمة واشنطن. وتخضع هذه المستعمرة الإسبانية السابقة لسيطرة الولايات المتحدة منذ عام 1898 بعد تنازل إسبانيا عنها عقب انتهاء الحرب الأميركية- الإسبانية.
أهميّة استراتيجية
وتحظى الجزيرة الصغيرة بأهمية استراتيجية أولوية بالنسبة للولايات المتحدة، إذ أقيمت على أراضيها أهم المنشآت العسكرية لواشنطن في منطقة المحيط الهادي، حسب معلومات وكالة المخابرات الأمريكية (CIA).
توضح صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانيّة أن الجزيرة تعد أحد المواقع الأمريكية المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية، وأنشئت فيها قاعدة “غوام” البحرية وقاعدة “أندرسن” الجوية، ويقدر تعداد العسكريين المرابطين فيهما بنحو 6 ألاف عسكري.
وتضيف الصحيفة، نقلا عن مؤسسة Statista للإحصاءات، أن قاعدة “أندرسن” الجوية تشكل منطلقا لأسراب القاذفات الإستراتيجية “بي-1″ و”بي-2” و”بي-52″، فيما يرابط في القاعدة البحرية سرب من الغواصات الأمريكية. وقد اكتسبت غوام أهمية كبيرة في المحيط الهادئ خلال حرب فيتنام، إذ كانت قاعدة للمقاتلات من طراز B-52 التي نفذت مهمات في جنوب شرق آسيا، فضلا عن استخدامها كنقطة عبور لإجلاء اللاجئين الفيتناميين.
وتضم القاعدة سربا لمروحيات تابعة للبحرية وقاذفات للقوات الجوية، فضلا عن مدرجين ومخزن كبير للوقود والذخائر. وتحتضن الجزيرة أيضا قاعدة غوام البحرية التي تضم ميناء لأربع غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية وسفينتين لدعم الغواصات وتزويدها بالإمدادات. وتضم غوام أيضا درعا متطورة مضادة للصواريخ، هي منظومة ثاد القادرة على تدمير الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى والصواريخ في مرحلة تحليقها النهائية.
ويشير تقرير “ذي اندبندنت” إلى أن الجزيرة زودت بمنظومة “ثاد” الدفاعية المضادة للجو والصواريخ الباليستية، وهو ما مكن البيت الأبيض من إقناع حاكم غوام بأنه لا حاجة لتغيير مستوى الإنذار حتى في ظل تصريحات بيونغ يانغ النارية.
للسياحة أهمية أيضا
ورغم أن الجزيرة تعتمد بشكل رئيسي على حضور الجيش والإنفاق العسكري الأميركي، إلا أن للسياحة دورا مهما أيضا في اقتصادها إذ تؤمن ثلث فرص العمل فيها. فقد اجتذبت شواطئها ومجمعاتها الفندقية ومتاجرها أكثر من 1.5 مليون زائر في 2016 معظمهم من اليابانيين والكوريين الجنوبيين.
وتحتوي غوام على القطع الأثرية التي يعود تاريخها إلى عصر الإنسان1500 سنة قبل الميلاد. هناك بعض الصناعات الخفيفة في غوام والتي تعد مركزا هاما لإعادة الشحن في ميكرونيزيا وجزر المحيط الهادئ الأخرى . بعض السكان يمارسون زراعة الكفاف ، ولكن الزراعة على نطاق واسع لم تعد ممكنة بسبب المنشآت العسكرية التي تحتل الكثير من الأراضي .
هل يقضي صاروخ هواسونغ جزيرة غوام؟
تملك كوريا الشمالية خيارت عدّة لاستهداف الجزيرة الهادئة، من ضمنها صاروخ هواسونغ-12. ويقدّر الخبراء اليابانيون مدى صاروخ هواسونغ-12 بـ4500 كيلومتر.
صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية ذكرت أن صاروخا من هذا النوع حلق لمسافة 787 كيلومترا أثناء تجربته في مايو/أيار 2017 ولكنه صعد إبان ذلك إلى علو يتجاوز 2000 كيلومتر. وتعادل المسافة بين كوريا الشمالية وجزيرة غوام 4000 كيلومتر.
ويعتبر استهداف الجزيرة وفق مجلة أتلانتك الأمريكية تهديداً حقيقياً لأمريكا حيث يعتبر موقع الجزيرة هجورياً لأمريكا لأنه في منتصف الطريق بين شبه الجزيرة الكورية المضطربة وبحر جنوب الصين، حيث تخوض الصين نزاعات إقليمية مع العديد من جيرانها، والبعض منهم حلفاء أمريكا.
ورأت المجلة أن تهديد كوريا الشمالية بضرب غوام لا يؤثر فقط في صميم المصالح الأميركية في المنطقة، ولكن أيضا يضرب جوهر انعدام الأمن الذي يشعر به سكان غوام الذين يريدون أن تغادرها الولايات المتحدة.